مكافحة الإرهاب ـ ما طبيعة العلاقة بين “Muslim Interaktiv” وحزب التحرير المحظور في ألمانيا؟
bundesinnenminister-alexander-dobrindt-csu

نوفمبر 6, 2025 | دراسات

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا

تشهد ألمانيا تصاعدًا في نشاط الجماعات الإسلاموية، التي تستخدم الفضاء الرقمي كمنصة للتأثير على الشباب المسلم ونشر خطاب مناهض للديمقراطية. وتعد جمعية “Muslim Interaktiv” أبرز هذه الجماعات، إذ تحولت خلال سنوات قليلة إلى شبكة دعوية سياسية تمتلك حضورًا قويًا على وسائل التواصل الاجتماعي. وبعد تصنيفها كمنظمة متطرفة، قررت السلطات الألمانية حظرها رسميًا، في خطوة تعكس تشدد برلين في مواجهة التطرف الذي يهدد تماسك المجتمع وتستغل حرية التعبير لبث أفكار تتعارض مع النظام الدستوري والديمقراطي.

Muslim Interaktiv، النشأة والايديولوجية

تأسست جمعية “Muslim Interaktiv” في عام 2020، وتُعنى بشكل أساسي بالقضايا التي تواجه الجالية المسلمة في ألمانيا، حيث تنظر الجمعية إلى هذه الجالية على أنها أقلية تتعرض للتمييز والنبذ من المجتمع الألماني. وبحسب السلطات الأمنية الألمانية، فقد صنفت هذه الجمعية كجماعة متطرفة بسبب مواقفها وأهدافها، إذ تدعو إلى إقامة ما يُسمّى “دولة خلافة” في ألمانيا، رافضة بذلك النظام الديمقراطي المنصوص عليه في القانون الأساسي للبلاد. وترى السلطات أن الجمعية تمثل امتدادًا لحزب التحرير المحظور منذ عام 2003، الذي عُرف بترويجه للكراهية والعنف، ما يجعل نشاطاتها الأمنية محل متابعة دقيقة من قبل الأجهزة المختصة.

تستفيد “Muslim Interaktiv” من منصات التواصل الاجتماعي بشكل واسع لاستقطاب الشباب، وخاصة من الجاليات المسلمة، حيث يضم حسابها على تيك توك أكثر من 18 ألف متابع و380 ألف إعجاب، في حين تنشط على منصات إنستغرام ويوتيوب وغيرها. وتعكس منشوراتهم المصورة مستوى عالٍ من الاحترافية، إذ يتم تقديم قادة الحركة بشكل عصري وذو خطاب مؤثر، ما يسهم في جذب قاعدة أوسع من جمهور الشباب. شهدت استراتيجية الجمعية تطورًا ملحوظًا بعد الهجوم الذي شنه تنظيم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، إذ صارت رسائلهم أكثر حدة، مركزة على تعزيز الانتماء الديني والسياسي بين الشباب، واستغلال الأحداث الإقليمية لتوسيع دائرة التأثير. ويؤكد محللون ألمان أن الجمعيات والشبكات المشابهة تسعى إلى بناء هوية جماعية معززة بالخطاب الديني والسياسي، ما يشكل تحديًا أمنيًا واجتماعيًا معقدًا أمام السلطات الألمانية.

ما هي أسباب حظر جمعية “Muslim Interaktiv”؟

أعلن وزير الداخلية الاتحادي الألماني ألكسندر دوبريندت حظر جمعية “Muslim Interaktiv”، مؤكدًا أن الدولة لن تتهاون مع أي جهة تسعى إلى تقويض النظام الديمقراطي أو نشر الكراهية داخل المجتمع. وقال دوبريندت في تصريح رسمي: “كل من يدعو بقوة إلى الخلافة في شوارعنا، ويثير كراهية لا تُطاق، ويحتقر حقوق المرأة والأقليات، سيُواجَه بكل قوة القانون”، مضيفًا: “لن نسمح لمنظمات مثل Muslim Interaktiv بتقويض مجتمعنا الحر بكراهيتها واحتقارها لديمقراطيتنا، ومحاولتها مهاجمة بلدنا من الداخل”. أوضحت السلطات في بيان صادر عن وزارة الداخلية الألمانية، أن الجمعية رفضت مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون، وأظهرت مواقف مناهضة للدستور الألماني، ما جعل حظرها ضرورة لحماية النظام الدستوري. وبموجب القرار، سيتم إغلاق جميع المواقع الإلكترونية التابعة للجمعية، وحذف حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب مصادرة أصولها ومنعها من ممارسة أي نشاط مستقبلي داخل ألمانيا.

رحّب العديد من الساسة والخبراء بالقرار، معتبرين أنه خطوة حازمة ضد محاولات نشر التطرف الرقمي في أوساط الشباب المسلم. أوضح أندرياس جاكوبس، رئيس قسم التماسك المجتمعي في مؤسسة كونراد أديناور، إن “Muslim Interaktiv” تمثل “حركة سياسية ثورية تسعى إلى إحداث تغيير جذري في النظام الحاكم، ليس فقط في العالم الإسلامي، بل في جميع أنحاء العالم”. من جانبه، وصف آندي غروت، عضو مجلس الشيوخ عن الداخلية في هامبورغ، الحظر بأنه “ضربة قوية للإسلاموية المعاصرة على تيك توك”، مشيرًا إلى أن القرار يبعث برسالة واضحة مفادها أن الديمقراطية الألمانية قادرة على حماية نفسها من الداخل.

روابط جمعية “Muslim Interaktiv” مع جمعيتي “جيل الإسلام” و”حقيقة الإسلام”

أعلنت وزارة الداخلية الألمانية أن تحقيقاتٍ موسعة تجري بموجب قانون الجمعيات ضد كلٍّ من جمعيتي “جيل الإسلام” و”حقيقة الإسلام”، في خطوة تأتي استكمالًا للإجراءات التي اتخذتها السلطات مؤخرًا ضد جمعية “Muslim Interaktiv”. ووفقًا لبيان رسمي، بدأت عمليات تفتيش واسعة النطاق في الخامس من نوفمبر 2025، شملت 7 عقارات في مدينة هامبورغ، بناءً على أوامر قضائية، إضافة إلى تفتيش 12 عقارًا آخر في ولايتي برلين وهيسن، ضمن إطار التحقيقات المتعلقة بالنشاطات المشبوهة للمنظمتين.

أوضحت الوزارة أن دوافع التحقيق ترتبط بوجود شبهات قوية تفيد بأن الجمعيتين تتبنيان أهدافًا وممارسات مشابهة لتلك التي أدت إلى حظر جمعية “Muslim Interaktiv”، سواء من حيث التوجه الفكري أو الهيكل التنظيمي. وتهدف التحقيقات إلى جمع بيانات تفصيلية حول “كافة الجوانب الجوهرية والتنظيمية والمالية والبشرية” لهذه الجمعيات، بغية تحديد مدى مخالفتها للدستور ومبادئ النظام الديمقراطي في ألمانيا.

ورغم أن هذه المنظمات لا تُعد جزءًا من الطيف الجهادي، أكدت السلطات أن خطرها يكمن في نشر الفكر المتطرف عبر الوسائل الرقمية، واستغلال حرية التعبير للترويج لأفكار مناهضة للديمقراطية. وبحسب التقييم الأمني، فإنها تختلف عن تنظيمات مثل القاعدة أو داعش من حيث الوسائل، لكنها تشترك في الأهداف بعيدة المدى، إذ تسعى إلى إحداث تغييرات جذرية في بنية الدولة والمجتمع عبر أدوات فكرية وإعلامية بدلًا من استخدام العنف المباشر.

تحذيرات هيئة حماية الدستور

ترى هيئة حماية الدستور الاتحادية (الاستخبارات الداخلية الألمانية) أن هناك تقاربًا أيديولوجيًا واضحًا بين الجمعيات الثلاث: “Muslim Interaktiv”، و”جيل الإسلام”، و”حقيقة الإسلام”، حيث تشترك جميعها في الخطاب الديني والسياسي ذاته، وتستهدف الشباب المسلمين الناطقين بالألمانية عبر أنشطتها المكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي. وتربط الهيئة بين هذه الجمعيات وجماعة “حزب التحرير” الإسلامية، المحظورة في ألمانيا منذ عام 2003 بسبب مواقفها الرافضة للديمقراطية ودعواتها لإقامة “الخلافة”.

بحسب تقرير المكتب الاتحادي لحماية الدستور لعام 2024، تُعد جمعية “Muslim Interaktiv” الأكثر نفوذًا بين هذه الكيانات، نظرًا لقدرتها على توظيف الثقافة الشعبية، واستخدام أساليب تواصل عصرية تتسم بالاحترافية العالية على المنصات الرقمية، ما يجعلها أكثر جاذبية لفئة الشباب. ووفق التقرير نفسه، تمكنت الجمعية خلال عام 2024 من حشد أكثر من 1000 مشارك في عدة مظاهرات مرتبطة بالصراع في الشرق الأوسط، مستغلة الحس الديني والسياسي لدى الشباب المسلمين في ألمانيا.

يشير التقرير إلى أن الشخصيات القيادية في هذه الجمعيات تروّج لنمط حياة متشدد، يقوم على رفض قيم المجتمع الألماني ومؤسساته، محذرين مما يصفونه بـ”الدمج القسري” الذي تفرضه الدولة على المسلمين. ويعمد خطابهم إلى تصوير المسلمين كأقلية مضطهدة ومهمشة، وهو ما يجد صدىً قويًا لدى بعض الشباب الذين يعانون فعلًا من الإقصاء أو التمييز في حياتهم اليومية. وتعتبر السلطات أن هذا الخطاب يسهم في خلق بيئة خصبة لتغذية الانعزال الاجتماعي، وتعزيز الانقسام الثقافي داخل المجتمع الألماني.

https://eocr.eu/?p=12478

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

مكافحة الإرهاب في بريطانيا ـ كيف يمكن للحكومة مواجهة جرائم الطعن؟

مكافحة الإرهاب في بريطانيا ـ كيف يمكن للحكومة مواجهة جرائم الطعن؟

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا مكافحة الإرهاب في بريطانيا ـ كيف يمكن للحكومة مواجهة جرائم الطعن؟ أعاد حادث الطعن المروّع الذي وقع على متن قطار، وأسفر عن إصابة تسعة أشخاص بجروح تهدد حياتهم، تسليط الضوء مجددًا على مشكلة العمليات الإرهابية والجريمة بالسكاكين...

إلى أي مدى أسهمت حروب الشرق الأوسط في تأجيج الإسلاموفوبيا الأوروبية؟

إلى أي مدى أسهمت حروب الشرق الأوسط في تأجيج الإسلاموفوبيا الأوروبية؟

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا إلى أي مدى أسهمت حروب الشرق الأوسط في تأجيج الإسلاموفوبيا الأوروبية؟ تشير البيانات إلى أن الحوادث المعادية للمسلمين داخل الاتحاد الأوروبي ارتفعت منذ هجمات "حماس" في أكتوبر 2023، خاصة في النمسا وبلجيكا وبلغاريا. ووفقًا لأحدث...

مكافحة الإرهاب ـ كيف تنجح خلايا “داعش” في جمع الأموال من داخل ألمانيا؟

مكافحة الإرهاب ـ كيف تنجح خلايا “داعش” في جمع الأموال من داخل ألمانيا؟

المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا مكافحة الإرهاب ـ كيف تنجح خلايا "داعش" في جمع الأموال من داخل ألمانيا؟ تتلقى منظمات متطرفة مثل تنظيم "داعش" أموالًا من داخل ألمانيا بطرق يصعب تعقّبها، إذ يستخدم التنظيم وسائل التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات تحت غطاء إنساني أو...