واقع المشهد السلفي في ألمانيا
DW – يُفترض أن 11 ألفاً من السلفيين يعيشون في ألمانيا. وبعد هزيمة تنظيم “داعش” لن يعد الإسلام الراديكالي ينمو بقوة في ألمانيا، حسب رأي الباحث في العلوم الإسلامية ميشاييل كيفر، في حديثه مع DW حول واقع السلفيين بألمانيا.سيد ميشائيل كيفر، يبدو حسب تقرير صحفي أن عدد السلفيين في ألمانيا تضاعف منذ عام 2013. وفي الوقت نفسه يبدو أن تزايدهم يقل مجدداً. ما هو انطباعكم حول المشهد السلفي؟ هل يكبر أم أنه وصل إلى أقصى حدوده؟
لدي انطباع بأنه لم يعد يكبر. وهذا له بالطبع ارتباط بأن ما يسمى تنظيم “داعش” في العراق وسوريا تكبد هزيمة نكراء. والدعاية كانت مركزةً على القول دوماً بأننا “نقاتل في إطار أم المعارك، المعركة النهائية”. وهذا المشروع فشل. وإذا ما انطلقنا من أن أنشطة تنظيم “داعش” في الفترة بين 2013 و 2014 كان لها مفعول التعبئة، فإنه بوسعنا الآن القول بأن الهزيمة الكبيرة لها مفعول مضاد للتعبئة. ومن هذا المنطلق أقول بأن التيار السلفي ربما لن ينمو بقوة في الشهور المقبلة .
كيف يحاول السلفيون في البلاد هنا القيام بالتعبئة بعدما فشل مشروع إقامة “خلافة”؟
هناك محاولة لمعالجة هذه الهزيمة وتتم الدعوة لبناء شبكات والنشاط في عين المكان. وهذا يتم في الغالب عبر شبكات التواصل الاجتماعي عبر موقع “واتس آب” وقنوات مختلفة أخرى. كما يوجد مثلما كان في السابق مشهد نشط من الخطباء، الذين يحاولون هنا ممارسة التَّهييج، لكن المُخَيّلَة الكبيرة لم تعد موجودة. ويجري العمل من أجل تغيير الاستراتيجية، وسينجح المشهد (السلفي) بالتأكيد في إتمام ذلك.
المشهد السلفي في مدن كبرى مثل برلين وهامبورغ نما بشكل أسرع مقارنة مع غيرها من المناطق، لماذا؟
هذا يرتبط بمنطق التحركات الاجتماعية بحيث أن بعض الظواهر تتجلى للعلن في التجمعات السكنية الحضرية أكثر مما هو عليه في الريف. وإذا أخذنا مثلاً منطقة الرور بسكانها البالغ عددهم تسعة ملايين نسمة، فإننا نجد هنا بالطبع عدداً أكبر من المناطق الساخنة أكثر مما هو موجود في منطقة الغابة البافارية أو زاورلاند. وبخصوص نمو المشهد السلفي في مناطق معنية فمن الواجب علينا توخي الحذر، لأن المعتبر لدى المشهد هو الاستمرار في التحرك والتواصل بشكل قوي للغاية.
ولاحظنا في السابق دوما أن فاعلين رئيسيين يغيرون أماكن الإقامة ويأخذون معهم شبكة اتصالهم أو يقيمون شبكة اتصال من جديد. وعلى هذا النحو يمكن أن يتشكل مشهد جديد في غضون أسابيع قليلة في مدينة جديدة ويتسبب بسرعة في مشاكل. وهذا مختلف عما هو سائد بالنسبة لليمين المتطرف، لأن المشهد اليميني، حسب اعتقادي، له ارتباط أكبر بالمكان (الذي ينشأ فيه).
قمتم بدراسة بروتوكولات التواصل بين شباب سلفيين. كيف تمر مراحل الراديكالية لديهم؟
مسلسل الراديكالية لا يتم أبدا طبقا لنموذج موحد. لكن ما يمكن لنا قوله هو أن الراديكالية تعكس حدثاً جماعياً، فهي لا تحصل في شكل انفرادي. دوما نجد شبانا متورطين، وجزء منهم يعرفون بعضهم البعض منذ مدة طويلة، أي أقارب، أو زملاء دراسة من المدرسة الابتدائية أو حتى أصدقاء من مرحلة الروضة. وانطلاقا من فترة معينة يمكن التعرف على ديناميكية جماعية. وهذا يعني أن هذه المجموعات تتكاتف وتنفصل عن الإطار الخارجي. كما يوجد داخل هذه المجموعات أيضا نوع من التنافس في المزايدة على من هو الشخص الأكثر راديكالية، وإذا حل هذا الوضع، فإنه من الصعب القيام بعملية الوقاية.
أنت تعمل في حقل الوقاية من الراديكالية. متى يجب التدخل؟
إذا ظهرت البوادر الأولى فيجب الشروع في العمل. والتحول إلى الراديكالية مسألة لا تقع بسرعة البرق، وإنما نتيجة تغيرات تدريجية. والأمر يتعلق بالقدرة على تفسير تلك البوادر بشكل سليم. والأهم بوجه خاص هو أن يستطيع المدرسون والأخصائيون الاجتماعيون والآباء، ولكن أيضا أشخاص آخرون في محيط الشباب، إيجاد نوع من الرعاية اليقظة، فيسألوا مبكراً ـ “انتبه ماذا حصل وماذا تفعل وأين أنت موجود؟” وعلى إثرها يجب فعلا العمل مبكرا ضد ذلك التوجه، وإخبار الشباب بأننا قلقين عليهم. وأن نظهر أمام الشاب حضوراً قوياً والتدخل إذا اقتضى الأمر. وعلينا أن نمنعهم من فعل بعض الأشياء. لكن لا توجد وصفة جاهزة لذلك. وفي الحقيقة يجب اتخاذ التدابير لكل حالة على حدة. وهذا يتطلب الوقت، ولكن إذا تم ذلك بصفة جيدة، فإنه وبدون شك يمكن تحقيق النجاح.
رابط مختصر … https://eocr.eu/?p=1242