لماذا تتوجس أوروبا من تصاعد الإرهاب في موزمبيق ـ مكاقحة الإرهاب
العرب اللندنية – هجمات الجهاديين تهدد استثمارات الشركات الغربية. بروكسل – يدفع الظهور اللافت لجهاديين في موزمبيق، ضمن جماعة أعلنت ولاءها لتنظيم داعش، دول الاتحاد الأوروبي إلى رفع مستويات التنسيق الأمني والاستخباراتي والتعاون المالي مع حكومة البلد الأفريقي، نظرا للتهديدات، التي قد يشكلها هؤلاء المتطرفون.ووافق الأوروبيون على المساعدة في “تعزيز قدرة” حكومة موزمبيق في حربها ضد “التمرد الإسلاموي” المتصاعد، الذي أودى بحياة ألفي شخص في منطقة تعد موقع أكبر الاستثمارات الأجنبية في أفريقيا، حيث قال سفير الاتحاد في موزمبيق أنطونيو سانشيز في بيان الجمعة الماضي، إن الاتحاد الأوروبي أعطى “ردا إيجابيا” لطلب موزمبيق للمساعدة. مكاقحة الإرهاب
وهذا الدعم يأتي بعد أن أثارت عدة هجمات، التي سيطر خلالها جهاديون ينتمون إلى داعش على ميناء استراتيجي في شمال موزمبيق الغنية بالغاز، تساؤلات المحلّلين في المجال الأمني بشأن الإمكانيات، التي تتمتع بها دول أفريقيا الجنوبية في التعامل مع مثل هذه الحالات.وكانت موزمبيق قد طلبت المساعدة في الأمور اللوجستية والتدريبات والمساعدات الإنسانية في سبتمبر الماضي بسبب قلة الإمكانيات قياسا بالخبرات التي اكتسبتها حكومات دول الشطر الشمالي للقارة الأفريقية في معاركها ضد جماعات أخرى تتقاسم معها نفس الميول.
وحتى الآن، لجأت موزمبيق إلى شركات أمنية خاصة في محاولة لاستعادة السيطرة على مناطق في شمال البلاد، بينها شركتا فاغنر الروسية ودايك أدفيزوري غروب الجنوب أفريقية، وفق مختصين في المسائل الأمنية. لكن معهد الدراسات الأمنية في بريتوريا بجنوب أفريقيا يقول إن التحرك العسكري الحكومي، بما في ذلك اللجوء إلى مرتزقة، لم يضع حدا للهجمات.وتكافح حكومة موزمبيق لاحتواء أعمال العنف، وقد اعتمدت على الشركات العسكرية الخاصة في الحرب. وترتكب القوات الحكومية أعمال قتل، وفقا لمنظمات منها منظمة العفو الدولية، وهي التهم التي تنفيها موزمبيق.
خوف من التمدد – مكاقحة الإرهاب
يثير تمرّد جهاديين الرعب منذ ثلاث سنوات في شمال موزمبيق، الذي يعدّ استراتيجيا لغناه بالغاز، غير أنّ هذه الجماعات المسلّحة التي يطلق عليها محليا اسم “الشباب” تبدو حريصة على إحاطة نفسها بالغموض.وتعتزم شركات مثل توتال الفرنسية إنفاق نحو ستين مليار دولار على مشاريع الغاز الطبيعي المسال في إقليم كابو ديلغادو، حيث قام مسلحون لهم صلة بداعش بالسيطرة على بلدات رئيسية فيه وتسببوا في فرار الآلاف من منازلهم.
وخلّفت هجمات هذه الجماعة حتى الآن أكثر من ألفي قتيل و310 آلاف نازح على الأقل في محافظة كابو ديلغادو الحدودية مع تنزانيا، ويدخل هذا الشهر عامه الرابع. وأعلن الجهاديون العام الماضي ولاءهم لداعش، لكن يبقى من الصعب معرفة من يقودهم كما لم يكشفوا عن أهدافهم إلاّ مؤخرا.وهناك جذور تاريخية للأزمة، ففي عام 2007، بدأ المشايخ في هذه المنطقة ذات الأغلبية المسلمة يلاحظون تشكل “حركة غريبة” لشباب بدؤوا تطبيق إسلام “مختلف”، إذ يشربون الخمر ويدخلون المسجد مرتدين سراويل قصيرة ودون خلع أحذيتهم، وفق الروايات.
وشكّل هؤلاء الشباب بداية مجموعة تحت اسم “أنصار السنة” وشيّدوا مساجد جديدة تتبع منهجا متشددا، وفق أستاذ التاريخ الأفريقي في جامعة بلفاست إريك مورييه-جونو.وقللت السلطات المحلية حينها من قدرة هؤلاء على التسبب بأذى، وفق ما أفاد به قرويون. ففي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية قال إمام من موسيمبوا دا برايا التي صارت بؤرة النزاع “علمنا جميعا أنهم خطرون، لكننا لم نظن قطّ أنهم قادرون على بدء حرب”.
ويقول إنيو شينغوتواني، الخبير الأمني الذي يدرّس في العاصمة الموزمبيقية مابوتو إن هذه الحركة تتغذى من خيبات الأمل المرتبطة بالغاز، حتى قبل البدء في استخراجه. فسريعا ما علم كثيرون في المنطقة المحرومة أنهم “لن يستفيدوا إلاّ قليلا في أفضل الأحوال من أرباح استخراج” الاحتياطات البحرية الواسعة التي اكتشفت مطلع الألفية.
ويشير شينغوتواني إلى أن المشروع البحري الذي تبلغ قيمته عدة مليارات من الدولارات وتشارك فيه مجموعة “توتال” الفرنسية تسبب في “طرد كثيرين من قراهم وأراضيهم الزراعية أو من الأماكن التي اعتادوا الصيد فيها” مما فاقم الشعور بالمرارة.وتمت دراسة هذه الجماعة وقدراتها قبل عامين، عندما بدأت تحت مسمّى “أهل السنة والجماعة” وقد استلهمت أيديولوجيتها من داعش، وأعلنت الولاء للتنظيم في مقطع فيديو نُشر في يناير 2018، لكنها لم تصبح رسميا جزءا من كوكبته أو فرعا له إلا بعد عدة أشهر.
الولاء والهوية – مكاقحة الإرهاب
داعش موزمبيق
2017 بداية الظهور تحت اسم “أنصار السنة”
2018 أعلنت هذه الجماعة ولاءها لداعش
2020 تغير اسمها إلى حركة الشباب
منذ عملياتهم الأولى في أكتوبر 2017، أخفى المهاجمون هويتهم، لكن استعرضت المجموعات المسلحة في مارس وأبريل الماضيين مقاتليها في أشرطة فيديو أعلنت فيها نيتها تأسيس “خلافة”.ومع ذلك يبقى قادة هذه الحركة مجهولين وعددهم غير معروف، وفق المركز الموزمبيقي للصحافة الاستقصائية، الذي يقول إنه يوجد قائدان محتملان أحدهما يسمى عبدالله ليكونغا الذي “سافر إلى كينيا والكونغو الديمقراطية خاصة لتعلم القتال”.ويشتبه المركز في أنه عُيّن على رأس الحركة لدى عودته إلى موزمبيق، لكن الشرطة المحلية تحدثت في عام 2018 عن وجود ستة رجال في قيادة الحركة، لم يكن اسم ليكونغا بينهم.
وتبنى تنظيم داعش، الذي ينشط في جنوب الصحراء في جماعات غير معروفة، بضع عشرات من الهجمات في المنطقة منذ يونيو العام الماضي، ويعادل ذلك 10 في المئة من إجمالي الهجمات، ووفق خبير فرنسي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية توجد “مجموعات مسلحة قد يكون بعضها مجرد جماعات إجرامية، ولكن من الصعب معرفة تركيبتها وولاءاتها بدقة”.وحتى اليوم، جُنّد بعض الشباب عبر وعود زائفة بتقديم منح للدراسة في الخارج، إذ انتهى بهم الأمر في معسكرات تدريب في أعماق غابات كابو ديلغادو الكثيفة. ويوضح شينغوتواني أن الجماعات المسلحة “تجنّد أيضا عبر وعود بتوفير المال والوظائف. وصارت تمارس الخطف، ما يرفع آليا عديدها”.
ويوجد مقاتلون تلقوا تدريبا على يد أشخاص جاؤوا من منطقة البحيرات العظمى وأماكن أخرى في أفريقيا. ومن المحتمل أنهم تلقوا بعض التعزيزات العملياتية مصدرها دول أخرى في الأشهر الأخيرة. والأكيد أن تطور أسلوب النشاط لم يأت من فراغ.وأما من ناحية تحسن عتادهم، وهو أمر واضح من تزايد عدد الهجمات مؤخرا، فيرى المختصون أنّه توجد أيضا فرضية وجود تقارب مع شبكات إجرامية يوفر المهربون الدعم ويخلصهم الجهاديون من عدد من القيود المفروضة عليهم.
رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=4532