واقع التطرف والإرهاب في أوروبا لعام 2025

أكتوبر 11, 2025 | دراسات

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا

واقع التطرف والإرهاب في أوروبا لعام 2025

تواجه القارة الأوروبية تهديدات أمنية متنامية ومعقدة، تمثلها موجات التطرف العنيف والإرهاب بجميع أشكاله، بدءًا من الهجمات الجهادية، مرورًا باليمين المتطرف، وصولًا إلى التهديدات الهجينة المرتبطة بدول خارجية مثل روسيا. هذه التهديدات لم تعد مجرد تحذيرات نظرية، بل تحولت إلى واقع ملموس يفرض على صناع القرار تعزيز الاستراتيجيات الأمنية وتنسيق الجهود بين الدول الأوروبية.

الهجمات الجهادية المستمرة

تواصل الجماعات الجهادية نشاطها في أوروبا، رغم الانخفاض النسبي في أعداد مقاتليها مقارنة بعام 2015. ففي فرنسا، تعرضت مدينة مولهاوس في فبراير 2025 لهجوم بسكين أسفر عن مقتل شخص واحد وإصابة آخرين، فيما كان المهاجم يصرخ بشعارات دينية، مما يعكس استمرار خطر الأفراد المتطرفين المستعدين لتنفيذ هجمات فردية. وفي فيينا، تمكنت السلطات النمساوية من إحباط مخطط إرهابي كان يستهدف حفلًا موسيقيًا في أغسطس 2024، عبر اعتقال ثلاثة أفراد كانوا يخططون لتنفيذ هجوم انتحاري جماعي، مما يبرز أهمية العمل الاستخباراتي المبكر في منع وقوع الكوارث (.

تُظهر هذه الحوادث أن الجماعات الجهادية لم تتوقف عن ممارسة تأثيرها على الشباب الأوروبي، سواء عبر عمليات تجنيد مباشرة أو عبر المنصات الرقمية التي تُستخدم لنشر أيديولوجياتها المتطرفة. وتتسم هذه الهجمات بالعشوائية النسبية في اختيار الأهداف، ما يجعلها أكثر صعوبة في التوقع والمواجهة.

تصاعد تهديد اليمين المتطرف

لا يقتصر خطر الإرهاب في أوروبا على الجماعات الجهادية، بل يشمل أيضًا صعود اليمين المتطرف. ففي ألمانيا، شهد حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) زيادة ملحوظة في أعداد المتطرفين، حيث أفادت التقارير الاستخباراتية لعام 2025 بأن عدد الأعضاء الذين يحملون توجهات متطرفة ارتفع بنسبة 77% ليصل إلى نحو 20 ألف شخص .ترافق هذا التوسع مع زيادة واضحة في الجرائم المرتبطة باليمين المتطرف، بما في ذلك محاولات القتل وحوادث الحرائق العمد. هذا التطور يعكس تحول التهديد من مجرد خطاب سياسي متطرف إلى نشاط إجرامي ملموس، يستهدف الأقليات والجاليات المهاجرة ويزعزع الاستقرار الاجتماعي.

التهديدات الهجينة والدور الروسي

تشكل التهديدات الهجينة، بما فيها الأنشطة السيبرانية والهجمات بالطائرات بدون طيار، تحديًا أمنيًا جديدًا لأوروبا. فبحسب تقارير أوروبية، رُصدت طائرات مسيرة فوق مطارات ومنشآت عسكرية في ألمانيا والدنمارك وبولندا في أكتوبر 2025، وهو ما أثار مخاوف من محاولات زعزعة الاستقرار باستخدام أساليب غير تقليدية.تمثل هذه العمليات جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى الضغط النفسي والتأثير السياسي على أوروبا، خصوصًا في الدول ذات الأهمية الاستراتيجية. ويضيف هذا البعد طبقة إضافية من التعقيد لجهود مكافحة الإرهاب، حيث لم تعد التهديدات محلية أو فردية فقط، بل تمتد لتشمل تهديدات دولية ذات طابع هجومي.

استراتيجيات المواجهة الأوروبية

استجابة لهذه التحديات، تعمل الدول الأوروبية على تعزيز آلياتها الأمنية من خلال استراتيجيات متكاملة تشمل القانون، الاستخبارات، والتعاون الدولي. فقد أعلنت المفوضية الأوروبية عن استراتيجية جديدة للأمن الداخلي تهدف إلى تعزيز قدرات الشرطة في مواجهة التهديدات، خصوصًا تلك المرتبطة بالقوى الأجنبية. وتتضمن الاستراتيجية توسيع نظام العقوبات الأوروبي لاستهداف الشبكات الإجرامية، وتطوير نظام لتتبع تمويل الإرهاب، وزيادة قدرة الأجهزة الأمنية على الوصول إلى البيانات الرقمية عبر الإنترنت.كما يركز الاتحاد الأوروبي على تطوير برامج استباقية لمكافحة التطرف، تشمل التدخل المبكر لدى الأفراد المعرضين للتجنيد الجهادي أو الانجراف نحو التطرف اليميني، وإطلاق حملات توعية مجتمعية لتعزيز الوعي بمخاطر الخطابات المتطرفة.رغم هذه الجهود، لا تزال أوروبا تواجه تحديات معقدة في مواجهة التطرف والإرهاب:

  • تعدد التهديدات: هناك تنوع في مصادر الخطر بين الجهادية، اليمين المتطرف، والهجمات الهجينة، ما يتطلب حلولاً متعددة الأبعاد.
  • التطرف عبر الإنترنت: ما زالت المنصات الرقمية أداة رئيسية لتجنيد الأفراد ونشر الأيديولوجيات المتطرفة، مما يستلزم استراتيجيات فعالة لمراقبة المحتوى.
  • التنسيق بين الدول: يتطلب التعامل مع تهديدات عابرة للحدود تعزيز التعاون الاستخباراتي والتشريعي بين الدول الأوروبية.

إن أوروبا في عام 2025 تقف أمام تحديات أمنية متعددة ومعقدة. بينما تسعى الدول الأوروبية إلى تعزيز قدراتها الدفاعية وتطوير استراتيجيات مواجهة فعالة، يبقى التنسيق بين الدول، واستباقية الإجراءات الأمنية، عنصرين أساسيين لضمان الاستقرار ومنع وقوع الهجمات الإرهابية. المستقبل يتطلب يقظة مستمرة، ومراجعة دورية للخطط الأمنية، وابتكار أدوات جديدة للتعامل مع تهديدات التطرف والإرهاب التي تتغير طبيعتها بسرعة في سياق عالمي متقلب.

https://eocr.eu/?p=12354

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

مكافحة الإرهاب في بريطانيا ـ كيف يمكن للحكومة مواجهة جرائم الطعن؟

مكافحة الإرهاب في بريطانيا ـ كيف يمكن للحكومة مواجهة جرائم الطعن؟

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا مكافحة الإرهاب في بريطانيا ـ كيف يمكن للحكومة مواجهة جرائم الطعن؟ أعاد حادث الطعن المروّع الذي وقع على متن قطار، وأسفر عن إصابة تسعة أشخاص بجروح تهدد حياتهم، تسليط الضوء مجددًا على مشكلة العمليات الإرهابية والجريمة بالسكاكين...

إلى أي مدى أسهمت حروب الشرق الأوسط في تأجيج الإسلاموفوبيا الأوروبية؟

إلى أي مدى أسهمت حروب الشرق الأوسط في تأجيج الإسلاموفوبيا الأوروبية؟

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا إلى أي مدى أسهمت حروب الشرق الأوسط في تأجيج الإسلاموفوبيا الأوروبية؟ تشير البيانات إلى أن الحوادث المعادية للمسلمين داخل الاتحاد الأوروبي ارتفعت منذ هجمات "حماس" في أكتوبر 2023، خاصة في النمسا وبلجيكا وبلغاريا. ووفقًا لأحدث...

مكافحة الإرهاب ـ كيف تنجح خلايا “داعش” في جمع الأموال من داخل ألمانيا؟

مكافحة الإرهاب ـ كيف تنجح خلايا “داعش” في جمع الأموال من داخل ألمانيا؟

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا مكافحة الإرهاب ـ كيف تنجح خلايا "داعش" في جمع الأموال من داخل ألمانيا؟ تتلقى منظمات متطرفة مثل تنظيم "داعش" أموالًا من داخل ألمانيا بطرق يصعب تعقّبها، إذ يستخدم التنظيم وسائل التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات تحت غطاء إنساني أو...