اليمين المتطرف ـ التمييز العنصري و مكافحة العنصرية في ألمانيا
اليمين المتطرف

سبتمبر 3, 2022 | دراسات

هجمات عنصرية في مدن شرق ألمانيا…هل تدفع لاجئين للفرار منها؟

مهاجر نيوز ـ في السنوات الأخيرة، يواجه العديد من طالبي اللجوء والمهاجرين مواقف عنصرية قد تنعكس في الحياة اليومية أو حتى هجمات عنيفة في ألمانيا، كالهجوم الذي وقع على مركز إيواء للاجئين في مدينة لايبزيغ في ولاية ساكسونيا قبل أيام. فما سبب تصاعد كراهية الأجانب هناك؟.”انتبه أنت في الولاية الأكثر عنصرية في ألمانيا”، هذه احدة من عبارات التحذير التي سمعها محمد وهو طالبي سوري يعيش في لايبزيغ الواقعة في ولاية سكسونيا الألمانية. وغالباً ما تصنف ولاية ساكسونيا، التي تقع في أقصى شرق ألمانيا وعلى الحدود مع بولندا وجمهورية التشيك، على أنها من أعلى الولايات الألمانية في نسبة جرائم العنف ضد المهاجرين في السنوات الأخيرة، حتى أن عاصمتها دريسدن شهدت حادثة شهيرة هزت العالم، وهي مقتل صيدلانية مصرية، على يد مواطن ألماني، بـ 18 طعنة داخل قاعة المحكمة في عام 2009.

قبل أيام، شهدت مدينة لايبزيغ، والتي تعتبر من أكبر مدن ولاية ساكسونيا، اعتداءات عنصرية في حيث ألقى مجهولون عبوات حارقة على مأوى للاجئين ليلة الجمعة/السبت (26/27 آب/أغسطس 2022). وذكر المكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية ساكسونيا بشرق البلاد أن قوات الأمن تمكنت من إخماد الحريق سريعا، ولم تقع سوى أضرار طفيفة، دون أن يصاب أحد. وفر الجناة عقب ارتكاب الجريمة، ولا تستبعد الشرطة وجود دوافع سياسية وراء الهجوم. ويذكر أن المأوى الذي يقع في حي لاوزن-غروناو يضم 225 مكانا للاجئين. كما تناولت بعض الصحف الألمانية المحلية مؤخرا حادثة عنصرية وقعت في مدينة لايبزيغ أيضا، حيث تم رفض طلب رجل يدعى (ميشال بيدا) مع زوجته وابنته لاستئجار حديقة في (إلينبرورغ) شمال شرق لايبزيغ من قبل مجلس إدارة نادي حديقة “Grüner Fink”، والسبب أن الرجل ليس لديه جواز سفر ألماني. الأمر الذي تسبب بغضب الابنة ودفعها لنشر القصة التي وصفتها بـ “تصريح عنصري” وتصرف تعسفي ضد والدها، على صفحتها في الفيسبوك مشيرة إلى أن والدها يعيش منذ 10 سنوات في ألمانيا ويتحدث خمس لغات كما أنه يتمتع بسجل نظيف. بحسب ما نشرته صحيفة (لايبزيغر فولكس تسايتونغ LVZ).

التمييز العنصري في شرق ألمانيا.. اليمين المتطرف

وقد كشفت نتائج دراسة نشرت في أيار/ مايو 2022 أن قرابة 45 في المائة تعرضوا لحادثة عنصرية مرة واحدة على الأقل في حياتهم، بينما قال 22 في المائة من المشاركين في الدراسة إنهم يتعرضون للعنصرية بشكل مباشر.واعتمدت الدراسة التي أجراها المركز الألماني لأبحاث الاندماج والهجرة “DeZIM” في برلين على استطلاع آراء 5 آلاف شخص، قال 65 في المائة منهم إنهم “يعتقدون أن مشكلة تمييز عنصري تنبع من سلطات الدولة في ألمانيا”.وفي السياق، كشفت الدراسة أن المسلمين واليهود والمنحدرين من أصل إفريقي أو آسيوي ومهاجري أوروبا الشرقية والغجرهم “المجتمعات التي غالباً ما تعاني من التمييز العنصري في ألمانيا”. بحسب ما نشره موقع صحيفة “تسايت” الألمانية.

هذه الدراسة وغيرها تؤكد على وجود ظاهرة العنصرية في ألمانيا وخاصة الولايات الشرقية ولذلك أسباب حسبما يوضح رشدي شياح وهو صحفي متابع للشأن الألماني، في حواره مع مهاجر نيوز. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها ألمانيا بمؤسساتها الرسمية وغير الرسمية لمكافحة العنصرية بكافة أشكالها، إلا أن الأمر مازال يشكل تحديا كبيرا يستدعي جهدا أكبر لمحاربة ظاهرة العنصرية التي تهدد المجتمع، وتبث الخوف خاصة في شرق المانيا أو بما يسمى محليا لدى الألمان بالمقاطعات الجديدة. وهي المقاطعات التي كانت تشكل جمهورية ألمانيا الشرقية سابقا.

و قال: ” كانت نتائج استطلاعات لدراسة قامت بها جامعة لايبزيغ في شهرأيار / مايو 2020 قد  أظهرت ان العنصرية في غرب ألمانيا سجلت تراجعا في نسبة الأشخاص الذين لديهم نظرة يمينية متطرفة من 5.2 في المائة إلى 3 في المائة، إلا أنها ارتفعت في الشرق من 8.5 في المائة إلى 9.5 في المائة”. وتابع: ” قد يكون تاريخ شرق ألمانيا لاعبا أساسيا في تشكل النظرة العامة حول الأجانب، حيث لازال سكان الشرق الألماني يشعرون بأنهم مهمشون مقارنة بنظرائهم بغرب ألمانيا وأن كل وافد جديد هو تهديد لمناصب عملهم ما يعني تهديدا اقتصاديا وتهديد لثقافتهم المحافظة”.

كما أشار إلى أن الشرق الألماني يعتبر المعقل الأهم للأحزاب اليمينية على غرار حزب البديل الذي يقدِّم نفسه على أنه الحزب الذي يمثل مصالح ألمانيا الشرقية والتي حقق  بها فعلا نتائج كبيرة بسبب استثماره في الخوف واستغلاله قضايا الرأي العام مثل الهجرة والتنوع الاجتماعي والبيئي.

مكافحة العنصرية!

أما محمد الذي تلقى الكثير من التحذيرات من العيش في لايبتزيغ شرق ألمانيا فكانت تجربته مختلفة. فالطالب السوري يعمل بدوام جزئي في أحد المطاعم المعروفة في المدينة. يصف محمد المدينة بقوله “مدينة هادئة وجميلة.. لا أفكر بالانتقال منها”. وتابع في حواره مع مهاجر نيوز أنه عند وصوله في بداية الأمر إلى ألمانيا تقدم بطلب اللجوء في لايبزيغ بمحض الصدفة، وأنها لم تكن اختياره. حتى أن خطته الأساسية بعد أن يحصل على الإقامة، كانت مغادرة لايبزيغ والانتقال إلى الولايات الغربية بناء على ما سمعه من معارفه في تلك المناطق ومن التحذيرات الي يتلقاها بسبب وجوده في لايبزيغ “إنها مدينة فقيرة وعنصرية ستعاني الأمرين يجب أن تتنقل منها بسرعة”. غير أن محمد قد رأى ما هو عكس بعد مضي ما يقارب 3  سنوات من إقامته في المدينة، قائلاً إنه لم يتعرض لموقف عنصري “مصيري” في لايبزيغ أبدا، “ألقى معاملة لطيفة غالبا حتى خلال متابعتي للمعاملات الرسمية التي يشتكي منها كثير من اللاجئين.. وحتى وسط العمل.. الناس لطفاء”. واستدرك : “بالطبع قد واجهت بعض المواقف السلبية ولكن أعتقد أنها فردية ولا تختلف عما قد نتعرض له في بلدنا الأم”.

ويرى شياحي، أن الحكومة  تبذل جهوداً كبيرة على مستوى الولايات الاتحادية وعلى المستوى المحلي، من أجل تقديم تربية مكثفة تواجه العنصرية وتدعم قيم التسامح و التعايش. وقال لمهاجر نيوز: ” يلاحظ ذلك حتى في المدارس الحكومية التي تخصص تظاهرات لمكافخة العنصرية”.  مؤكدا على أن جهود المجتمع المدني بدعم من الدوائر الرسمية وغير الرسمية لا يمكن تجاهلها في محاربة العنصرية، و هناك بألمانيا مؤسسات عديدة تعمل في مواجهة العنصرية والتطرف اليميني، “دون أن ننسى الدستور الألماني الذي يحمي كرامة الانسان التي تشكل أساسا مهما للعيش المشترك”.

رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=9201

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

ملاحقات بحق متهمين بالتجسس لصالح الصين في ألمانيا وبريطانيا

ملاحقات بحق متهمين بالتجسس لصالح الصين في ألمانيا وبريطانيا

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا بريطانيا وألمانيا: ملاحقات بحق متهمين بالتجسس لصالح الصين independentarabia - اتهامات للمعتقلين بجمع معلومات حول تقنيات وتسليمها لبكين و"نقل لمعرفة" إليها ملخص قبل بضعة أشهر أشار وزير التعليم الألماني إلى أخطار التجسس العلمي من...

لا مشكلة بألمانيا مع المسلمين بل مع متطرفيهم

لا مشكلة بألمانيا مع المسلمين بل مع متطرفيهم

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا ميرتس: لا مشكلة بألمانيا مع المسلمين بل مع متطرفيهم DW - أكد زعيم أكبر حزب ألماني معارض -الحزب المسيحي الديمقراطي- أن الغالبية العظمى من المسلمين ببلاده يعيشون كجزء من ألمانيا دون أية مشكلات لكنه أضاف: "لدينا بألمانيا مشكلات...

أمن دولي ـ هل يتحول الصراع في الشرق الأوسط إلى “حرب مفتوحة”؟

أمن دولي ـ هل يتحول الصراع في الشرق الأوسط إلى “حرب مفتوحة”؟

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا هل يتحول الصراع في الشرق الأوسط إلى "حرب مفتوحة"؟ الحرة - تصعيد على عدة مستويات على أكثر من جبهة، يدفع منطقة الشرق الأوسط إلى احتمالات "حرب مفتوحة"، والتي قد تعني دخول المنطقة في حروب لا نهاية أو حدود لها، خاصة بعد تحطم...

Share This