ما هو مستقبل “داعش”؟
داعش خراسان ـ ارتفاع التهديد الأمني على أوروبا

يوليو 2, 2023 | دراسات

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا

مستقبل “داعش”

المجلة ـ فيما يتسارع التطبيع الإقليمي مع دمشق بشكل ملحوظ، تقدّم التغطية الإعلامية للأحداث هذه التطورات عموما على أنها تغيير كبير وواعد لصالح سوريا ومستقبلها. لكن هل هناك سبب وجيه يدفعنا للاعتقاد بالفعل بأن التغيير الجوهري الحقيقي أمر محتمل ووارد؟ حتى الآن، لم تسفر مسارات إعادة المشاركة التي قامت بها بعض الحكومات الإقليمية منذ عام 2018 تجاه دمشق عن أي تغيير إيجابي داخل سوريا، بل على العكس، تنحدر الأمور على أرض الواقع من سيئ إلى أسوأ منذ ذلك الحين. وتوصف مرحلة الانخراط الجديدة متعددة الأطراف بأنها مشروطة، ولكن من غير المرجح أن يجري إيقافها والتراجع عنها بمجرد أن يتضح أن النظام غير مستعد بطبيعته لتقديم تنازلات جوهرية.

ومن الممكن أن يقدم النظام بعض التنازلات الطفيفة، في الأسابيع والأشهر المقبلة، تكفي لإطالة عملية التطبيع، ولكي يجعل من المستحيل عكس المسار. ومع ذلك، إذا تقرر تمديد وصول المساعدات عبر الحدود، وتراجعت وتيرة تهريب الكبتاغون، وأعلن- ربما- عن عفو محدود، فلن يعني ذلك حقيقة أن أيا من التحديات الرئيسة المرتبطة بالأزمة السورية قد وجدت سبيلها إلى الحلّ بالفعل. ولن يوافق ملايين اللاجئين السوريين على العودة أبدا، ولن يُعرف مصير أكثر من 100 ألف شخص من المفقودين– المفترض أنهم معتقلون أو قُتلوا في سجون النظام- وسيستمر الكبتاغون في التدفق، نظرا إلى هوامش الربح الهائلة المرتبطة بهذه التجارة.

حتى الآن، لم تسفر مسارات إعادة المشاركة التي قامت بها بعض الحكومات الإقليمية منذ عام 2018 تجاه دمشق عن أي تغيير إيجابي داخل سوريا، بل على العكس، تنحدر الأمور على أرض الواقع من سيئ إلى أسوأ منذ ذلك الحين. وتوصف مرحلة الانخراط الجديدة متعددة الأطراف بأنها مشروطة، ولكن من غير المرجح أن يجري إيقافها والتراجع عنها بمجرد أن يتضح أن النظام غير مستعد بطبيعته لتقديم تنازلات جوهرية.

ومن الممكن أن يقدم النظام بعض التنازلات الطفيفة، في الأسابيع والأشهر المقبلة، تكفي لإطالة عملية التطبيع، ولكي يجعل من المستحيل عكس المسار. ومع ذلك، إذا تقرر تمديد وصول المساعدات عبر الحدود، وتراجعت وتيرة تهريب الكبتاغون، وأعلن- ربما- عن عفو محدود، فلن يعني ذلك حقيقة أن أيا من التحديات الرئيسة المرتبطة بالأزمة السورية قد وجدت سبيلها إلى الحلّ بالفعل. ولن يوافق ملايين اللاجئين السوريين على العودة أبدا، ولن يُعرف مصير أكثر من 100 ألف شخص من المفقودين– المفترض أنهم معتقلون أو قُتلوا في سجون النظام- وسيستمر الكبتاغون في التدفق، نظرا إلى هوامش الربح الهائلة المرتبطة بهذه التجارة.

وأهم من ذلك كله، لن تكون هناك تسوية سياسية حقيقية وشاملة، وبالتالي، ستظل جميع عوامل عدم الاستقرار المنهك قائمة في سوريا، بل سيزداد الكثير منها سوءا بشكل ملحوظ.وبالنسبة لـ”داعش” وأخواته، تمثل هذه التطورات الجديدة وتداعياتها أفضل سيناريو يمكن أن يحلموا به. ففي ظلّ حالة عدم اليقين العميقة الناتجة عن التطبيع الإقليمي، وتهاوي آمال أكثر من 12 مليون سوري يعيشون خارج سيطرة النظام بشكل كبير، سيجد “داعش” في ذلك فرصا كثيرة. أضف إلى ذلك أن الزيادة الأخيرة في المشاركة الإقليمية مع دمشق وجهت ضربة قاسية إلى النفوذ الأميركي والأوروبي على السياسة السورية، مما يلقي بظلال من الشك الآن على استدامة الوجود العسكري الأميركي في الشمال الشرقي.

إذا ما سحب الأميركيون قواتهم في نهاية المطاف، ستتلاشى الجهود الوحيدة الفعالة حاليا للسيطرة على “داعش” وتقويضه داخل سوريا، إذ إن القوات الأميركية لعبت وما تزال دورا حيويا في شل قدرات “داعش” على امتداد ثلث مساحة سوريا، وكذلك في العراق المجاورفإذا ما سحب الأميركيون قواتهم في نهاية المطاف، ستتلاشى الجهود الوحيدة الفعالة حاليا للسيطرة على “داعش” وتقويضه داخل سوريا، إذ إن القوات الأميركية لعبت وما تزال دورا حيويا في شل قدرات “داعش” على امتداد ثلث مساحة سوريا، وكذلك في العراق المجاور.

وقد تذبذب رد النظام على “داعش” في السنوات الأخيرة، بين تقديم تسهيلات غير مباشرة ومحاولات تثير الشفقة لتحدي التنظيم.وفي شمال غربي سوريا، يبدو الوضع أكثر تعقيدا فيما يتعلق بـ”هيئة تحرير الشام”، التي ربطت مصيرها، منذ انفصالها عن “القاعدة” قبل ما يقرب من ست سنوات، بشكل أوثق بمصير النضال الموازي للمعارضة السائدة. ومع سريان وقف إطلاق النار في إدلب، الذي يضمنه إلى حد كبير الوجود العسكري الكبير لتركيا، لم تكن هناك حملة عسكرية منسقة جارية لمواجهة “هيئة تحرير الشام” لسنوات، وقد ترسخت بعمق في شمال غربي سوريا. ومن الواضح أن للانتخابات التركية أهمية بالنسبة لمصير إدلب و”هيئة تحرير الشام”، ذلك أن التكاليف الحتمية المرتبطة بالانسحاب من شمال غربي سوريا تقضي على أي احتمال لأي تحولات زلزالية يمكن أن تؤثر كثيرا على “الهيئة”.

ومع ذلك، من المرجح أن تستمر إعادة الانخراط الدبلوماسي التركي مع الأسد، مما سيخلق ظروفا ستحتاج فيها “الهيئة” إلى تعزيز سيطرتها في إدلب ومواصلة استكشاف الفرص لتوسيع نفوذها في ريف حلب الشمالي، من خلال وكلاء مرنين والإكراه والصفقات المحلية. ومن المحتمل أن تؤدي المخاوف المتزايدة بين السكان المدنيين في إدلب بشأن ما يخبئه المستقبل إلى نوبات احتجاج دورية ضد “الهيئة”، مما يجبر المجموعة على التفكير في إصلاحات محدودة ومواصلة حملة العلاقات العامة مع الخارج.يبقى أن نقول إن الجماعات الإرهابية والجهات الفاعلة الخبيثة ستستمر في الازدهار، إلى أن يجري التعامل مع الأسباب الجذرية والدوافع الكامنة وراء الأزمة السورية بحزم وبلا رجعة. وتبقى “داعش”، و”هيئة تحرير الشام” وأخواتهما مجرد أعراض للأزمة السورية، وفي غياب شروط واضحة وصارمة لإعادة الانخراط الإقليمي مع دمشق، سيظل لدى هذه الجماعات أسباب للتفاؤل أكثر من القلق بشأن مستقبلها.

رابط مختصر .. https://eocr.eu/?p=10506&preview=true

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ تحذيرات من مشهد إسلاموي متطرف

مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ تحذيرات من مشهد إسلاموي متطرف

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا قتلت الشرطة الألمانية في ميونيخ نمساوياً مسلحاً في الخامس من سبتمبر 2024، في ذكرى الهجوم الأولمبي عام 1972، يشتبه النمساوي في أنه من خلفية إسلاموية متطرفة. ويحذر الخبراء من مشهد إسلاموي متطرف في النمسا. قتلت الشرطة رجلا مسلحا...

مكافحة الإرهاب ـ تشديد سياسات الأمن واللجوء في أوروبا

مكافحة الإرهاب ـ تشديد سياسات الأمن واللجوء في أوروبا

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا شهدت القارة الأوروبية أكبر عدد من اللاجئين القادمين من أوكرانيا وسوريا وأفغانستان، بينما يظل السوريون والأفغان من أبرز طالبي اللجوء في دول مثل ألمانيا. أظهرت بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد اللاجئين وطالبي...

محاربة التطرف ـ تنامي الإسلاموفوبيا في جميع أنحاء أوروبا

محاربة التطرف ـ تنامي الإسلاموفوبيا في جميع أنحاء أوروبا

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا تتزايد ظاهرة الإسلاموفوبيا في جميع أنحاء أوروبا وقد اشتدت بسبب الصراع الدائر في الشرق الأوسط، تأتي موجة إضافية مكثفة من التضليل المعادي للإسلام - أو الانتشار المتعمد للمعلومات الكاذبة - وسط موجة متصاعدة من الإسلاموفوبيا في جميع...

Share This