الاستخبارات البريطانية ـ ثغرات أمنية متعلقة بهجوم مانشستر

مارس 4, 2023 | دراسات

الاستخبارات البريطانية أضاعت فرصة “كبيرة” لتجنب هجوم مانشستر أرينا

“لم يتخذ جهاز الأمن أي خطوة” حيال المعلومات الاستخباراتية التي أثبتت ارتباطها بقنبلة سلمان عبيدي المميتة

اندبندنت عربية ـ وجد تحقيق دامغ بأن جهاز الاستخبارات البريطاني (أم آي 5) كان يملك معلومات رئيسية بشأن الانتحاري الذي نفذ هجوم مانشستر أرينا ولكنه فشل في اتخاذ الخطوات المناسبة فأضاع فرصة “كبيرة” لوقف الهجوم الإرهابي.وجاء في التقرير النهائي للتحقيق الذي امتد 3 سنوات أن جهاز الأمن تلقى معلومات استخباراتية متعلقة بسلمان عبيدي في مناسبتين منفصلتين خلال الأشهر التي سبقت إقدامه على قتل 22 شخصاً في مايو (أيار) 2017.وتم الإبقاء على المعلومات سرية لأسباب مرتبطة بالأمن القومي بيد أن رئيس التحقيق السير جون سوندرز قال “إنه رشح عن تلك المعلومات ارتباطها بخطة عبيدي”.

وأضاف قائلاً: “كانت هنالك فرصة ضائعة كبيرة [لم تنتهز] لاتخاذ خطوات كان من شأنها تجنب حدوث الهجوم. سيشعر أي فرد كان من الشعب بالقلق البالغ لمعرفة أنه قبل وقت قصير من حدوث الهجوم، حصل جهاز الأمن على معلومات رشح أنها مرتبطة بخطة عبيدي ولكنه لم يتخذ أي إجراء رداً على ذلك [لمعالجة الخطر الناجم عنها]”.وقال السير جون إنه فيما يتعذر القول إنه كان بالإمكان وقف التفجير في حال تصرف جهاز الاستخبارات بشكلٍ مختلف، “إلا أنه كان هنالك احتمال واقعي يعتد به يظهر أنه كان في الإمكان الحصول على المعلومات الاستخباراتية الثمينة والعملية مما كان سيؤدي إلى خطواتٍ من شأنها الحؤول دون الهجوم”.

من جهتهم، أعرب أقارب الضحايا عن إحباطهم لأنه لن تتسنى لهم أبداً معرفة “الحقيقة الكاملة” لما تناهى إلى “أم آي 5” لأن الكثير من الأدلة ظل قيد الكتمان لأسباب تتعلق بالأمن القومي.وقالت ليزا رذرفورد، والدة كلوي رذرفورد البالغة من العمر 17 سنة: “من أعلى الهرم إلى أسفله، من جهاز الاستخبارات الداخلية إلى شركاء المهاجم، سنعتقد دائماً أنكم جميعاً لعبتم دوراً في قتل أطفالنا [تتحملون مسؤولية]”.أندرو روسوس، الذي قُتلت ابنته سافي روز البالغة من العمر ثماني سنوات في الانفجار، اتهم “أم آي 5” بـ “تلطخ أيديهم بالدماء” لترك عبيدي يفلت من الشقوق [إهمال دوره].وأصدر المدير العام لجهاز الاستخبارات البريطانية الداخلية اعتذاراً غير مسبوق بعد الإعلان عن النتائج يوم الخميس، قائلاً إنه “يأسف بشدة” لأن الضباط لم يجمعوا معلومات استخبارية عن مؤامرة عبيدي في الوقت المناسب.

وأعلن كين ماكالوم: “جمع المعلومات الاستخباراتية السرية أمر صعب – لكن لو تمكنا من اغتنام الفرصة الضئيلة التي كانت سانحة أمامنا، فربما لم يكن المتضررون ليتعرضوا لمثل هذه الخسارة المروعة والصدمات”. “أنا آسف بشدة لأن “أم آي 5″ لم يحل دون الهجوم”.وقال إن عدداً كبيراً من التحسينات أدخلت على أنظمة مكافحة الإرهاب منذ التفجير، وأن الأجهزة الأمنية ستلتزم بشكل كامل التوصيات التي قدمها السير جون.وذهبت وزيرة الداخلية، سويلا برافرمان، إلى أنها ستدرس توصيات التحقيق مع جهاز “أم آي 5” والشرطة، مضيفة: “معاً سنبذل قصارى جهدنا لمنع تكرار [مثل] هذا الهجوم المروع”.يُشار إلى أن عبيدي كان على رادار [رصد] جهاز الأمن منذ أن كان في سن الخامسة عشر وكان معروفاً بدعمه لتنظيم “داعش” وبروز اسمه بشكلٍ متكرر على خلفية ارتباطه بالجهاديين في مانشستر وليبيا.

وسبق أن سافر إلى منطقة النزاع مرات عدة برفقة أقارب له، ولكن التحقيقات وجدت أن جهاز الاستخبارات البريطاني وشرطة مكافحة الإرهاب “أساءا تقدير الخطر الصادر من ليبيا” عام 2017 بسبب تركيزهما على مقاتلي “داعش” العائدين من سوريا.ولم يكن عبيدي تحت التحقيق الفعلي في الوقت الذي برزت فيه المعلومات الاستخباراتية خلال الأشهر السابقة على رغم أن اسمه رصده عميل في بيانات بحثٍ داخلي. كما تم تحديد موعد اجتماع للنظر في حالته في 31 مايو (أيار) أي بعد 9 أيام من وقوع الهجوم.ووجد التحقيق أنه فيما من المستبعد أن تكون أولى المعلومات الاستخباراتية كشفت النقاب عن مؤامرة التفجير، فإن تولي المسألة بطريقةٍ مختلفة كان “سيزيد من الاحتمال العام لإمكانية تجنب الهجوم” بحلول الوقت الذي برزت فيه المعلومات الاستخباراتية الثانية.

وأشار التقرير إلى أن ضابط جهاز الاستخبارات البريطاني في جهاز “أم آي 5” الذي وصله التقرير فشل في “التصرف بسرعةٍ كافية”. وعلى رغم “عدم استبعاده احتمال نشاط مرتبط بمخاوف ملحة متعلقة بالأمن القومي”، أي نشاط إرهابي محتمل، فهو لم يفلح في كتابة تقرير أو مناقشة الأمر مع زملائه في ذلك اليوم.وكتب السير جون: “إن التأخير في رفع التقرير أدى إلى تفويت فرصة اتخاذ إجراء حقيقي يُحتمل أن يكون مهماً. وكان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى بروز معلومات مما يعني أنه كان سيتم التعامل مع عودة عبيدي إلى المملكة المتحدة في 18 مايو (أيار) 2017 بشكلٍ جدي للغاية من قبل الجهاز الأمني”.وكان عبيدي وشقيقه وشريكه في المؤامرة هاشم عبيدي وأنسباء آخرون قد سافروا إلى ليبيا في 15 أبريل (نيسان) 2017 فيما عاد الإرهابي وحده للقيام بالتحضيرات النهائية قبل أربعة أيام من الهجوم.

وقال التقرير إنه لو حقق جهاز الاستخبارات البريطاني بشأن عبيدي انطلاقاً من المعلومات الاستخباراتية التي حصل عليها، لكان ستتبعه من مطار مانشستر إلى سيارة نيسان ميكرا Nissan Micra المركونة حيث خبأ مكونات قنبلته.كما كان بالإمكان وقف الإرهابي وتفتيشه ومساءلته في إطار الصلاحيات والسلطات المرتبطة بمكافحة الإرهاب فور عودته إلى المملكة المتحدة مما كان من شأنه أن يتيح جمع أدلة مهمة لو حصل.وفي بيانٍ أولي، قال جهاز الاستخبارات البريطاني للتحقيق بأن الضباط اعتبروا أن الوثيقتين الاستخباريتين اللتين حصلوا عليهما لم تكونا مرتبطتين بالإرهاب في ذلك الوقت وقد تكونان متعلقتين بنشاطٍ جرمي عوضاً عن ذلك.ولكن السير جون اعتبر بأن تلك المزاعم “لم تقدم صورة واضحة ودقيقة” وبأن المقر المؤسساتي للمكتب الخامس “لم يعكس ما قام به هؤلاء الضباط أو فكروا فيه أو كانوا سيفعلونه في ذلك الوقت بالذات. عوضاً عن ذلك، كان الأمر أقرب إلى تبريرٍ بأثرٍ رجعي للخطوات التي اتخذت أو لم تُتخذ”.

وجاء في التحقيق أنه في الوقت الذي سبق الهجوم، كان فرع التحقيق الشمالي الغربي من جهاز الاستخبارات “يكابد للتعامل” مع حجم التحقيقات وبأن أحد الضباط عبر عن قلقه بأن “أمراً لا مفر منه سيحدث في وقتٍ ما”.وتابع السير جون بالقول إن الضغط على الموارد [شحها] لم يتسبب بأي من الفرص الضائعة في قضية عبيدي ولكنه أسهم في سوء تقدير التهديد المتأتي من ليبيا.كما حدد المشكلات في تبادل المعلومات بين جهاز الاستخبارات وشرطة مكافحة الإرهاب، ولكنه قال إن ذلك لم يحمل “أي أهمية سببية”.وأشار التقرير المؤلف من 226 صفحة إلى وجود “تأخير كبير” في تحليل الشرطة لهاتف أحد مجندي عناصر تنظيم “داعش” وهو مسجون، الأمر الذي كان سيُظهر أنه على تواصل مع عبيدي من داخل السجن في مطلع عام 2017.

وتساءل السير جون عن سبب عدم إحالة عبيدي إلى برنامج مكافحة الإرهاب، قائلاً بأن تلك الخطوة كان يجب أن تُتخذ حتى وإن لم يكن مزمعاً على الانخراط به.ووجدت أجزاء أخرى من التحقيق ثغراتٍ في التدابير الأمنية في مانشستر أرينا والاستجابة الطارئة للهجوم الذي شكل الهجوم الارهابي الأكثر دموية في المملكة المتحدة منذ تفجيرات لندن في يوليو (تموز) 2005.

رابط مختصر .. https://eocr.eu/?p=9934

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي ـ مساع أوروبية لزيادة تمويل السودان

الاتحاد الأوروبي ـ مساع أوروبية لزيادة تمويل السودان

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا مع مرور عام على الحرب.. مساع أوروبية لزيادة تمويل السودان الحرة - يسعى وزراء خارجية فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى جمع مزيد من التمويل للسودان، الاثنين، عندما يجتمعون في باريس بالتزامن مع الذكرى الأولى لاندلاع الصراع.ولا...

مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ مخاوف متصاعدة

مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ مخاوف متصاعدة

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا ألمانيا- توقيف ثلاثة أشخاص بشبهة الإرهاب DW - قال مكتب المدعي العام في دوسلدورف إن ثلاثة شباب أودعوا السجن "للاشتباه بقوة" في "التخطيط لشن هجوم إرهابي بدوافع إسلاموية". وتم تنفيذ عمليات تفتيش واعتقال بناء على طلب مكتب ملاحقة...

مكافحة الإرهاب في فرنسا ـ تعزيز الإجراءات الأمنية بشكل كبير

مكافحة الإرهاب في فرنسا ـ تعزيز الإجراءات الأمنية بشكل كبير

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا رغم "التهديد الإرهابي".. مباريات دوري أبطال أوروبا تقام في موعدها وسط تشديد الإجراءات الأمنية (CNN) -- صرّح وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، للصحفيين، الثلاثاء، بأن شرطة باريس "ستعزز الإجراءات الأمنية بشكل كبير"، قبل...

Share This