تنظيم داعش.. تواصلٌ أكثر ونيران أقلّ، تكتيك أميركي جديد  
تنظيم داعش.. تواصلٌ أكثر ونيران أقلّ،  تكتيك أميركي جديد  

أكتوبر 9, 2020 | دراسات

تواصلٌ أكثر ونيران أقلّ.. عنوان التكتيك الأميركي الجديد في مواجهة داعش والميليشيات في سوريا والعراق -تنظيم داعش

العرب اللندنية – شرعت الولايات المتّحدة في تحويل جزء هامّ من مجهودها الحربي ضدّ تنظيم داعش والميليشيات الشيعية الموالية لإيران في كل من سوريا والعراق، نحو ميدان التواصل والدعاية، في وقت اتّجهت فيه واشنطن إلى تقليص حضورها العسكري هناك، الأمر الذي أذكى رغبة قوى منافسة في ملء الفراغ عكستها الدعاية الإيرانية الروسية التركية المضادة للدور الأميركي في المنطقة. وهي دعاية قرّر الجنرالات الأميركيون أن يجعلوا من الهواتف الذكية الأحدث من نوعها خط الدفاع الأوّل ضدّها.

وأبرز تقرير نشرته مجلّة فورين بوليسي مؤخّرا تحت عنوان “الحرب من أجل مستقبل سوريا والعراق ستخاض على الهواتف الذكية” الدور المحوري الذي اضطلع به المتحدث السابق باسم التحالف الدولي ضدّ تنظيم داعش العقيد مايلز كاغينز كعقل مدبّر للحرب الاتصالية والدعائية الجديدة للتحالف الذي تقوده بلاده.وتبنّى كاغينز المؤمن بشدّة بدور المعلومات والاتصال في الحروب الحديثة فكرة وجوب الوثوق بحسن استخدام الجنود لكاميرات الهواتف الذكية بالاستناد إلى الثقة التي تمنح لهم وهم يمسكون ببنادقهم، وقد نجح في انتزاع موافقة على تزويد جنود الشؤون العامة الأميركيين العاملين ضمن التحالف الدولي ضدّ داعش في العراق بهواتف آيفون 11 برو ماكس وذلك لاستخدامها في مواجهة “تحدّ أكبر يواجه التحالف وخاصة الجنود الأميركيين وهو الأخبار الكاذبة التي تنتشر في العراق وسوريا ولتوضيح مهمة التحالف”.

ويؤمن الضابط الأميركي ذو البشرة السوداء والذي يعتبر أن لون بشرته أحد العوامل الميسّرة لتواصله مع العديد من الأوساط السورية والعراقية بأنّه يجب على الولايات المتحدة مواجهة حرب معلومات معقدة من الجماعات الموالية لإيران ومن النظام السوري ومن روسيا، والتي تهدف إلى تقليل الثقة في المهمة المعادية لتنظيم داعش في العراق وسوريا.

مزيج من القتال والدعاية -تنظيم داعش 

على مدى الأشهر الستة الماضية، يقول تقرير المجلّة الأميركية، “كانت هناك زيادة في الهجمات الصاروخية والعبوات الناسفة على الأفراد الأميركيين في العراق من قبل الجماعات التي تتباهى بالعمل على إخراج الأميركيين من البلاد”.

ويتم نشر مقاطع فيديو للهجمات على الإنترنت لإرسال رسالة إلى واشنطن كما تنشر جماعات موالية لإيران مثل ميليشيا حزب الله النجباء بانتظام رسائل تتهم الولايات المتحدة باستخدام سفارتها كقاعدة عسكرية، وذلك لتبرير شنّ المزيد من الهجمات، كما تنشر وسائل الإعلام الإيرانية اتهامات يومية للولايات المتحدة بارتكاب تجاوزات كبيرة في سوريا مثل نهب النفط السوري. وبينما تضايق القوات البرية الروسية الدوريات الأميركية على الأراضي السورية تصوّر وسائل الإعلام الروسية ما يحدث من احتكاكات محدودة للجنود الرّوس مع تلك الدوريات بأنّها ناتجة عن أخطاء يرتكبها الجنود الأميركيون.

وتم تصميم هذا المزيج من المواجهة العسكرية في العراق وسوريا مع الرسائل المعدة للاستهلاك المحلي والقادة الإقليميين لتقويض الوجود العسكري الأميركي. وفي خطوة غير مسبوقة في أواخر سبتمبر الماضي، أخبرت واشنطن بغداد أنه إذا لم تتوقف الهجمات على السفارة والموظفين الأميركيين، فإن الولايات المتحدة ستخلي مجمع سفارتها الضخم الواقع في قلب بغداد.

وعندما وصل كاغينز إلى المنطقة في أغسطس 2019 كان لضباط الشؤون العامة في التحالف الدولي ضدّ داعش صلات قليلة مع نظرائهم في قوات سوريا الديمقراطية. وعلى الرغم من مضي أربع سنوات من العمل معا، إلاّ أن حساب التحالف على تويتر لم يتابع حتى ما ينشر على حساب مصطفى بالي المتحدث باسم تلك القوات في شمال سوريا. فكان كاغينز أول متحدث رسمي يغرد باللغة الكردية ويتواصل مع نظرائه في سوريا الديمقراطية لتنسيق الرسائل.

ويظهر استخدام التحالف للتغريدات لإرسال رسائل إلى الخصوم والحلفاء على الطريقة التي تتأثر بها الحروب بوسائل التواصل الاجتماعي اليوم. وكونه متحدثا رسميا، وصف كاغينز شائعات الهجمات على القوافل الأميركية بأنها خاطئة وأبدى تضامنه مع العشائر التي عانت من مذابح داعش، وذلك لمعرفته بأنّ لتلك العشائر دورا مهما في معاضدة قوات التحالف. كما أن الحد من انتشار الأخبار المزيفة المؤيدة لإيران أمر أساسي أيضا لردع التصعيد.

ووصل كاغينز إلى العراق العام الماضي بصفته أكبر مسؤول للشؤون العامة في التحالف. وكونه كان من ضمن الجنود القدامى في السنوات الأولى للحرب الأميركية في العراق، فقد عمل في محافظة ديالى في عام 2003 وانتقل إلى الشؤون العامة للجيش في عام 2006 وكان ضابطا في الفرقة المدرعة الأولى في جنوب العراق سنتي 2009 و2010.

تقليص القوات وتكثيف التواصل-تنظيم داعش 

خلال عمله كمتحدث رسمي واظب كاغينز على التغريد باللغة الكردية وتنمية العلاقات المحلية والضغط من أجل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل استباقي. ورغم أنّه غادر المنصب في شهر سبتمبر الماضي، لكن رؤيته يمكن أن تغير الطريقة التي تخوض بها الولايات المتحدة حروبا مستقبلية وتوضح الصراع الذي واجهته واشنطن في هذه اللحظة المفصلية في بغداد. تنظيم داعش

ويعني الغزو التركي بشمال وشرق سوريا والتوترات الأميركية الإيرانية في العراق أن دور الولايات المتحدة المستمر على رأس التحالف الدولي ضد داعش بات موضع شك. وكانت زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الولايات في شهر أغسطس الماضي جزءا من تطوير الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وقال الرئيس دونالد ترامب خلال اجتماعه مع المسؤول العراقي إن الجيش الأميركي في العراق تم تقليصه إلى عدد قليل جدا من الجنود.

ويتركز وجود هؤلاء الجنود الآن في عدد قليل من القواعد بعد أن سلم التحالف أكثر من ستة مواقع وقواعد للقوات العراقية في عام 2020، وهم يواجهون هجمات صاروخية متكرّرة من قبل الميليشيات الموالية لإيران. كما أشار ترامب الصيف الماضي إلى أن الولايات المتحدة قد أكملت انسحابها من المناطق الحدودية السورية وستتخذ قرارا بشأن ما إذا كانت ستبقى وتواصل تأمين النفط في جنوب شرق سوريا.

وأرسلت القيادة المركزية الأميركية مؤخرا مركبات برادلي المدرعة إلى سوريا لتعزيز الوجود الأميركي هناك بينما تفكر إدارة ترامب في الخطوة التي يجب اتخاذها بعد ذلك.وخلال هذه الفترة الهشة والصعبة بالنسبة للقوات الأميركية، نما دور ضباط الشؤون العامة. ونظرا لأن القوات الأميركية محصورة داخل قواعدها، ولم تعد في أغلب الأحيان تخرج في دوريات مع قوات باقي الدول المشاركة في التحالف، فضلا عن انتشار فايروس كورونا مما تسبب في المزيد من العزلة عن القوات الشريكة، فإنّ مختلف تلك العوامل حتّمت التركيز بشكل أكبر على حرب المعلومات.

وغالبا ما يتم تجاهل هذا الجانب من الجهود الأميركية في العراق وسوريا أو يتم اعتباره أمرا مسلّما به. وأثناء الحرب ضد داعش، ظهرت الحاجة إلى الحصول على معلومات أو الرد على الاستفسارات المتعلقة بمقتل المدنيين وتقديم الردود في ساحة المعركة.ومع ذلك، فإن الدور المتزايد لروسيا والنظام السوري في شرق سوريا حيث غالبا ما تواجه الدوريات الأميركية تحرّشات روسية، والحاجة إلى الرد على مقاطع الفيديو الدعائية في العراق من قبل الجماعات الموالية لإيران، أضافت أبعادا جديدة للصراع.

وفي فبراير الماضي كانت دورية أميركية تسير عبر قرية بالقرب من مدينة القامشلي عندما صادفت مجموعة من المسلحين في ثياب مدنية. وبعد إطلاق النار رد الأميركيون بإطلاق بالمثل. فالتقط النظام السوري الحادثة لتصوير الأميركيين على أنهم يقتلون المدنيين. لكن الحقيقة كانت على الأرجح أن الروس ساعدوا في التحريض على هذا الحادث.

تكمن مشكلة القوات الأميركية في أنها بحاجة إلى معلومات استخباراتية متقدمة حول المناطق التي تدعم النظام السوري وأيها أكثر تعاطفا مع الولايات المتحدة. وهذا يعني أن تكون على اتصال دائم على الأرض، وكذلك منح الجنود إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا ليتمكنوا من مواجهة الدعاية التي تطرحها دمشق وموسكو. وعلى سبيل المثال، يبدو أن الروس يحصلون على مقاطع فيديو للحوادث على الإنترنت بسرعة، لذلك يجب على المتحدث باسم الولايات المتحدة أن يدحض باستمرار الروايات التي تنتشر في سوريا والعراق حول قيام الولايات المتحدة بنشر صواريخ باتريوت أو حرق محاصيل المزارعين.

ويقول سيث فرانزمان محرر التقرير لفورين بوليسي “عندما اتصلت بكاغينز في العراق في أوائل أغسطس، كان من الواضح لي أنّه قد أوجد مفهوما مختلفا لكيفية القتال في فضاء المعلومات، فقد صاغ أوّلا رسائل أقل رسمية وأكثر شخصية احتفالا بنجاح عمليات عسكرية ولإضفاء الطابع الإنساني على التحالف”.

وفي 15 أغسطس قدم كاغينز نائب المتحدث الرسمي الرائد غابي طومسون، بتغريدة باللغات الإنجليزية والعربية والكردية. كما أنه خصص وقتا لمجموعة متنوعة من فرق الأخبار المحلية، والتحدث مباشرة إلى السكان المحليين بلغتهم أكثر من مجرد الرد على استفسارات وسائل الإعلام الغربية. وطوال العام الماضي، قام بتحسين اتصالات التحالف مع السكان المحليين، واستجاب بسرعة وبشكل شخصي متخطيا البيروقراطية ومختصرا أوقات الانتظار الطويلة التي تربك أولئك الذين يحاولون الحصول على إجابة من وزارة الدفاع الأميركية.

لا نصر بلا مصداقية

على مدار التاريخ، كان الجيش الأميركي على دراية بأهمية الرسائل والرد على الجمهور في عملياته. لكن تغيرت سياسة السماح بوصول الصحافيين بشكل جذري من حرب فيتنام عندما ركب الصحافيون طائرات الهيليكوبتر إلى حرب الخليج والحرب على داعش حيث غيّر البنتاغون سياساته بشأن الصحافيين المعتمدين وإمكانية وصولهم إلى المعلومات. وكان لفضائح مثل فضيحة سجن أبوغريب قرب العاصمة العراقية بغداد والتي تفجّرت بسبب تورّط جنود أميركيين في تعذيب معتقلين عراقيين بطرق بشعة ومهينة، والخلافات مثل تلك المتعلقة باستقالة قائد القوات الدولية في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال، تأثير في تغيير مسار الحروب.

ويقول كاغينز إن دورة دراسية في مدرسة هارفارد كينيدي فتحت عينيه على الحاجة إلى أن يكون محبوبا وذا مصداقية. وهذا يعني التحدث أكثر بعبارات واضحة مع المزيد من الصور ومقاطع الفيديو وفهم منصات التواصل الاجتماعي الشائعة اليوم. كما يعرب عن اعتقاده بأهمية إظهار الوجه الإنساني للتحالف الدولي ضدّ داعش. ونظرا لاندلاع أزمة فايروس كورونا، فإن هذا كان يعني أن معظم العراقيين والسوريين لن يروا أبدا أفراد التحالف، لذلك كان من الضروري على الأقل وضع وجوههم على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي عالم من الروايات التي تحركها وسائل التواصل الاجتماعي، قام كاغينز شخصيا بالتغريد إلى حوالي 100 ألف متابع عبر تويتر لحساب “العزم المتأصّل” التابع للتحالف. وفي أوائل أغسطس، نشر صورة لجنود إسبان يلعبون كرة القدم، وكانت رسالته الفرعية هي أن التحالف ليس مجرد جنود أميركيين يحملون مدافع رشاشة.

ويوضّح الضابط الأميركي الكبير أن التحالف يضم العديد من الدول، ورسالته هي أن الجنود ليسوا جميعا روبوتات يرتدون دروعا واقية ويحاربون إرهابيي داعش. وقد اختار كاغينز صورة مع جنود إسبان، من بينهم امرأة عضو في الوحدة، لإبراز تنوع التحالف هذا لأن نشر القوات لا يدور فقط حول الهجمات الصاروخية والعبوات الناسفة فهناك مظاهر أخرى من الحياة في المعكسرات.

ومع كل ما حدث من تغيرات في الصراع على أرض العراق لم يعد الجلوس في مكتب بقاعدة في جوار سفارة الولايات المتحدة في بغداد يمثّل أفضل طريقة للقيام بالشؤون العامة. وكان هذا أحد الأسباب التي جعلت كاغينز يطلب هواتف لجنوده. ففي عام 2020 أصبح كل شخص تقريبا يمتلك هاتفا ذكيا. وعلى نحو متزايد في العراق وسوريا يستخدم أعداء الولايات المتحدة الهواتف الذكية في جميع الأوقات لتسجيل الحوادث. وتتطلب الاستجابة لتلك الحوادث الحصول على المعلومات أولا والقدرة على تسجيل القصة من وجهة النظر الخاصة بالطرف المعني بها.

رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=4510

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

مكافحة الإرهاب ـ استراتيجية شاملة أمنية بين فرنسا والمغرب

مكافحة الإرهاب ـ استراتيجية شاملة أمنية بين فرنسا والمغرب

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا مباشر مع مراسل :ما أهداف زيارة وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان إلى المغرب؟ mc-doualiya - قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان الإثنين إن بلاده عازمة على تعزيز تعاونها الأمني مع المغرب في مكافحة الإرهاب وتأمين الألعاب...

توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي من اليمين المتطرف

توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي من اليمين المتطرف

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا توقيف مساعد نائب ألماني يميني في البرلمان الأوروبي بشبهة التجسس للصين فرانكفورت (ألمانيا) (أ ف ب) – أعلنت السلطات القضائية الألمانية الثلاثاء توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي من اليمين المتشدد بشبهة التجسس لصالح...

ملاحقات بحق متهمين بالتجسس لصالح الصين في ألمانيا وبريطانيا

ملاحقات بحق متهمين بالتجسس لصالح الصين في ألمانيا وبريطانيا

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا بريطانيا وألمانيا: ملاحقات بحق متهمين بالتجسس لصالح الصين independentarabia - اتهامات للمعتقلين بجمع معلومات حول تقنيات وتسليمها لبكين و"نقل لمعرفة" إليها ملخص قبل بضعة أشهر أشار وزير التعليم الألماني إلى أخطار التجسس العلمي من...

Share This