المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا
مكافحة الإرهاب ـ لماذا تطالب أوروبا بالوصول إلى الرسائل المشفرة؟
تزايدت المخاوف من أن تُستخدم منصات مثل “واتساب” في تنفيذ وتخطيط الجرائم، ما دفع السلطات إلى المطالبة بمنحها حق الوصول إلى تلك المنصات. يقول منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، بارتجان ويغتر: “إنه يجب السماح لأجهزة الشرطة بالوصول إلى بعض الرسائل المشفرة من طرف إلى طرف لمواجهة التهديدات التي تستهدف أمن أوروبا”. لطالما دار جدل بين جهات إنفاذ القانون والمدافعين عن خصوصية البيانات حول ما إذا كان ينبغي إتاحة بيانات المنصات مثل “واتساب”، التي تعتمد تشفيرًا كاملاً بين المرسِل والمستقبِل، للمساعدة في التحقيقات. وتؤكد السلطات أن التحول إلى هذه الخدمات يحرمها من القدرة على اعتراض الاتصالات الضرورية لعملها. أكد ويغتر: “نحن نواجه وضعًا أصبح غير مستدام، حيث يفقد محققونا القدرة على إجراء التحقيقات بشكل فعال”.
ويغتر مسؤول عن تقديم التوصيات السياسية وتعزيز التعاون بين عواصم الاتحاد الأوروبي. وهو يشارك في اجتماعات وزارية وكان عضوًا في مجموعة من مسؤولي إنفاذ القانون تُعرف باسم “Going Dark”، ساهمت في صياغة استراتيجية الأمن الداخلي للاتحاد الأوروبي. وقد اقترحت هذه الاستراتيجية وضع قواعد جديدة للاحتفاظ بالبيانات ومنح جهات إنفاذ القانون صلاحيات أكبر للوصول إلى المعلومات. أشار ويغتر إلى: “أنه ينبغي السماح لجهات إنفاذ القانون بالوصول إلى الرسائل وغيرها من المعلومات، بما في ذلك بيانات التعريف مثل الموقع الجغرافي ووقت إرسال الرسائل، ولكن على أساس كل حالة على حدة، وبأن يكون ذلك “منظمًا للغاية” على غرار إجراءات التنصت التقليدي وأساليب المراقبة الأخرى”.
منصة للجريمة
كشف تقرير صادر عن وكالة الشرطة الأوروبية “يوروبول” في ديسمبر 2024 عن أمثلة لقيام إرهابيين بتنظيم وترويج أنشطتهم عبر مجموعات دردشة مشفرة، من بينها فرع الإعلام التابع لتنظيم “داعش ولاية خراسان” المعروف باسم “العزائم”، وجماعة النازيين الجدد “ستورمياجر ديفيجن”. وحذر ويغتر من أن “التهديد لأوروبا لا يزال مرتفعًا”. لكن المقترحات المتعلقة بالوصول إلى البيانات واجهت معارضة واسعة بسبب المخاوف المتعلقة بالخصوصية والأمن. وتركز معظم النقاشات على ما إذا كان من الممكن تقنيًا أن تقرأ الشرطة الرسائل المشفرة دون إضعاف النظام بأكمله، وبالتالي فتح الباب أمام جهات خبيثة مثل القراصنة.
في مايو 2025، وجّهت منظمات حقوقية وأكاديمية وباحثون رسالة إلى المفوضية الأوروبية يحذرون فيها من أن خططها الأمنية الداخلية قد تؤدي إلى هذا الخطر. كما تعارض شركات التكنولوجيا منذ فترة طويلة أي مساعٍ لإضعاف التشفير. ومع ذلك، أوضح ويغتر: “إنه يريد إشراكها في عملية صياغة القوانين وتطوير التكنولوجيا التي تتيح للشرطة الوصول إلى الرسائل”. وأضاف: “أعتقد أن من يصمم الأقفال يجب أن يكون قادرًا على تصميم المفتاح”. وتابع: “يمكننا الحفاظ على التشفير الآمن، وفي الوقت نفسه إيجاد وسيلة تمكّن محققينا من الوصول إلى البيانات في حالات فردية. لا أعتقد أنه من العدل القول إن وجود مفتاح واحد يعني أن كل شيء أصبح متاحًا للجميع”.
تحديث قواعد الاحتفاظ بالبيانات في الاتحاد الأوروبي
دعا ويغتر إلى تحديث قواعد الاحتفاظ بالبيانات في الاتحاد الأوروبي، لتحديد فترة احتفاظ دنيا ببيانات الاتصالات، مشيرًا إلى أن الوضع الحالي الذي تسوده قواعد متفرقة يجعل المحققين أمام “صعوبات” لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم الحصول على البيانات أم لا. يُذكر أن محكمة العدل الأوروبية ألغت تشريعات الاحتفاظ بالبيانات عام 2014، لكن ويغتر يرى أن موقف المحكمة “تطور” منذ ذلك الحين. وقد أُغلق باب المشاورة العامة للاتحاد الأوروبي بشأن تحديث قواعد الاحتفاظ بالبيانات، بعد أن تلقت نحو 5000 رد، معظمها من أشخاص مجهولين يعارضون أي إجراءات قد تؤدي إلى زيادة المراقبة الحكومية.
المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا
