اليمين المتطرف في فرنسا بات أكثر تشددا
اليمين المتطرف

أبريل 26, 2022 | دراسات

لوبان هُزمت لكن اليمين المتطرف يحصد أعلى أصوات منذ الحرب العالمية الثانية

مونت كارلو ـ  هُزمت مارين لوبن في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لكنها حصدت 42 في المئة من الأصوات، وفق التقديرات الأولية، ما يعني أنها أوصلت اليمين المتطرف الى أبواب السلطة، مع أعلى نسبة أصوات في انتخابات رئاسية منذ الحرب العالمية الثانية.وحصلت مارين لوبن (53 عاما)، المرشحة للمرة الثالثة الى الانتخابات الرئاسية، والتي وصلت للمرة الثانية الى الدورة الحاسمة، على عشر نقاط أكثر مما حصلت عليه في 2017، والى ضعف النتيجة التي حققها والدها، الزعيم التاريخي لليمين المتطرف الفرنسي جان ماري لوبن في 2002 في مواجهة جاك شيراك.

لكنها اصطدمت ب”السد المنيع” في فرنسا ضد اليمين المتطرف الذي دفع الناخبين الى التصويت لماكرون، ولو “اضطرارا”، لمنع وصول لوبن الى الرئاسة والذي قد تكون له عواقب كبيرة على فرنسا، على الصعيدين الوطني والدولي. وأمضت مارين لوبن العقد الماضي وهي تحاول تحسين صورتها لدى الرأي العام من دون أن تبدّل برنامجها، لكنها استراتيجية أتت ثمارها على ما يبدو.

وعملت السيدة الطموحة التي عرفت بطباعها الحادة، والابنة الصغرى لجان-ماري لوبن، مؤسس “الجبهة الوطنية” وأحد أبرز الوجوه المثيرة للجدل في التاريخ الحديث للسياسة الفرنسية، على “نزع الشيطنة” عن حزبها.  على مدى عقود، بقي لوبن الأب الاسم الطاغي في اليمين المتطرّف الفرنسي. وعملت مارين بتروّ على تفكيك ما أسّسه والدها، خصوصا إزالة كل الرواسب العنصرية والمعادية للسامية التي طبعت خطابه.ووصل بها الأمر الى حدّ طرد والدها في آب/أغسطس 2015 من الحزب، بعدما باتت على قناعة بأن مواقفه الخلافية والجدلية ستبقى عائقا أمام أي انتصار على المستوى الوطني.  وقالت في هذا الشأن “اقتديت بهذا الرجل (…) قاتلت كثيرا لأجله لكن في لحظة معيّنة، وجب التوقف عن ذلك”.

عملت لوبن على تغيير صورة الحزب الذي تترأسه منذ 2011، عبر مسار “تطبيع” كانت إحدى محطاته تغيير الاسم، إذ حلّ “التجمع الوطني” بدلا من “الجبهة الوطنية” في 2018. كما دفع الإرث الثقيل الذي تركه جان-ماري الحزب الى أن يخوض الحملة الانتخابية الأخيرة مع التركيز على اسم “مارين” بدلا من كنيتها التي كانت عبئا عليها منذ أعوام طويلة.وقالت في مقابلة مع مجلة “كلوزر” إنه خلال شبابها “لم يكن سهلا على الناس الانخراط في علاقة عاطفية مع مارين لوبن” بسبب الاسم الذي تحمله. وأضافت “أذكر أن أحد الرجال اختار الانفصال عني بسبب ثقل الضغط الذي فرضه عليه محيطه الاجتماعي”. ولوبن أم لثلاثة أولاد من زواجين أفضيا الى الطلاق.

العلاقة مع روسيا – اليمين المتطرف

سعت لوبن خلال الأعوام الماضية الى تقديم صورة أكثر ودّية عن نفسها: ردود فعل أقل انفعالا في مواجهة أسئلة الصحافيين، ملابس بألوان فاتحة، وابتسامة حاضرة حتى في خضم المناظرة التلفزيونية مع ماكرون قبل أيام. في الجوهر السياسي، تركّز على الاقتصاد الذي كان هامشيا في قائمة أولويات الجبهة الوطنية، سعيا لجذب ناخبين “خسروا” جراء العولمة.

ركزت لوبن في حملة 2022 في مواجهة ماكرون، المصرفي السابق الذي يصفه البعض بأنه “رئيس للأثرياء”، على القدرة الشرائية التي باتت الشغل الشاغل للفرنسيين مع ارتفاع أسعار موارد الطاقة والغذاء عالميا في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا. وحضرت خلال الحملة العلاقة بين لوبن وروسيا التي زارتها خلال 2017، بشكل أساسي في المناظرة التلفزيونية مع ماكرون.اتهمها الأخير بالارتهان مادياً لروسيا بسبب قرض حصلت عليه من مصرف روسي، وبأنها باتت “تعتمد” على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ردّت لوبن بتأكيد دعمها “أوكرانيا حرّة لا تتبع لا للولايات المتّحدة ولا للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا، هذا هو موقفي”.في موقفها من الاتحاد الأوروبي الذي يعد محورا أساسيا في سياسة ماكرون الخارجية، تركز مارين لوبن على “الأولوية الوطنية”. فهي تريد أن يتفوق في الدستور، القانون الفرنسي على أي قانون آخر. ولم تعد تتحدث عن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي كما في 2017، لكنها تبقى مشككة في جوانب كثيرة من علاقة بلادها بالتكتل.

الهجرة والاسلام

وتقول الباحثة في معهد العلوم السياسية في باريس سيسيل آلدوي المتخصصة في دراسة اليمين المتطرف، إن برنامج مارين لوبن “لم يحِد على الإطلاق عن أسس الجبهة الوطنية مثل الهجرة والهوية الوطنية، الا أنها اختارت مفردات أخرى لتبريره”.  وتوضح أن لوبن باتت “تهاجم الاسلام وتريد الحدّ بشكل جذري من الهجرة غير الأوروبية تحت ذرائع العلمانية والقيم الجمهورية، وحتى النسوية”.وخلصت دراسة لمؤسسة جان جوريس نشرت حديثا، الى أن مواقف لوبن بشأن الهجرة باتت أكثر تشددا. وتريد المرشحة اليمينية المتطرفة أن تدرج في الدستور “الأولوية الوطنية” التي ستحرم الأجانب من امتيازات عدة. وتريد أيضا، كما إريك زمور، مرشح اليمين المتطرف الآخر الذي خرج من السباق الرئاسي في الدورة الأولى، طرد المهاجرين غير القانونيين والمجرمين ومرتكبي الجنح الأجانب، إضافة الى الذين يشتبه بتطرّفهم والأجانب العاطلين عن العمل لأكثر من عام.

رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=8509

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

مكافحة الإرهاب في فرنسا ـ  تعزيز الإجراءات الأمنية

مكافحة الإرهاب في فرنسا ـ تعزيز الإجراءات الأمنية

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا   فرنسا تقرر تعزيز الإجراءات الأمنية قرب الكنائس بسبب مستوى التهديد الإرهابي "العالي جدا" mc-doualiya - قررت فرنسا الاثنين 29 أبريل 2024 تعزيز الإجراءات الأمنية قرب الكنائس خلال الاحتفالات بعيدي الصعود (9 أيار/مايو) والعنصرة...

مكافحة التجسس ـ دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين

مكافحة التجسس ـ دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا   تجسس ـ دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين DW - دعت وزارة التعليم الألمانية جامعات البلاد للحذر والتدقيق في المشاريع المشتركة مع الصين، بعدما تكاثرت مزاعم التجسس ضد العملاق الأسيوي، غير أن بكين وصفت الاتهامات...

أوروبا ـ ازدواجية المعايير في التعامل مع حرب غزة

أوروبا ـ ازدواجية المعايير في التعامل مع حرب غزة

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا   مخاوف من “قمع” الأصوات المؤيدة للفلسطينيين في أوروبا swissinfo - في ظلّ استقطاب شديد في الآراء حول الحرب بين إسرائيل وحماس، كشفت عدّة منظمات غير حكومية لوكالة فرانس برس عن مخاوف من “قمع” الأصوات المؤيّدة للقضية الفلسطينية في...

Share This