محاربة التطرف في فرنسا ـ أهداف منتدى الحوار الإسلامي
المقاتلون الأجانب ـ مطالبات بإعادة عائلات جهاديين إلى فرنسا

فبراير 15, 2023 | دراسات

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا

«منتدى الحوار الإسلامي»… مولود جديد في فرنسا

الشرق الأوسط ـ مع كل عهد جديد، يطرح في فرنسا ملف كيفية التعامل مع المسلمين من جهة الهيئة التي تمثلهم، ويفترض أن يكون، كما هو حاصل مع الديانات الأخرى (الكاثوليكية، البروتستانتينية واليهودية)، المحور الرئيسي للدولة.ففي عام 2003، جمع نيكولا ساركوزي، وكان وقتها وزيراً للداخلية وشؤون العبادة، أبرز ممثلي الفيدراليات والشخصيات المسلمة ووضعهم في مكان ناءٍ وفرض عليهم الخروج باتفاق حول شكل الهيئة التي ستكون مهمتها الحوار رسمياً مع الحكومة. حينها ولد «المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية»، وعهدت رئاسته إلى الدكتور دليل بوبكر، مدير مسجد باريس الكبير. لكن منذ ولادته، واجه «المجلس» انتقادات حادة؛ أولاً بسبب طريقة تشكيله، وكيفية توزيع الممثلين عن الفيدراليات القائمة على المساجد التي تديرها.

وسنة بعد أخرى، تبين للحكومات المتعاقبة أن المجلس بقي هامشياً، وأن النزاعات داخله بين التيارات المغاربية (خصوصاً الجزائر والمغرب) والتركية والأفريقية تشل عمله. وجاءت الهجمات الإرهابية التي استهدفت باريس والعديد من المدن الفرنسية منذ مطلع عام 2015، وظهور تيارات متشددة داخل الجالية المسلمة في فرنسا، وعجز المجلس عن إنتاج خطاب معتدل له تأثيره على المواطنين واعتبار المسلمين ذوي التوجهات الليبرالية، وأحياناً العلمانية، أن المجلس لا يمثلهم، لتُضعف المجلس، ولتدفع السلطات إلى البحث عن بديل. وجاءت الضربة القاضية عندما رفضت فيدراليتان تركيتان في عام 2020 التوقيع على «الميثاق الجمهوري» الذي أعدته الحكومة، والذي يتضمن القيم الجمهورية الأساسية، فيما وقعته الفيدراليات الأخرى. وكانت هذه الواقعة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.

وهكذا، بدأت حكومة الرئيس ماكرون ممثلة بوزير الداخلية جيرالد درامانان، البحث عن هيئة أخرى.وأمس، رمت مصادر قصر الإليزيه مسؤولية ذوبان «المجلس» على أطرافه أنفسهم، وأخذت في البحث عن صيغة مختلفة بفلسفتها وتشكيلها، الأمر الذي أصبح واقعاً في شهر فبراير (شباط) من العام الماضي، من خلال تشكيل «منتدى الإسلام الفرنسي» الذي أريد له أن يكون «انبعاثاً» من قاعدة الجالية المسلمة، وليس فرضاً من جهة حكومية عليا.

وحرصت الحكومة على تكليف محافظي الأقضية التفاعل مع الناشطين المسلمين في إطار الجمعيات الثقافية والدينية والاجتماعية والرياضية والتربوية في أقضيتهم لتشكيل المجالس المحلية، التي أضاف إليها المحافظون شخصيات مسلمة بارزة يمكن أن تغني الحوار. وفوق مجلس الأقضية، تم تشكيل مجالس الأقاليم التي انبثق منها المجلس الوطني الذي سيعقد اجتماعه العام في قصر الإليزيه، غداً الخميس، بحضور وزير الداخلية، وخصوصاً رئيس الجمهورية الحريص على إظهار تعلقه بـ«المنتدى» الجديد.

ليس سراً أن باريس تريد تحقيق عدة أهداف في علاقة الدولة الجدلية بالإسلام المحلي؛ أولها إحداث قطيعة بينه وبين إسلام الخارج بمعنى حماية مسلمي الداخل من التأثر بالخارج وبخطابه الراديكالي، الطريق إلى ذلك يمر عبر السعي إلى تأهيل الأئمة داخل فرنسا، وليس مواصلة دعوتهم من الخارج. كذلك تسعى الدولة إلى الترويج لـ«الإسلام المتنور» المنفتح والمتسامح. وسبق لحكومة ماكرون أن استصدرت العام الماضي من البرلمان قانون «مناهضة الانفصالية الإسلاموية»، بعد أن وجدت المؤسسات الحكومية، ومنها المؤسسة الأمنية، أن أحياء بكاملها في ضواحي المدن تهيمن عليها التيارات المتطرفة، وتعيش على «هامش الجمهورية».

يراد لـ«المنتدى» أن يكون عملياً، وأن يقدم مقترحات ملموسة، الأمر الذي تتولاه 4 لجان فاعلة.ومن الناحية التنظيمية، أوضحت مصادر القصر الرئاسي، أمس، أنه لا رئيس للمنتدى، ولا مكتب له، ولا هيئة تديره، وفي ذلك ما يثير العجب، خصوصاً إذا أريد له أن يكون «محاور» الدولة، والسؤال يتناول كيفية حصول الحوار. وأفادت المصادر الرئاسية بأن اجتماع الإليزيه غداً سيضم 60 شخصية، بينها 35 شخصية قادمة من أطر الجمعيات الفاعلة المتنوعة، و16 من الكادرات الدينية، و5 من المحامين ورجال القانون والأربعة المتبقين من المجتمع المدني.

وقبل اجتماع الإليزيه، حصل اجتماع عمومي في الثاني من الشهر الجاري، عرض فيه المجتمعون ما توصلت إليه اللجان الأربع التي عملت على توفير مقترحات بخصوص 4 محاور رئيسية، والتي من المفترض بها أن تشكل «خريطة طريق» لعام 2023.وينتظر أن تركز كلمة ماكرون على الخلاصات والتوجيهات الرئيسية التي يراها ضرورية للأشهر المقبلة.وتقوم مهمة اللجنة الأولى على دراسة أوضاع الأئمة العلمية والقانونية والاجتماعية، وعقود العمل التي يمارسون نشاطهم وفق مضموناتها. وستحل اللجنة المذكورة عملياً مكان «المجلس الوطني للأئمة». وتريد الحكومة أن تتقدم اللجنة بمقترحاتها خلال العام الحالي.

أما اللجنة الثانية فمهمتها الاهتمام بموضوع المرشدين الروحيين المسلمين الذين يعملون في المستشفيات والسجون والمراكز الاجتماعية. وينتظر أن تعمل اللجنة على إطلاق «المجلس الوطني للإرشاد الإسلامي»، وذلك كتجربة سيتم تقويمها لاحقاً. وستكون مهمة المجلس المذكور أن يتواصل مع السلطات العامة، واقتراح مواصفات ومهمات المرشدين. وترتكز مهام اللجنة الثالثة على النظر في توفير الأمن والحماية لأماكن العبادة الإسلامية، ومناهضة الأعمال المستهدفة للمصالح الإسلامية.

ويتركز البحث راهناً على إنشاء جمعية تكون سنداً للأفراد الذين يتعرضون لأعمال وممارسات معادية للإسلام، والتي تكاثرت في السنوات الأخيرة.وأخيراً، تقوم مهمة لجنة إدارة جمعيات الديانة الإسلامية على النظر في الصعوبات التي تواجهها في تعاطيها مع المصارف الفرنسية التي ترفض في غالب الأحيان فتح حسابات لهذه الجمعيات، خصوصاً الأموال المجموعة عن طريق ضريبة الزكاة.تبقى الإشارة إلى أن السلطات الفرنسية تشدد تعاطيها مع الهيئات المسلمة التي تعتبر أنها تخالف قوانين الجمهورية.وفي هذا السياق، أشارت مصادر القصر الرئاسي، أمس، إلى أنه تم إغلاق 906 هيئات تجارية مسلمة، وإغلاق مؤقت لـ50 من أماكن العبادة، وحل 11 جمعية رياضية، و24 جمعية ثقافية، و20 مدرسة إسلامية غير متعاقدة مع الدولة، وأخيراً إغلاق 37 بنية تستقبل الصغار.

رابط مختصر .. https://eocr.eu/?p=9885

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

مكافحة الإرهاب في فرنسا ـ  تعزيز الإجراءات الأمنية

مكافحة الإرهاب في فرنسا ـ تعزيز الإجراءات الأمنية

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا   فرنسا تقرر تعزيز الإجراءات الأمنية قرب الكنائس بسبب مستوى التهديد الإرهابي "العالي جدا" mc-doualiya - قررت فرنسا الاثنين 29 أبريل 2024 تعزيز الإجراءات الأمنية قرب الكنائس خلال الاحتفالات بعيدي الصعود (9 أيار/مايو) والعنصرة...

مكافحة التجسس ـ دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين

مكافحة التجسس ـ دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا   تجسس ـ دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين DW - دعت وزارة التعليم الألمانية جامعات البلاد للحذر والتدقيق في المشاريع المشتركة مع الصين، بعدما تكاثرت مزاعم التجسس ضد العملاق الأسيوي، غير أن بكين وصفت الاتهامات...

أوروبا ـ ازدواجية المعايير في التعامل مع حرب غزة

أوروبا ـ ازدواجية المعايير في التعامل مع حرب غزة

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا   مخاوف من “قمع” الأصوات المؤيدة للفلسطينيين في أوروبا swissinfo - في ظلّ استقطاب شديد في الآراء حول الحرب بين إسرائيل وحماس، كشفت عدّة منظمات غير حكومية لوكالة فرانس برس عن مخاوف من “قمع” الأصوات المؤيّدة للقضية الفلسطينية في...

Share This