مكافحة الإرهاب ـ ما هي أنماط الإرهاب الإسلاموي في أوروبا؟
c0638a07f818fd601eb9ecb31710265eY29udGVudHNlYXJjaGFwaSwxNzIzMjExODg1-2.77096821

أكتوبر 28, 2025 | دراسات

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا

مكافحة الإرهاب ـ ما هي أنماط الإرهاب الإسلاموي في أوروبا؟

كان البريطانيون يأملون ألّا يرو هجمات داعش مجددًا. فخلال هجومه الدموي على كنيس “هيتون بارك” العبري في مانشستر، بدا أن المهاجم يرتدي حزامًا ناسفًا. وعندما وقع الهجوم، لم يكن واضحًا ما إذا كان الجهاز حقيقيًا أم لا، لكن تبيّن لاحقًا أنه مزيّف. فالأحزمة الناسفة الحقيقية نادرة في الهجمات البريطانية إذ كان سلمان عبيدي، أحد منفذي تفجير مانشستر أرينا عام 2017 الذي أودى بحياة 22 شخصًا، يرتدي واحدًا منها بينما تنتشر الأجهزة المزيفة بكثرة، وقد أصبحت بمثابة “بصمة” لتنظيم داعش. عودة مثل هذه الصورة إلى بريطانيا من شأنها أن تثير المخاوف من موجة جديدة من الإرهاب بعد سنوات من الهدوء النسبي.

الأحزمة الناسفة الوهمية استخدمت في بعض أكثر الهجمات دموية خلال العقد الماضي: هجمات جسر لندن وسوق بورو عام 2017 التي قُتل فيها ثمانية أشخاص؛ وهجوم “فيشمونغرز هول” عام 2019 الذي نفّذه عثمان خان وأسفر عن مقتل اثنين؛ وكذلك هجوم “ستريثام” عام 2020 على يد سوديش أمان. هذه الأحزمة لا تؤدي وظيفتها فحسب، بل تبث الرعب، وتربك استجابة الشرطة التي تضطر إلى التعامل مع احتمال التفجير في أي لحظة، كما تحمل دلالات رمزية في الدعاية المتطرفة، إذ تُعد علامة ولاء للجماعات الإرهابية. كما يوضح أحد مسؤولي مكافحة الإرهاب في الغرب: “الأمر يتعلق بالعلامة الإسلاموية أكثر من كونه وظيفة عملياتية”.

مستوى التهديد الإرهابي العالمي بلغ أعلى درجاته

اختيار المهاجم في مانشستر لأسلوب الهجوم الجمع بين الطعن والدهس بالمركبة مألوف، إذ أصبح هذان الأسلوبان من السمات المميزة للإرهاب في أوروبا. ويخشى مسؤولو الاستخبارات أن يكون هذا الهجوم مقدمة لهجمات أخرى، إذ تشير البيانات إلى أن مستوى التهديد الإرهابي العالمي بلغ أعلى درجاته منذ سبع سنوات. ففي عام 2024، سُجلت حوادث إرهابية في 66 دولة، وهو العدد الأكبر منذ عام 2018، بحسب “مؤشر الإرهاب العالمي” الصادر عن “معهد الاقتصاد والسلام” في سيدني. ورغم أن معظم الهجمات تقع خارج الغرب، فإن هناك مؤشرات متزايدة على أن أوروبا عادت مجددًا إلى مرمى الإرهاب والتطرف. فقد تضاعف عدد الحوادث الإرهابية في القارة العام 2024 ليصل إلى 67 حادثًا أودت بحياة 25 شخصًا. ورغم أن هذا الرقم لا يزال أقل بكثير من ذروة عام 2016 عندما وقعت 362 هجمة أودت بحياة 736 شخصًا، فإن الارتفاع الأخير أثار قلق أجهزة الأمن.

الاستخبارات البريطانية لطالما أبدت مخاوفها من عودة الإرهاب الإسلاموي، إذ تتبعت متعاطفين يشتبه في سفرهم إلى الصومال واليمن للانضمام إلى فروع القاعدة وداعش. لكن الخطر الأكبر يكمن في الداخل، مع تزايد الهجمات الفردية التي ينفذها غالبًا مراهقون تعرضوا للتطرف عبر الإنترنت. وفي الغرب عمومًا، يُلاحظ أن نسبة مرتفعة من المخططات الإرهابية نُفذت أو حاول تنفيذها أطفال. وتشير البيانات الرسمية إلى أن واحدًا من كل خمسة مشتبهين بالإرهاب في أوروبا هو قاصر قانونيًا، وكثير منهم يستلهم دعاية تنظيم داعش.

ففي مدينة غراتس النمساوية، ألقت الشرطة العام 2024 القبض على فتاة تبلغ 14 عامًا من أصول مونتينيغرية، كانت تخطط لمهاجمة أشخاص بفأس وسكين، بعد أن عُثر في أجهزتها على دعاية لداعش ومقاطع إعدام. وفي فيينا، أُلقي القبض على فتى آخر في الرابعة عشرة لاستهدافه محطة قطارات في المدينة، بينما تم إحباط مخططات لمهاجمة حفلات المغنية الأميركية تايلور سويفت في العاصمة النمساوية، وكان المشتبه فيهم تتراوح أعمارهم بين 17 و19 عامًا. وعلى الرغم من أنه لا يوجد ما يشير إلى أن مهاجم مانشستر كان شابًا، فإن الخبراء يرون أن الحادث يعكس نمطًا أوسع لتجنيد الجماعات المتطرفة للأفراد الهشّين والمهمشين.

داعش لا يزال يمثل التهديد

تطوّر التطرف الإلكتروني من المنصات الكبرى إلى شبكات هامشية ومنتديات الألعاب والإنترنت المظلم، حيث تعمل الخوارزميات وغرف الصدى على دفع بعض الفئات نحو محتوى عنيف ومتطرف. ولا يزال تنظيم داعش يمثل القوة الأخطر. فبعد أن جُرّد من أراضيه في العراق وسوريا، أعاد تشكيل نفسه كمجموعة من الفروع الإقليمية شبه المستقلة تخضع لقيادة مركزية غامضة. وفي العام 2024، كان التنظيم مسؤولًا عن مقتل 1805 أشخاص في 22 دولة، أي أكثر من أي تنظيم إرهابي آخر. وقد شهدت سوريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر حملاته تطرفًا في العام 2024، لكن أسرع مناطق توسعه كانت في منطقة الساحل الإفريقي، حيث أدت الأنظمة المدعومة من روسيا إلى طرد القوات الغربية. ويُعتقد أن فرع “داعش الساحل” تضاعف حجمه ست مرات منذ عام 2018 ليصل إلى نحو 3 آلاف مقاتل.

أما الفرع الأكبر والأكثر خطورة فهو “داعش ـ خراسان” الذي تأسس في أفغانستان ويجنّد الآن عناصر من طاجيكستان وأوزبكستان وأجزاء أخرى من آسيا الوسطى. وقد أظهر قدرته على الوصول العالمي من خلال هجمات بارزة، من بينها إطلاق النار في حفل موسيقي بموسكو العام 2024 الذي أسفر عن مقتل 154 شخصًا. كما ألهم “داعش خراسان” مجندين أوروبيين، إذ نجح في استقطاب المراهقين الذين خططوا لهجوم حفلات تايلور سويفت، وشجعهم عبر تطبيق “تلغرام” على مبايعته، ووفّر لهم التعليمات اللازمة لصنع القنابل.

https://eocr.eu/?p=12437

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

مكافحة الإرهاب في بريطانيا ـ كيف يمكن للحكومة مواجهة جرائم الطعن؟

مكافحة الإرهاب في بريطانيا ـ كيف يمكن للحكومة مواجهة جرائم الطعن؟

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا مكافحة الإرهاب في بريطانيا ـ كيف يمكن للحكومة مواجهة جرائم الطعن؟ أعاد حادث الطعن المروّع الذي وقع على متن قطار، وأسفر عن إصابة تسعة أشخاص بجروح تهدد حياتهم، تسليط الضوء مجددًا على مشكلة العمليات الإرهابية والجريمة بالسكاكين...

إلى أي مدى أسهمت حروب الشرق الأوسط في تأجيج الإسلاموفوبيا الأوروبية؟

إلى أي مدى أسهمت حروب الشرق الأوسط في تأجيج الإسلاموفوبيا الأوروبية؟

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا إلى أي مدى أسهمت حروب الشرق الأوسط في تأجيج الإسلاموفوبيا الأوروبية؟ تشير البيانات إلى أن الحوادث المعادية للمسلمين داخل الاتحاد الأوروبي ارتفعت منذ هجمات "حماس" في أكتوبر 2023، خاصة في النمسا وبلجيكا وبلغاريا. ووفقًا لأحدث...

مكافحة الإرهاب ـ كيف تنجح خلايا “داعش” في جمع الأموال من داخل ألمانيا؟

مكافحة الإرهاب ـ كيف تنجح خلايا “داعش” في جمع الأموال من داخل ألمانيا؟

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا مكافحة الإرهاب ـ كيف تنجح خلايا "داعش" في جمع الأموال من داخل ألمانيا؟ تتلقى منظمات متطرفة مثل تنظيم "داعش" أموالًا من داخل ألمانيا بطرق يصعب تعقّبها، إذ يستخدم التنظيم وسائل التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات تحت غطاء إنساني أو...