مكافحة الإرهاب في فرنسا ـ مخاوف من التطرف اليميني والإسلاموي
مكافحة الإرهاب في فرنسا ـ مخاوف من التطرف اليميني والإسلاموي

أكتوبر 2, 2021 | دراسات

تحليل: إغلاق المساجد في فرنسا وانتخابات «الاستبدال الكبير» – مكافحة الإرهاب

الشرق الأوسط ـ تفوح رائحة انتخابية قوية من قرارات وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمنان، إغلاق ستة مساجد وحلّ جمعية وإقفال دار نشر بتهمة «التشدد».وأشار الوزير في مقابلة صحافية إلى أن حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون قد أغلقت 650 مركزاً دعوياً منذ 2017 بعدما أجرت 24 ألف تحقيق، وأنها قد حظرت إقامة الصلاة في 89 مكاناً منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.التدين المتشدد أو «الانفصالي» هو العنوان المفضل في الحملة الانتخابية التي ستقود بعد سبعة أشهر إلى اختيار رئيس جديد للجمهورية الغارقة في عدد كبير من الأزمات الاقتصادية والسياسية. ويبدو التصويب على المهاجرين والمسلمين هدفاً سهلاً بعد سلسلة الهجمات الإرهابية التي شنها تنظيم «داعش» في العقد الماضي والتي وصلت إلى ذروتها مع محاولة تفجير ملعب «ستاد دو فرنس» ومرتادي المقاهي والمطاعم وقتل حضور حفلة موسيقية في مسرح «باتاكلان» في 13 نوفمبر 2015، كما شملت اعتداءات على مقر مجلة «تشارلي إيبدو» وفي نيس وستراسبورغ وغيرها.

كما يأتي القرار بعد ثلاث أسابيع من بدء محاكمة المتهمين بالمشاركة في هجمات 2015 والتي أعادت إحياء آلام أهالي الضحايا خصوصاً بعد احتجاج المتهم الرئيسي صلاح عبد السلام على سوء وضعه في السجن.وعرّف عبد السلام عن نفسه في بداية الجلسة بأنه «جندي في داعش»، ما وفّر منصة ممتازة لجميع مرشحي اليمين الفرنسي للتركيز على علاقة المهاجرين بالإرهاب. وقد اعتُقل عبد السلام الذي يُعتقد أنه المشارك الوحيد في عمليات باريس الذي بقي حياً، في بلجيكا في 2016، أما المتهمون الثلاثة عشر الباقون فشاركوا في التمويل والتخطيط. مكافحة الإرهاب

غنيٌّ عن البيان أن المناخ العام المأزوم في فرنسا يرجع إلى تضافر عدد من العوامل، شكّل «الانفصال الإسلامي» شعاراً مناسباً لاستغلاله. وآخر ما يُسجل في خانة التأزم الفرنسي كان إلغاء أستراليا صفقة غواصات «باراكودا» مقابل الحصول على تكنولوجيا الغواصات النووية من الولايات المتحدة.إلى جانب الخسائر المالية الضخمة، أعلن الإجراء الأسترالي عن تراجع المكانة الدولية لفرنسا التي تعد من «الثوابت» في نظر السياسيين الفرنسيين الذين يرفضون الاعتراف بانحسار أهمية بلدهم على الصعيد العالمي.يضاف إلى ذلك، الفشل الفرنسي في التصدي لوباء «كوفيد – 19» سواء من ناحية منع التفشي الواسع للمرض في المرحلة الأولى، والعجز عن إنتاج لقاح على غرار ما فعل باقي الدول المتقدمة، والبطء في إطلاق حملات التلقيح، ناهيك برفض نصف الفرنسيين تقريباً تلقي اللقاح واعتراضهم على إجراءات الدخول إلى الأماكن العامة. مكافحة الإرهاب

وتمتد الأزمة إلى الاقتصاد الذي يبدو عالقاً في حلقة مفرغة من تدني القدرة التنافسية وخسارة الأسواق والوظائف وانعكاسات ذلك على ارتفاع التوتر الاجتماعي وغضب الشارع الذي عبّرت عنه حركة «السترات الصفر».على هذه الخلفية، كان انهيار الأحزاب التاريخية التي سيطرت على المشهد السياسي بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يبدو الحزب الاشتراكي والحركة الديغولية الممثَّلة بحزب «الجمهوريين» –على سبيل المثال- ظلّين شاحبين لما كانا عليه. وكان هذا الانهيار افتتاحاً لمرحلة جديدة من السياسة الفرنسية تطغى عليها الهواجس والمخاوف من البطالة والفقر وضياع المكتسبات الاجتماعية والاقتصادية.

أجواء الخوف والخشية من المستقبل كانت الحاضنة المثالية لتقدم التيارات الشعبوية اليمينية واليسارية وظهور شخصيات ركبت موجة الإحباط العام. المعلق التلفزيوني إريك زيمور، مثالاً لا حصراً، حصل في آخر استطلاع للرأي على تأييد 13% من الناخبين إذا قرر الترشح للانتخابات الرئاسية في أبريل (نيسان) المقبل. هذه النسبة جاء أكثرها من تخلي ما يقارب نصف مؤيدي مرشحة «التجمع الوطني» (الجبهة الوطنية سابقاً) مارين لوبن عنها لمصلحة زيمور الأكثر تطرفاً في عدائه للمهاجرين (ينحدر هو نفسه من عائلة من يهود الجزائر) واللاجئين والمسلمين. وكانت استطلاعات سابقة قد تكهنت بحصول لوبن على 28% من أصوات الدورة الانتخابية الأولى انخفضت إلى 16%، مقابل 23% للرئيس الحالي إيمانويل ماكرون الذي حافظ على موقعه عند تحديث الأرقام. مكافحة الإرهاب

في المقابل، لا يحصل مرشحو اليسار واليمين التقليديون إلا على نسب تأييد أقل تأثيراً أهمها 14% لكزافييه برتران مرشح اليمين المستقل، و13% لجان لوك ميلانشون عن حركة «فرنسا غير الخاضعة» اليسارية الشعبوية.زيمور لم يعلن ترشحه رسمياً بعد. لكنه يتابع حملاته على المهاجرين و«الانفصال الإسلامي».وشعارات وقف «الاستبدال الكبير» –حسب عنوان كتاب رينو كامو الذي يحذّر من مؤامرة متخيَّلة لإحلال المهاجرين الأفارقة والمسلمين مكان السكان الفرنسيين الأوروبيين والمسيحيين- تطفو على سطح الحدث الفرنسي وتجد في الكثير من الأحزاب من يستخدمها كتورية للوضع الداخلي الذي يتطلب علاجات صعبة ومؤلمة.

رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=7252

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

من هو سعد العولقي زعيم تنظيم “القاعدة” في جزيرة العرب؟

من هو سعد العولقي زعيم تنظيم “القاعدة” في جزيرة العرب؟

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا من هو سعد العولقي الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب؟ mc-doualiya - دبي (أ ف ب) – أعادت وفاة زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب خالد باطرفي وتعيين سعد العولقي خلفاً له، تسليط الضوء على نشاط التنظيم الذي شهد خلال السنوات...

اليمين المتطرف ـ لماذا يعود إلى ألمانيا مجددا؟

اليمين المتطرف ـ لماذا يعود إلى ألمانيا مجددا؟

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا لماذا يعود اليمين المتطرف إلى ألمانيا مجددا؟ اندبندنت عربية ـ ظن الألمان أن بلادهم باتت محصنة ضد القومية بعد أن تجرعت مرارة الماضي، لكنهم أخطأوا يستفيق الشعب الألماني اليوم على ضرورة التصدي لصعود حزب "البديل من أجل ألمانيا"...

خارطة انتشار تنظيم داعش حول العالم 

خارطة انتشار تنظيم داعش حول العالم 

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا "بين المركز والفرع".. خارطة انتشار تنظيم داعش حول العالم الحرة - في ذات التوقيت الذي صادف الذكرى الخامسة لإنهاء "خلافته" على الأرض في سوريا بعث تنظيم داعش الإرهابي رسالة من نار للعالم، مفادها أنه "لم ينته" ولم يعد نشاطه يقتصر...

Share This