اليمين المتطرف ـ حقبة سياسية جديدة في أوروبا
اليمين المتطرف

أكتوبر 23, 2022 | دراسات

سر إعجاب اليمين المتطرف ببوتين

الحرة ـ “يوم عظيم لليمين الأوروبي”، هكذا وصف رئيس الوزراء المجري المناهض لبروكسل، فيكتور أوربان، فوز اليمين المتطرف في إيطاليا بزعامة جورجيا ميلوني التي أدت اليمين الدستورية، السبت.والاثنين الماضي، انتخب البرلمان السويدي الزعيم المحافظ أولف كريسترسون رئيسا للوزراء في جلسة تصويت شهدت دعما غير مسبوق من “ديمقراطيي السويد” (يمين متشدد) لليمين التقليدي، ما يمثل حقبة سياسية جديدة في هذا البلد الواقع في شمال أوروبا.صعود اليمين المتطرف إلى السلطة في عدد من الدول الأوربية يقلق أوروبا والولايات المتحدة، نظرا لوجود وشائج بين القوى السياسية اليمينية والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب مراقبين. فلماذا ينجذب اليمين المتطرف إلى بوتين؟

اليمين الأوروبي

يعتقد المحلل الباحث، حسين الإيبش، أن “شعبية بوتين تتفاقم لدى الجناح اليمني، إذ يُنظر له على أنه القائد الفعلي لتجمع دولي يضم المحافظين المتطرفين الداعمين للقومية”.ويتابع الإيبش في رد على استفسارات موقع “الحرة” أنه على الرغم من عدم وجود تنسيق عملي بين السياسيين اليمنيين وبوتين بشكل مباشر إلا أن لديهم ما يشبه “مجتمعا لتبادل الأفكار”، ناهيك عن وجود “إعجاب بأفكار بعضهم البعض”. ويضيف أن “بوتين ربما هو الأكثر شعبية بين اليمنيين المتطرفين، لأنه الأكثر نجاحا دون مساومة في تطبيق الأجندة والمثل العليا الخاصة بهم، إذ أنشأ دولة فاشية متطورة في روسية، تمتلك أسلحة نووية، لا تتسامح مع إي إنتقاد، ويكره المثليين ويقدم نفسه على أنه (بطل الحضارة الغربية المسيحية)”.

ووفق تقرير لوكالة رويترز، فقد أصبح بوتين جاذبا لليمين المتطرف في أوروبا لعدة أسباب، أهمها أنهم ينظرون إليه على أنه “حامي القيم الأوروبية”، خاصة في القضايا المرتبطة بمناهضة “الشذوذ الجنسي”، ناهيك عن وجود خصم مشترك لهم وهو “الاتحاد الأوروبي”، فبعض التيارات السياسية ترى أن وجود هذا الاتحاد “سلب السيادة من الدول الأعضاء في أوروبا”. وزاد التقرير أن أهم أسباب الانجذاب لبوتين “أسلوب قيادته” وقبضته القوية على الأحزاب والبرلمانات، إضافة لسعيه لاستعادة “العظمة” و”النزعة القومية” ردا على المشاكل في أوروبا، وهو ما دفع بوتين لتقديم دعم مالي لأحزاب يمينية أوروبية في سنوات سابقة.

ويشير الأستاذ في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، حسن منيمنة إلى إن التأييد “من الجهات اليمنية المتطرفة الأوروبية لبوتين كان أكبر قبل غزوه لأوكرانيا، على اعتبار أنه يقف في وجه العولمة التي تقودها الولايات المتحدة”. وأضاف منيمنة في حديث لموقع “الحرة” أنه رغم وجود بعض “الغزل أو التأييد من بعض السياسيين اليمنيين في أوروبا لبوتين، هم يدركون تماما أنهم لا يستطيعون التخلي أو القطيعة مع الولايات المتحدة، خاصة وأن شخص بوتين يركز على القومية الأوراسية بعيدا عن التقارب مع الأوربيين”.

وتلقت ميلوني التهاني، من عدد من القادة اليمنيين في أوروبا. وقال رئيس الوزراء البولندي، ماتيوس مورافيسكي إن “تحديات غير مسبوقة تنتظرنا، لذا نحتاج إلى قيادة مصممة وشجاعة”، بينما أشادت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبن بحكومة ميلوني قائلة “في جميع أنحاء أوروبا، يصل الوطنيون إلى السلطة ومعهم أوروبا التي نطالب بها”. وحققت ميلوني فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية الإيطالية في 25 سبتمبر وتمكنت من تلميع صورة حزبها “أخوة إيطاليا” للفاشيين الجدد واعتلاء السلطة بعد مرور قرن بالضبط على تولي الديكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني الحكم في بلادها، وقد أعربت ميلوني سابقا عن إعجابها به.

ويعتقد مراقبون أن الفوز الذي يحققه اليمين المتطرف في أوروبا، قد يعتبر ميزة هامة لبوتين، سيحاول استغلالها لأبعد حد، وفق مقال افتتاحي نشرته صحيفة واشنطن بوست منتصف سبتمبر.وكانت الصحيفة قد وصفت احتمالية فوز اليمين المتطرف في إيطاليا بأنه “حدث زلزالي” قد يدفع إلى تهميش البلاد داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة مع الوعود التي أطلقتها ميلوني بمنع المهاجرين من النزول على الشواطئ الإيطالية، ومهاجمة المثليين والمتحولين جنسيا.

ورغم مواقف ميلوني التي أعلنت عنها في ما يتعلق بمهاجمة الحرب الروسية على أوكرانيا، إلا أن مواقف شركائها خاصة زعيم حزب الرابطة اليميني ماتيو سالفيني تثير الجدل، بعد تشكيكه في فاعلية العقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو، معتبرا أن العقوبات تؤذي أوروبا بشكل كبير.وتشير الصحيفة إلى أن مثل هذا الكلام بمثابة “بلسم” لبوتين، إذ إن تصاعد الخلافات في منطقة اليورو في ملف العقوبات على موسكو، يعتبر فرصة لروسيا للحد من العقوبات.

ويقول جيرالدو مونتيرو، مدير المركز البرازيلي للدراسات والأبحاث في جامعة ريو لوكالة فرانس برس “في أوروبا، من إيطاليا (أخوة إيطاليا) إلى المجر (التحالف المدني – فيديس) مرورا ببولندا (حزب القانون والعدالة) وكذلك السويد (ديمقراطيو السويد) أو فرنسا (التجمع الوطني) تريد كل أحزاب اليمين القومي “إغلاق الحدود وتحميل المهاجرين مسؤولية الأزمات”.

اليمين الأميركي

عام 2017، نشرت مجلة “ذا أتلانتك” دراسة أشارت فيها إلى أن “القوميين الشعبويين المحافظين في كل من الولايات المتحدة وأوروبا ينظرون إلى بوتين كحليف محتمل لأنهم يركزون على مجموعة متناقضة بشكل حاد من الأولويات: مقاومة التطرف الإسلامي، وتفكيك التكامل الاقتصادي العالمي، ومحاربة علمنة المجتمعات الغربية”، لكن “غزو بوتين الكارثي لأوكرانيا إلى حول المعبود السابق لليمين المتطرف إلى شخصية سامة بين العديد ممن اعتادوا أن يكونوا أعظم المعجبين به”، بحسب مقال رأي لـ”سي.أن.أن”

في المقابل، يرى الكاتب حسن منيمنة إن اليمين المتطرف الأميركي “قد يكون أكثر ميلا لتأييد بوتين في الوقت الحالي، إذ أنه يختلف عن الأوروبيين بأنه لا يحمل أي تعاطف تجاه أوكرانيا”.وأضاف منيمنة أن “اليمين الأميركي، ينظر لهذه الحرب على أنها (حرب بيضاء) أي أنها بين طرفين من العرق الأبيض”،ويؤمنون بوجود “مؤامرة لتوريط بوتين في الحرب في إشارة إلى أن اليهود خلف ما يحدث”.يرى منيمنة أن هذا الرأي لا “يتماهى مع ما هو موجود على أرض الواقع، خاصة وأن بوتين يعتمد على عدد كبير من اليهود في للاستمرار بدعمه”.

ويتفق الأيبش على أن “الحرب في أوكرانيا كانت كارثة لروسيا، إلا أنها عززت سمعة بوتين لدى اليمين المتطرف، رغم أنها حرب عدوانية إلى درجة الإبادة الجماعية، فلا يرى بوتين أنه يوجد ما يسمى أوكرانيا، وهي فقط تابعة لروسيا”.ووصف الأيبش ما حققه بوتين في الحرب على أوكرانيا بأنه “فشل كبير”، ولكن رغم ذلك فإن هذا الأمر يحظى بإعجاب اليمين المتطرف في أوروبا والولايات المتحدة”، مشيرا إلى أن شخصيات سياسية بارزة مثل “دونالد ترامب وسيلفيو برلسكوني لا تزال معجبة بفلاديمير بوتين”.

ويشرح تقرير لصحيفة الغارديان بأن جاذبية “بوتين” لليمين المتطرف أكان في أوروبا أو الولايات المتحدة أمر مبرر و”منطقي على الأقل”، إذ إنه مناهض للديمقراطية، وهم كذلك، وهو لا يدعم حقوق الإنسان، وهم كذلك، وهو يقدم نفسه على أنه رجل قوي يريد جعل بلاده “عظيمة” مرة أخرى.

لكن تحليلا نشرته مجلة “بوليتكو” يشير إلى أن العديد من “المعجبين السابقين ببوتين من اليمين الأوروبي المناهضين للهجرة سارعوا إلى النأي بأنفسهم عنه بعد غزوه لأوكرانيا”، خاصة في ظل اجتياح “موجات من التعاطف الشعبي مع الأوكرانيين، وأصبح أشد المعارضين لقبول اللاجئين من سوريا وأفغانتسان سابقا، يرحبون بالأوكرانيين الهاربين من الحرب”.

رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=9429

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي ـ مساع أوروبية لزيادة تمويل السودان

الاتحاد الأوروبي ـ مساع أوروبية لزيادة تمويل السودان

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا مع مرور عام على الحرب.. مساع أوروبية لزيادة تمويل السودان الحرة - يسعى وزراء خارجية فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى جمع مزيد من التمويل للسودان، الاثنين، عندما يجتمعون في باريس بالتزامن مع الذكرى الأولى لاندلاع الصراع.ولا...

مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ مخاوف متصاعدة

مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ مخاوف متصاعدة

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا ألمانيا- توقيف ثلاثة أشخاص بشبهة الإرهاب DW - قال مكتب المدعي العام في دوسلدورف إن ثلاثة شباب أودعوا السجن "للاشتباه بقوة" في "التخطيط لشن هجوم إرهابي بدوافع إسلاموية". وتم تنفيذ عمليات تفتيش واعتقال بناء على طلب مكتب ملاحقة...

مكافحة الإرهاب في فرنسا ـ تعزيز الإجراءات الأمنية بشكل كبير

مكافحة الإرهاب في فرنسا ـ تعزيز الإجراءات الأمنية بشكل كبير

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا رغم "التهديد الإرهابي".. مباريات دوري أبطال أوروبا تقام في موعدها وسط تشديد الإجراءات الأمنية (CNN) -- صرّح وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، للصحفيين، الثلاثاء، بأن شرطة باريس "ستعزز الإجراءات الأمنية بشكل كبير"، قبل...

Share This