إرهاب جديد يستوحي نظريات المؤامرة وتحفزه جائحة كورونا – مكافحة الإرهاب
The Independent – “المجتمع يتبدل جذرياً الآن” وفق منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي. حذر كبير المسؤولين عن مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي من إمكان نشوء أنماط جديدة من الإرهاب، تجد جذورها في نظريات المؤامرة، في أعقاب جائحة فيروس كورونا.إذ ذكر جيللز دي كيرشوف، منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، أنه بينما ما زال الإرهابيون الذين ألهمتهم “داعش” و”القاعدة” يمثلون التهديد الأمني الأكبر، فإن “تغييراً جذرياً في المجتمع” يجري حالياً.
وفي مقابلة معه نشرتها مجلة “سي تي سي سينتينل” CTC Sentinel، أعرب دي كيرشوف عن القلق بخصوص “بروز محتمل في المستقبل لأنواع جديدة من الإرهاب، لها جذور في نظريات الإرهاب والتكنوفوبيا (رُهاب التكنولوجيا)”.وفي إشارة إلى التخريب الذي يأتي من أشخاص يعتقدون أن تكنولوجيا شبكات الجيل الخامس 5G مؤذية. مكافحة الإرهاب
أشار دي كيرشوف إلى أنه “رأينا في أوقات سابقة أعمال عنف محدودة المستوى، سببها الإيمان بنظريات المؤامرة، وقد استهدفت هذه الأعمال على سبيل المثال أبراج شبكات الاتصالات الهاتفية، نظراً إلى وجود تلك الكميات من المعلومات المضللة على الإنترنت، وكذلك يمكن أن نرى أمثلة أكثر خطورة على ذلك في المستقبل”. وأضاف، “أنا قلق أيضاً من العنف المتزايد الذي تبديه مجموعات البيئة وتلك المعنية بحقوق الحيوان”.ونشرت تلك التعليقات الثلاثاء الماضي، مع بداية موجة جديدة من احتجاجات “تمرد الانقراض”، وذلك بعد نهاية أسبوع شهد تظاهرات غفيرة لأنصار نظريات المؤامرة.
وفي ذلك السياق، احتشد آلاف في ساحة “الطرف الأغر” Trafalgar Square وسط لندن السبت الماضي للاحتجاج ضد قيود الإغلاق، واللقاح، وتكنولوجيا اتصالات الجيل الخامس، ومؤامرات مفترضة تحوكها المؤسسة (المقصود هو مؤسسات الدولة). وكذلك أورد دي كيرشوف في أثناء حديثه مع رافايلو بانتوتشي، وهو زميل مشارك متقدم في دراسات الأمن الدولي في “معهد الخدمات الملكية المتحدة” RUSI، أن فيروس كورونا قد أجج “نظريات المؤامرة من أنواع لا صلة مباشرة لها بالأيديولوجيات المتطرفة القائمة”. مكافحة الإرهاب
وفي يونيو (حزيران)، ذكرت المسؤولة عن مكافحة التطرف في المملكة المتحدة لـ “اندبندنت” أنه من الضروري التعامل مع نظريات المؤامرة، قبل أن تدخل حيز الاستعمال فعلياً، بهدف إثارة العنف والإرهاب. ورأت سارة خان، التي تقود “لجنة مكافحة التطرف”، أن جائحة فيروس كورونا تشهد انتشار ادعاءات “غريبة” في النقاش الأساسي العام، موضحة أن لهذه الادعاءات عواقب ملموسة.
وأضافت، “لقد تعاملنا دائماً مع نظريات المؤامرة على أنها شيء جامح وغريب، لكنه لا يؤذي، إلا أنني أعتقد أن ذلك لم يكن صائباً. نحن بحاجة إلى تصنيفها (نظريات المؤامرة) استناداً إلى ما تشجع عليه من أذى وأنماط سلوك. وإذا حرضت على الكراهية، أو العنف، أو قدمت مسوغات للإرهاب أو حضت على العنف، فلا تكون إذن عديمة الأذى”. وكذلك اعتبرت أنه “يجدر بنا أن نقدم استجابة سياسية أفضل وأشد تطوراً”.
على نحو مماثل، أعرب دي كيرشوف عن قلقه إزاء التطرف المتعاظم في مجموعات أقصى اليمين، ولفت إلى أن تطرف اليسار يتصاعد أيضاً. وأضاف، “متطرفو الجناح اليساري العنيفون مسؤولون عن عدد كبير من الهجمات التي لم توقع قتلى”.وزاد دي كيرشوف، “استناداً إلى الكيفية التي ستتطور الأزمة الاقتصادية في أعقاب الأزمة الصحية التي نواجهها حالياً، سيتفاقم التفاوت (الناجم عنها)، ما يمكن أن يلهم مزيداً من التطرف اليساري العنيف الذي قد تتوافر فيه القدرة، لأن يُصبح أكثر فتكاً وتوزعاً جغرافياً مما هو عليه حالياً”.
وشدد المسؤول البلجيكي على أن التطرف اليساري العنيف “ليس بمستوى الشدة نفسه الذي بلغه التطرف اليميني العنيف”، محذراً أن المجموعات اليمينية عملت على تقوية روابطها الدولية، وصارت متوحدة حول نظرية، مفادها أن أصحاب البشرة البيضاء “يُستبدل” بهم آخرون في الغرب.ورأى دي كيرشوف أنه “غالباً ما تعرف الجماعات اليمينية المتطرفة العنيفة والمنظمة، المدى الدقيق الذي تستطيع أن تمضي فيه ضمن بياناتها وأنشطتها، وذلك كي تبقى ضمن حدود القانون”. مكافحة الإرهاب
وتابع، “في هذه الأثناء، يتركون الأمر للمعجبين بهم عبر الإنترنت، كي يتخذوا الإجراءات الفعلية بأنفسهم من دون تعريض منظماتهم للخطر”. وكذلك لفت إلى أن فيروس كورونا ربما أسهم في تعزيز قدرة الإرهابيين على شن هجمات توقع العديد من الضحايا، بسبب تصور مفاده أن الشرطة والأجهزة الأمنية مشتتة الانتباه، وأن هناك ضعفاً أكبر حيال التطرف في أثناء الإغلاق.
وأردف دي كيرشوف أنه “ينبغي بنا منع الأزمة الصحية والاقتصادية الحالية من أن تصبح أزمة أمنية أيضاً. ومع تزايد هجمات الفاعل، المنفرد في الغرب lone-actor، علينا أن نولي مزيداً من الاهتمام لقضايا الصحة العقلية في إطار استجابتنا السياسية”.وأشار دي كيرشوف إلى الإفراج المرتقب عن مئات من مرتكبي الجرائم الإرهابية من سجون المملكة المتحدة ودول أخرى، إضافة إلى احتمال عودة لمقاتلي “داعش”، باعتبارها كلها تهديدات محتملة.
وجاء ذلك بعدما أشار التقرير السنوي عن “وضع الإرهاب واتجاهه” الصادر عن “يوروبول” Europol، إلى أن المملكة المتحدة أبلغت عن تعرضها لأكبر عدد من هجمات مجموعات أقصى اليمين الإرهابية المتطرفة ومؤامراتها في أوروبا في 2019.وذكر التقرير أن هجوماً نُفذ في “ستانويل” Stanwell (في إنجلترا) بعد يوم من إطلاق النار على مسجدي “كرايستشيرش” (في نيوزيلاندا)، بينما أُحبطت ثلاثة اعتداءات في تلك السنة.
وشهدت المملكة المتحدة أيضاً إحباط هجوم ذو دوافع دينية في “فيشرمونغرز هول”، وإحباط اثنين آخرين في 2019، إضافة إلى واحدة من تعتبر من مؤامرات “القضية الواحدة” single-issue.ولم تسجل دول الاتحاد الأوروبي كلها أكثر من هجومين إرهابيين جرى التخطيط لهما، أو ما يزيد على محاولتين لشن هجوم إرهابي من قِبل اليمين المتطرف.
ولا تزال هجمات “الإسلاميين” هي الأكثر فتكاً وشيوعاً. وفي العام الماضي، وصف رئيس شرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة، تطرف جماعات أقصى اليمين بأنه التهديد الإرهابي “الأسرع تنامياً”.وفي ذلك السياق، يشار إلى أنه من أصل 26 مؤامرة لشن هجوم إرهابي جرى إحباطها في بريطانيا منذ مارس (آذار) 2017، صُنفت 17 منها كمؤامرة حاكها “إسلاميون”، واعتُبرت ثمان من تدبير اليمين المتطرف، وواحدة يسارية أو فوضوية أو إرهاب من نوع “القضية الواحدة”.
رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=4154