النمسا … هل استغلت تركيا أئمة المساجد لنشر التطرف ؟
تركيا

أكتوبر 27, 2019 | دراسات

النمسا … هل استغلت تركيا أئمة المساجد لنشر التطرف ؟

MCD  – أعلنت السلطات النمساوية عزمها طرد أئمة أتراك من البلاد وإغلاق مساجد. وقال وزير الداخلية النمساوي هيربرت كيكل أن بلاده يمكن ان تطرد عدداً يصل إلى 60 إماما مرتبطين بتركيا وعائلاتهم أي ما مجمله 150 شخصا.كما صرح المستشار في فيينا زباستيان كورتس، المنتمي لحزب الشعب النمساوي، بأنه يعتزم إغلاق سبعة مساجد. وقال: “ليس هناك مكان للمجتمعات الموازية والإسلام السياسي والاتجاهات المتطرفة في بلدنا”.

أطفال وسط المعارك

وتأتي تلك القرارات بعد نشر صحيفة “فالتر” من اليسار الوسط مطلع هذا الشهر، صورا تعيد تمثيل معركة غاليبولي من قبل أطفال.ومعركة غاليبولي أو حملة الدردنيل هي الحملة العسكرية التي شنتها قوات بريطانية وفرنسية مشتركة خلال الحرب العالمية الأولى لاحتلال العاصمة العثمانية آنذاك، إسطنبول. ودارت رحى المعارك في سنة 1915 بشبه الجزيرة جاليبولي على مضيق الدردنيل، غير أنها باءت بالفشل وقتل خلالها ما قُدّر عدده بحوالي 90 ألف جندي عثماني، وحوالي 55 ألف جندي من قوات التحالف (بريطانيا، أستراليا، نيوزيلندا، فرنسا)، إضافة إلى مئات الآلاف من الجرحى من الطرفين.

وقد أظهرت صور تمثيل المعركة صبيانا في زي عسكري وهم يؤدون التحية العسكرية ويقفون في طابور ويلوحون بأعلام تركيا أمام حضور من الاطفال. بينما ظهر في صورة ثانية، أطفال وهم يتمددون أرضا حيث يمثلون دور ضحايا المعركة وقد لفوا أجسامهم بالعلم التركي.

وقد أجرت هيئة الشؤون الدينية في النمسا تحقيقا، قبل أن تكشف عن أن عملية التمثيل تمت في أحد أبرز المساجد في النمسا، التي تحصل على تمويل تركي، ويديره الاتحاد الاسلامي التركي في النمسا. كما يرتبط بشكل مباشر بالهيئة التركية للشؤون الدينية في استنبول.ويمكن للسلطات النمساوية أن تستند في قرارها هذا، إلى قانون الإسلام الصادر سنة 2015، والذي يطالب بتبني موقف أساسي إيجابي تجاه الدولة والمجتمع.

ويرى الدكتور رياض الصيداوي الدكتور رياض الصيداوي، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية، أن قرار الحكومة النمساوية، يرتهن أيضا إلى القوانين المعمول بها في النمسا، والتي تكفل حماية حقوق الأطفال وتمنع بشكل مطلق عسكرتهم. وقال الصيداوي في تصريح لإذاعة مونتي كارلو الدولية: “إن تدريب الأطفال على التحية العسكرية وعلى تمجيد القتال يتعارض كلية مع قوانين النمسا ومع القوانين الأوربية. وهؤلاء الائمة بعملهم هذا، أصبحوا يشكلون خطرا على منظومة قيمية، وقانونية سائدة في البلاد، لهذا السبب كان من الطبيعي أن يتم طردهم، خاصة وأن الأمر مرتبط بالأطفال، وهي مسألة مقدسة في النمسا وفي أوربا بشكل عام”.

تمويل تركيا في النمسا

وقد أدت قضية تمثيل مشاهد معارك من قبل أطفال، إلى القيام بتحقيق شامل حول المساجد واساسا، تلك التي يديرها أئمة أتراك في البلاد. وأعلن وزير الداخلية النمساوي هيربرت كيكل، المنتمي لحزب الحرية النمساوي اليميني الشريك في الائتلاف الحاكم، أنه يقوم بمراجعة وضع 40 إماما بدقة، لمعرفة ما إذا كان هناك حالات انتهاك لحظر التمويل الأجنبي بينهم. موضحا أنه تبين في حالتين حتى الآن وقوع انتهاك للحظر يستوجب الطرد.

من جهته، ذكر نائب المستشار النمساوي، هاينتس – كريستيان شتراخه، المنتمي لحزب الحرية، أن السلطات تراقب حاليا 60 إماما من إجمالي 260 إماما ينشطون في النمسا، وقال: “نحن لا نزال في البداية”. بينما صرح المستشار النمساوي زباستيان كورتس في مؤتمر صحافي قائلا: “لا مكان للمجتمعات الموازية والإسلام السياسي والتطرف في بلادنا”، في إشارة إلى الاتهامات التي توجه لتركيا بكونها تسعى إلى استغلال الأنشطة الدينية، من أجل تحقيق مطامعها السياسية.

فالأتراك يمثلون أكبر جالية مسلمة في النمسا. وينشط العديد من الأئمة في البلاد، غير أن اتهامات كثيرة توجه لعدد منهم بكونهم يعدون واجهة خفية لتشكيل الحياة الدينية للأتراك المقيمين في أوروبا لخدمة أهداف سياسية ـ تركيا ـ، خاصة بعد وصول رجب طيب أردوغان للحكم.

ويرى الدكتور الصيداوي أن تلك الاتهامات مرتبطة بالصورة التي روج لها أردوغان عن نفسه. “فالرئيس التركي قدم نفسه كخليفة أو سلطان عثماني وفي هذا السياق لديه نزعة معاداة قوية لأوربا، لكون اللإمبراطورية العثمانية عاشت حروبها الأساسية مع أوربا. وقد تضاعفت النزعة العثمانية لديه بعد فشل المحاولة الانقلابية، وهو يستخدم في نزعته نحو الهيمنة، ما يمكن تسميته بالأسلمة من القاعدة نحو القمة، وهي أساليب الإخوان المسلمين بشكل عام، بمعنى تأسيس ودعم جمعيات ظاهرها إسلامي ديني، لكن أهدافها الحقيقية هي سياسية، عبر استقطاب المراهقين والشباب، خاصة وتشكيلهم في كتائب تابعين لهم، ولديهم مرشد ومسؤول عنهم في عملية تعبئة”.

وترفض انقرة تلك الاتهامات جملة وتفصيلا، كما نددت بالإعلان عن إمكانية طرد عدد من أئمتها، واعتبرته إجراء معاديا للإسلام. وكتب ابراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس رجب طيب أردوغان على تويتر “إغلاق النمسا سبعة مساجد وطرد أئمة هو نتيجة الموجة الشعبوية والمعادية للإسلام والعنصرية والتمييزية في هذا البلد”، في وقت، اثارت صور التمثيل ردود فعل قوية في الأوساط النمساوية، وانتقدتها فئات واسعة من المجتمع، بما فيها الجاليات المسلمة. واعتبر الاتحاد الاسلامي التركي اعادة تمثيل المعركة “أمرا مؤسفا للغاية”.

رابط مختصر … https://eocr.eu/?p=1031

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

أوروبا ـ ازدواجية المعايير في التعامل مع حرب غزة

أوروبا ـ ازدواجية المعايير في التعامل مع حرب غزة

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا   مخاوف من “قمع” الأصوات المؤيدة للفلسطينيين في أوروبا swissinfo - في ظلّ استقطاب شديد في الآراء حول الحرب بين إسرائيل وحماس، كشفت عدّة منظمات غير حكومية لوكالة فرانس برس عن مخاوف من “قمع” الأصوات المؤيّدة للقضية الفلسطينية في...

أمن قومي ـ دعوات إلى تعزيز دفاعات أوروبا

أمن قومي ـ دعوات إلى تعزيز دفاعات أوروبا

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا   ماكرون يدعو إلى تعزيز دفاعات أوروبا ويبدي قلقه بشأن مستقبل التكتل swissinfo - رسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس صورة مثيرة للقلق لأوروبا، مؤكدا أنها “مهددة بالموت” و”مطوّقة” وتواجه خطر “التراجع” في مواجهة منافسة القوى...

هل تقف أوروبا “عاجزة” أمام التجسس الصيني؟

هل تقف أوروبا “عاجزة” أمام التجسس الصيني؟

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا   هل تقف أوروبا "عاجزة" أمام التجسس الصيني؟ ملخص independentarabia - تشير قضايا التجسس المنسوبة إلى الصين في ألمانيا وبريطانيا، التي كشف عنها هذا الأسبوع، إلى سعي بكين إلى نشر شبكة شاسعة من المخبرين في قارة غير مسلحة بما يكفي...

Share This