داعش ـ استراتيجية الضرب من السماء
داعش

يوليو 16, 2022 | دراسات

3 رؤوس في نصف عام”.. ماذا تبقى لداعش بعد “استراتيجية السماء”؟ -داعش

الحرة ـ تعتبر الأشهر الستة الماضية من عام 2022 “استثنائية” بالنسبة لتنظيم “داعش” وبالتحديد قادته، والذين تحولوا إلى هدف متواتر لـ”استراتيجية الضرب من السماء”، التي باتت تتبعها الولايات المتحدة الأميركية إلى حد كبير، في حربها المستمرة ضد التنظيم الإرهابي.وقبل أيام أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مقتل زعيم “داعش” في سوريا، ماهر العقال، بعد استهدافه بضربة جوية من طائرة مسيرة، في أثناء تنقله على دراجة نارية في منطقة جنديرس بريف حلب الشمالي. وجاءت هذه الحادثة بعد أقل من شهر من عملية إنزال نفذتها قوات التحالف الدولي، الذي تقوده أميركا في مدينة جرابلس، شمالي حلب، حيث اعتقلت هاني أحمد الكردي، الذي يُعرف باسم “سليم”، وكان يشغل في السابق منصب “والي الرقة” في التنظيم.وهاتان الحادثتان كان قد سبقهما ضربة أميركية “أكبر”، في يناير 2022، حيث قتلت قوات أميركية زعيم “داعش”، عبد الله قرداش والمعروف باسم “أبو إبراهيم القرشي”، بعد تنفيذها عملية إنزال جوي في المكان الذي كان يختبئ فيه، شمال محافظة إدلب السورية.

ما الذي يحصل؟-داعش

رغم أن الحرب التي بدأتها الولايات المتحدة الأميركية على “داعش” ليست بجديدة بل تعود إلى عام 2014، إلا أنها باتت تختلف في الوقت الحالي، من زاوية الأهداف من جهة والآلية التي يتم الضرب من خلالها من جهة أخرى. وبينما تركزت الضربات الأميركية على رؤوس “داعش” والقادة الكبار، وخاصة منذ مطلع العام الحالي، كان ملاحظا أن الآلية باتت تنحصر ضمن “استراتيجية الضرب من فوق” أو “الضرب من السماء”، حسب ما يقول مراقبون، في إشارة إلى تنفيذ الاستهدافات التي تتم من خلال الطائرات المسيرة.وفي تعليقه على مقتل ماهر العقال، اعتبر الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن القضاء على العقال “يبعث برسالة قوية إلى جميع الإرهابيين الذين يهددون العالم”.

وشدد، في بيان، على أن “عملية اليوم توضح أن الولايات المتحدة لا يلزمها إرسال الآلاف من القوات في مهام قتالية، لتحديد التهديدات التي تواجهها والقضاء عليها”.وأضاف الرئيس الأميركي أن “هذه الضربة الجوية تمثل تتويجا لعمل استخباراتي حازم ودقيق، وتقف كدليل على شجاعة ومهارة قواتنا المسلحة”.ولم يسبق وأن تردد اسم العقال” كثيرا ضمن قائمة الشخصيات التي تمسك بزمام أمور “داعش”، لكن وبعد مقتله تبين أنه أحد كبار “قادة التنظيم الخمسة”، حسب بيان البنتاغون.

وبينما لم يحدد البنتاغون أسماء الشخصيات المتبقية في أعلى هرم “داعش”، يشرح ماهر فرغلي، وهو باحث في شؤون الجماعات المتشددة، أن القادة المتبقين هم: القائد العام جمعة عواد البدري شقيق “أبو بكر البغدادي” و”أبو محمد المصري” و”أبو هاشم الجزراوي” وزياد جوهر عبد الله” وبشار خطاب غزال الصميدعي ونايف حمد شياع، أبو صالح الجزراوي، أبو سعد الليبي، أبوعبدالله القاضي الغلامي.

ويشير فرغلي، في حديث لموقع “الحرة”، إلى أسماء أخرى تنحصر ضمن “اللجنة المفوضة”، حيث يرأسها معتز نعمان عبدالنايف الجبوري، وزياد جوهر عبدالله، وبشار خطاب غزال الصميدي، ونايف حمد شياع.واعتبر الباحث أن “ضرب القيادات لن يؤثر على عمل التنظيم، خاصة أنه يتم استبدالهم بقادة آخرين، بينما يتم الحرص على السرية في اختيار الأسماء الجديدة”.ويضيف فرغلي: “الضربات قد تؤثر على خلخلة التنظيم لفترة، وفقدان القادة الميدانيين. لكن داعش أراه مستمرا وسيعمل على استبدال القيادات”.

وذلك ما يراه أيضا الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، حسن أبو هنية، بينما يشير إلى أن التصعيد الأميركي في استهداف قادة “داعش” مرتبط بالانتقادات التي باتت تتعرض لها إدارة الرئيس بايدن حول النهج المتبع في محاربة الإرهاب.ويوضح أبو هنية لموقع “الحرة”: “هناك انتقادات بسبب الانشغال بأوكرانيا، وأن قضية الإرهاب لم تعد مهمة”.وتريد إدارة بايدن من خلال الضربات، حسب الباحث، القول إننا “لن نترك المنطقة ومكافحة الإرهاب”، بينما تؤكد على استراتيجية عدم وجود القوات على الأرض، ونجاح استراتيجية الضرب من السماء، من خلال العمل الاستخباراتي والطائرات المسيرة.

تأثير وقتي أم دائم؟ -داعش

وأيام قليلة كانت قد فصلت “ضربة ماهل العقال” عن نشر  السيناتور الأميركي، ليندسي غراهام، مقال رأي على موقع “فوكس نيوز”، حيث حذر من أن “صعود داعش في سوريا هو تهديد لأسلوب حياتنا الأميركي”.وطالب غراهام الرئيس الأميركي “جو بايدن والكونغرس بالعمل، معا من أجل إيجاد حل في سوريا قبل فوات الأوان”.ويكمن الحل وفق فكرة السيناتور الأميركي الذي زار تركيا وسوريا، خلال الأيام الماضية، بأن يستهدف وبشكل خاص المشكلة التي تلوح في الأفق في شمال وشرق البلاد، والتي تتمثل بمخاوف الأمن القومي المشروعة لتركيا، وما يقابلها من التشكيل العسكري الذي ترى أنقرة فيه تهديدا لها، وهو “قوات سوريا الديمقراطية”.

وأضاف غراهام: “التحدي الذي يواجهنا في المضي قدما هو كيف ندعم أولئك الذين ساعدونا في تدمير خلافة داعش دون تقويض الأمن القومي التركي؟ لقد أزعجت هذه المشكلة الإدارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء”.ويستدعي ما سبق “اهتماما عاجلا”، بحسب السيناتور، مشيرا إلى أن “داعش بدأ بالظهور من جديد في شمال شرق سوريا”، وبالتالي فإن المكاسب التي حققتها أميركا لتدمير الخلافة “في خطر”.ورغم الضربات الكبيرة التي تعرض لها، وبشكل خاص في سوريا، إلا أن “داعش” ما يزال نشطا عسكريا وأمنيا، سواء في الصحراء السورية أو مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” في الشرق ومناطق سيطرة النظام السوري وفصائل المعارضة، في بقية أنحاء البلاد.

وتحدث الباحث أبو هنية عن “جيل جديد لا أعتقد أن الأميركان أو غيرهم يعرفون مكانهم”، وذلك بعيدا عن القادة التقليديين المعروفين بالأسماء المترددة.ويضيف الباحث: “داعش ينفذ عملية هنا ويفشل بأخرى هناك وهذا شيء طبيعي. قد ينجو البغدادي من الملاحقة ومن ثم يقتل. هو أمر طبيعي وليس غريب وهذا موجود في كل الحركات”.وبينما يعتبر ماهر العقال “نجاحا”، إلا أنه “أنشأ هياكل بالتأكيد، وأن البنية التنظيمية لداعش صلبة وقادرة على وضع أشخاص في مكانه”، حسب أبو هنية.ويتابع: “أمريكا تشير إلى أنه واحد من 5 أشخاص مهمين في داعش. لا أعتقد أن الكلام صحيح، بل هو من الأشخاص المهمين المعروفين على الأقل”.

من جانبه، يوضح الباحث ماهر فرغلي أن “سياسة أميركا بالاصطياد من فوق قديمة ومستمرة وتضعف التنظيمات، لكن داعش مستمر وموجود في أماكن وعرة ومساحة جغرافية شاسعة”.ويضيف فرغلي: “له قيادات آخرين مؤثرين لا يزالوا موجودين. العقال كان يمسك بداعش في سوريا. فقده له تأثير وقتي وليس مستمرا”.

“تحذيرات سابقة”

وبعد مقتل “القرشي” وبينما اتفقت الآراء أن الضربة تعتبر “قاسمة بالنسبة لداعش”، أكدت في منحى آخر أن خطر نشاطه قد يتواصل في المرحلة المقبلة، لاسيما أن معظم الهجمات تتم بناء على قرارات “لا مركزية”، أي كل مجموعة على حدى.وحذر وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، في فبراير 2022 من عودة داعش في سوريا والعراق وأفغانستان، بقوله: “لا تزال القاعدة وداعش والجماعات المنتسبة لهما تعتبر تهديدات خطيرة، فيما تتزايد الهجمات الإرهابية القائمة على كراهية الأجانب والعنصرية والتعصب”.

وأضاف أن “الفروع الإقليمية لتنظيم داعش خارج سوريا والعراق استمرت في التوسع على نطاق وسرعة مقلقين، بفضل انتشار الأسلحة التقليدية وغيرها، لا سيما في أماكن الصراع الهشة”.وقبل ذلك، في يوليو 2021، نشر “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” تقريرا أوضح فيه أن “تصور تنظيم داعش الاستراتيجي حول المنطقة الجغرافية والوقت والانتصار يمثل عنصرا حاسما لإمكانية عودة ظهوره في المستقبل”.بالرغم من أن “داعش” قد تعرض لضربات موجعة خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية، إلا أنه أثبت قدرته الكبيرة على الصمود، حتى أنه قام بتوسيع أراضيه وتنويع عملياته عامي 2020 و2021.

وأضاف التقرير أن التنظيم “يمتلك أيديولوجيا فريدة وراسخة، تشكلت من خلال تصريحات كبار قادته، وتتكيف جيدا مع الخسائر الإقليمية الأخيرة”.وجاء فيه: “من هذا المنطلق، وبالتطلع إلى الأمام، سيكون من الضروري معالجة وفهم الممارسات الأيديولوجية للتنظيم من أجل مكافحة أي عودة مستقبلية له بشكل فعال”.

رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=8938

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي من اليمين المتطرف

توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي من اليمين المتطرف

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا توقيف مساعد نائب ألماني يميني في البرلمان الأوروبي بشبهة التجسس للصين فرانكفورت (ألمانيا) (أ ف ب) – أعلنت السلطات القضائية الألمانية الثلاثاء توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي من اليمين المتشدد بشبهة التجسس لصالح...

ملاحقات بحق متهمين بالتجسس لصالح الصين في ألمانيا وبريطانيا

ملاحقات بحق متهمين بالتجسس لصالح الصين في ألمانيا وبريطانيا

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا بريطانيا وألمانيا: ملاحقات بحق متهمين بالتجسس لصالح الصين independentarabia - اتهامات للمعتقلين بجمع معلومات حول تقنيات وتسليمها لبكين و"نقل لمعرفة" إليها ملخص قبل بضعة أشهر أشار وزير التعليم الألماني إلى أخطار التجسس العلمي من...

لا مشكلة بألمانيا مع المسلمين بل مع متطرفيهم

لا مشكلة بألمانيا مع المسلمين بل مع متطرفيهم

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا ميرتس: لا مشكلة بألمانيا مع المسلمين بل مع متطرفيهم DW - أكد زعيم أكبر حزب ألماني معارض -الحزب المسيحي الديمقراطي- أن الغالبية العظمى من المسلمين ببلاده يعيشون كجزء من ألمانيا دون أية مشكلات لكنه أضاف: "لدينا بألمانيا مشكلات...

Share This