هل يغنم داعش من حرب العالم على كورونا – مكافحة الإرهاب
العرب اللندنية – حذر خبراء من استفادة تنظيم داعش من انشغال العالم بالمعركة ضد وباء كورونا المستجد، ليحاول استرجاع نفوذه المتآكل في الشرق الأوسط بعد تلقيه خسائر ميدانية فادحة.وربما تلاشى تنظيم داعش من عناوين الصحف الدولية بسبب الانشغال بتحديات الأزمة الصحية الطارئة، لكن تزايد الهجمات عبر مساحات واسعة من العراق خلال الشهر الماضي يظهر أن التنظيم لا يزال يمثل تهديدا قويا قادرا على العودة في صورة انتقامية.
وفقد تنظيم داعش سيطرته على آخر جزء من أراضيه في مارس 2019، لكنه يتطلع إلى إعادة إحياء نفسه منذ ذلك الحين. ولا تزال لدى التنظيم فروع تمتد من غرب أفريقيا إلى الفلبين، على الرغم من أن العراق وسوريا لا تزالان من أهم مناطقه.
وبينما لا تزال الدولتان هشتين تواجهان أزمات وانقسامات داخلية شديدة، سعى التنظيم إلى استغلالها باستخدام عشرات الآلاف من المقاتلين ومئات الملايين من الدولارات التي لا تزال تحت تصرفه.وبالتعلم من الدروس المستفادة بعد هزائمه الأخيرة، جمع تنظيم داعش الأموال والقوى العاملة والموارد لاستعادة نفوذه مرة أخرى، في حين انسحبت القوى الأجنبية المعارضة أو تشتتت بسبب قضايا أخرى.وكان لدى التنظيم الوقت الكافي للتعافي بعد فقدان آخر منطقة أساسية له في مارس 2019 ووفاة زعيمه أبوبكر البغدادي في أكتوبر 2019.
وقدرت الأمم المتحدة أن التنظيم لا يزال يقود ما يصل إلى 20 ألف مقاتل، ويمكن أن يصل إلى مئات الملايين من الدولارات ويكسب ما يصل إلى 4 ملايين دولار شهريا، والتي، وفقا لتقديرات مركز السياسة العالمية وواشنطن بوست، تستخدم لاستعادة هيكله وبنيته.ودفعت جائحة كورونا قوى التحالف الدولي ومن بينها الدول الأوروبية إلى سحب قواتها مؤقتا من القتال ضد تنظيم داعش. وفي الفترة ما بين 19 و25 مارس، أعلنت جمهورية التشيك وفرنسا وهولندا وإسبانيا جميعا أنها ستنسحب مؤقتا من العراق، في حين أشارت ألمانيا وبريطانيا إلى أنهما ستقلصان من وجودهما.
وفي حين أن هذه الدول أنفقت أقل بكثير من القوى العاملة والموارد من الولايات المتحدة في العراق، فإنها لا تزال تلعب دورا رئيسيا في التحالف الذي تقوده واشنطن ضد داعش. ويقول الخبراء إن تعليق أنشطة التحالف الدولي ضد داعش بسبب كورونا سيسمح باستعادة زخمه من جديد.وستشكل عودة التنظيم تحديا أمنيا بالنسبة للحكومة العراقية الجديدة التي تشكلت حديثا والتي يقودها رجل المخابرات مصطفى الكاظمي.وقالت الحكومة العراقية الجديدة إنها ستعطي الأولوية لجهود مكافحة الإرهاب والحرب ضد داعش، لكن سيتم تقويض قدرتها على القيام بذلك بسبب انخفاض الدعم الدولي والصراع السياسي الداخلي.
ومع تشتيت أعدائه الإقليميين والغربيين على حد السواء، زاد تنظيم داعش مؤخرا من حجم ونطاق هجماته وعمليات الاختطاف والعمليات الأخرى في شمال وغرب العراق. وتهدف هذه العمليات إلى تخويف السكان المحليين وإضعاف قوات الأمن وإثارة حالة من عدم الاستقرار التي ستكون بمثابة دعاية له.ووفقا للبيانات التي جمعتها مؤسسة “موقع النزاع المسلح ومشروع جمع البيانات”، ومركز “السياسة الدولية”، فقد ارتفع عدد الحوادث الأمنية في العراق المرتبطة بتنظيم داعش بنسبة 58 في المئة بين مارس وأبريل فقط. وعند مقارنة عدد هجمات أبريل من العام الماضي بأبريل من هذا العام، نجد أن عدد الهجمات قفز بأكثر من 300 في المئة.
كما بدأ تنظيم داعش في اختبار الأوضاع لشن هجمات جديدة. ووفقا لمعهد الشرق الأوسط، فقد قامت المجموعة مؤخرا بشن غارات ليلية وهجمات منسقة وتفجيرات انتحارية. ويمثل هذا ارتفاعا ملحوظا في عمليات إطلاق النار بالسيارة وهجمات بقذائف الهاون والمتفجرات التي يتم زرعها على جانب الطريق التي قامت بها في الأشهر السابقة.وشن التنظيم في أواخر أبريل الماضي هجوما على مقر المخابرات في كركوك. وكان مثل هذا الهجوم المباشر على مبنى حكومي حدثا نادرا منذ أن فقدت الجماعة أراضيها المتبقية في العراق في عام 2017. مكافحة الإرهاب
واستطاع تنظيم داعش زيادة عملياته لعدة أسباب: حيث أعطى تراجع الضغط الخارجي على التنظيم، المزيد من الوقت لبناء أجهزة أكبر والتخطيط لعمليات أكثر تعقيدا. كما عززت تدفقات الأسلحة من سوريا، حيث يكتسب التنظيم زخما، من قوته ولا توجد أي علامات على تباطؤ وتيرة هذه العمليات.وفي غياب ضغوط التحالف الدولي ولو مؤقتا بسبب الأزمة الصحية، من المرجح أن يستمر تنظيم داعش في هجماته الإرهابية وسيصر على تحقيق أهدافه.
ومع ذلك، لا يزال تنظيم داعش يقف على بعد سنوات من قدرته على استعادة الأراضي وإعادة إنشاء ما يسمى بالخلافة، والتي لا تزال الهدف النهائي للجماعة، لكن من خلال تقويض الاقتصاد العراقي الهش بالفعل والوضع الأمني، فإن مثل هذه الهجمات تخاطر بتراجع جهود إعادة الإعمار في المناطق التي استعادتها السلطات العراقية من التنظيم الدولة بين عامي 2016 و2017.
وسيلعب النشاط المتزايد لداعش في العراق دورا في إعادة تنشيط المقاتلين على مستوى القاعدة في أماكن أخرى من العالم، الذين ليست لهم صلة مباشرة بالتنظيم ولكنهم مازالوا يستوحون منه أيديولوجيتهم لتنفيذ الهجمات. وفي حين لا يعلم الكثيرون متى وأين سيقع الهجوم، فمن المرجح أن تظهر الهجمات في المواقع التي وقعت فيها هجمات شنها متشددو تنظيم القاعدة خلال ذروة قوة الجماعة في 2014 و2015، بما في ذلك دول أوروبا الغربية مثل بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا. كما تواجه دول الشرق الأوسط خطر الاستهداف الكبير.
رابط مختصر…https://eocr.eu/?p=2937