خمسة ملايين قطعة.. السلطات الألمانية أمام تحدي ضبط حيازة السلاح – مكافحة الإرهاب
Dw – تشير التقديرات إلى أن نحو مليون شخص في ألمانيا يحلمون أسلحة بشكل قانوني وأن هناك خمسة ملايين قطعة سلاح ناري، وعلى ضوء الأحداث المأساوية مؤخرا تعمل الحكومة الألمانية على تشديد قوانين حيازة الأسلحة، لكن هناك عقبات عدة. تسعى الحكومة الألمانية إلى توسيع نطاق فحص خلفية حاملي السلاح وتشديد قوانين حيازة الأسلحة في محاولة لمنع المتطرفين ذوي الدوافع السياسية والأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية، من شراء الأسلحة.وجاءت الخطوة بشكل جزئي ردا على الهجوم العنصري بمدينة هاناو الألمانية حيث قتل رجل ألماني يدعى توبياس أر (43 عاماً) تسعة أشخاص من أصول أجنبية بـ”دوافع عنصرية” بالمدينة الواقعة في ولاية هيسن الألمانية، ثم توجه إلى منزل أبويه الذي كان يسكن به وقتل أيضا أمه وأطلق النار على نفسه في فبراير / شباط عام 2020. مكافحة الإرهاب
وأشارت التحقيقات إلى أن توبياس كان قادرا على شراء أسلحة بشكل قانوني رغم تشخيص حالته بأنه مصاب بجنون العظمة عام 2002 عندما أبلغ الشرطة أنه يتم التجسس عليه فيما استطاع حيازة ثلاث بندقياتإبان وقت الجريمة بل وكان قادرا على استعارة بندقية أخرى من تاجر أسلحة.ويجرى في الوقت الراهن إعداد مشروع قانون يهدف إلى توسيع نطاق عمليات الفحص والتدقيق من قبل سلطات إنفاذ القانون قبل منح تراخيص حيازة السلاح أو تجديدها، حسب ما أكدت المتحدثة باسم الداخلية الألمانية لـ DW.
حيازة المرضى النفسيين أسلحة
وتشير التقديرات إلى أن قرابة مليون شخص في ألمانيا يحلمون أسلحة بشكل قانوني تقدر بأكثر من خمسة ملايين قطعة سلاح ناري معظمهم من الألمان المُولعين بممارسة الرماية أو محبي الصيد أو الغابات.ورغم قلة جرائم إطلاق النار بشكل نسبي في ألمانيا، إلا أن قرابة 155 شخصا يلقون حتفهم في حوادث إطلاق نار سنويا.بدوره، يرى مارسيل إمريش، النائب في البرلمان الألماني عن حزب الخضر والمتحدث باسم الحزب للشؤون المحلية، أن حوادث إطلاق النار الأخيرة تظهر أن هناك حاجة إلى تشديد وضبط قوانين حيازة الأسلحة في ألمانيا. مكافحة الإرهاب
وفي ذلك، قال إنه كلما قل امتلاك الأفراد للأسلحة، كلما زادت سلامة المواطنين.يشار إلى أن خطط الحكومة تتضمن إلزام السلطات التي تمنح تراخيص حيازة السلاح وهي في الغالب الشرطة المحلية بمراجعة السلطات الصحية لمعرفة ما إذا كان الشخص الذي يرغب في امتلاك سلاح يعاني من مرض عقلي ولديه سجل بذلك.بيد أن لديتمار هيوبروك، أستاذ علم النفس الشرعي بجامعة بريمن الألمانية، يعتقد أن هذا الأمر يثير العديد من المشاكل، مضيفا أن السلطات الصحية ليس لديها بالضرورة سجلات كاملة عن الأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية.
وقال هيوبروك – المتخصص في قوانين حيازة الأسلحة في ألمانيا- إنه لا توجد قاعدة بيانات خاصة بالأمراض النفسية التي يمكن أن تؤدي إلى أعمال عنف، متسائلا: “هل لدينا تدابير صحيحة للتعرف على المخاطر النفسية المحتملة التي قد يعاني منها أي شخص مستقبلا؟”وفي مقابلة مع DW، ضرب هيوبروك مثالا على ذلك بقوله: لنفترض أنني أمتلك سلاحا ثم تعرضت لأزمة شخصية مثل خسارة مصدر رزقي ثم بدأت في تخيل أوهام عنيفة مثل الانتقام من المجتمع، لذا أريد أن أخرج وقتل كل من أراه.. في هذه الحالة، لن يكون بمقدور السلطات الصحية معرفة ذلك مسبقا”.
ورغم ذلك، فإن هيوبروك يقدم حلا لهذه المعضلة يتمثل في تطوير اختبارات نفسية جديدة يخضع لها كل شخص يتقدم للحصول على رخصة حيازة سلاح، مضيفا أن الاختبارات الحالية تعود لعشرين عاما ما يعني ضرورة تحديثها وتطويرها.ويتفق في هذا الرأي السياسي والنائب عن حزب الخضر مارسيل إمريش الذي قال إن القانون الجديد يمكن أن يطلب من جميع المتقدمين للحصول على ترخيص لحيازة أسلحة باجتياز اختبار تقييم نفسي وليس فقط من تقل أعمارهم عن 25 عاما كما تتطلب القوانين الحالية.بيد أن الاتحاد الألماني لرياضة الرماية البالغ عدد أعضاءه أكثر من 1.3 مليون شخص، يلقي بظلال من الشكوك حيال إمكانية جمع البيانات الصحية الحساسة من الناحية القانونية خاصة عندما يتعلق الأمر بمدى خبرة الأشخاص الذين يقومون بمثل هذه الاختبارات.وفي بيان لـ DW ، قال الناطق باسم الاتحاد “إنه على سبيل المثال، لا يمكن لمسؤول في هيئة تنظيمية الحكم على أن الملف الصحي المقدم ينطبق مع قانون حيازة الأسلحة”.
تعديل قوانين حيازة الأسلحة – مكافحة الإرهاب
الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها ألمانيا خططتا لتشديد قوانين حيازة الأسلحة. وفي ذلك، قال تورستن رينوالد، المتحدث باسم جمعية الصيد الألمانية التي تضم 250 ألف شخص، إن المشكلة تتعلق بتنفيذ القوانين الحالية وليس الأمر يتعلق بالقوانين في حد ذاتها.وفي مقابلة مع DW، قال “إنه كان من الممكن منع جريمة هاناو حيث كان معروفا أن الشخص منفذ الجريمة يعاني من مرض عقلي، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء. إذا كان هناك تعاون وتواصل أفضل بين السلطات، كان يمكن حرمانه من حيازة السلاح. هذه هي المشكلة الأساسية أما المطالب الجديدة فهي ليست سوى أوهام”. مكافحة الإرهاب
الجدل حول الحرية الشخصية والخصوصية- مكافحة الإرهاب
يشار إلى أن السلطات المختصة تتمتع بصلاحيات واسعة النطاق بشكل نسبي لفحص خلفية حاملي الأسلحة إذ قد يطلبون الحصول على شهادة صحية في حالة الشكوك بشأن الوضع العقلي والنفسي لحاملي الأسلحة، فيما يقول رينوالد إن عمليات التفتيش التي تقوم بها الشرطة “لا تحترم الحرية الشخصية”، على حد قوله. يتزامن هذا مع المخاوف حيال الخصوصية إذ أعرب الحزب الديمقراطي الحر الذي يشارك في الائتلاف الحاكم حاليا، عن مخاوفه بشأن خطط وزارة الداخلية. ويعترف السياسي والنائب عن حزب الخضر مارسيل إمريش بأن قضية الفحوصات والبيانات الطبية والصحية “شديدة الحساسية”، لكن شدد في الوقت نفسه على أن القوانين الجديدة تأخذ هذا الأمر على عين الاعتبار. وقال “التحدي يتعلق بالتعامل مع البيانات بمسؤولية، لكن يجب ضمان عدم حصول أشخاص بعينهم على أسلحة”. مكافحة الإرهاب
ورغم ذلك، تؤكد المؤرخة داغمار إليربروك من جامعة دريسدن التقنية على أن النقاش القائل بأن تشديد قوانين حيازة الأسلحة قد يتعارض مع الحرية الشخصية يعد أمرا مضللا. وقالت في مقابلة صحافية إن امتلاك أسلحة “ليس حقا أساسيا يقيده القانون الحالي بل يعد امتيازا يمنح لأفراد بعينهم لذا يجب أن يكون الشخص مؤهلا للحصول على هذا الامتياز”.فعقب جريمة إطلاق النار في مدرسة بمدينة إيرفورت شرق ألمانيا والتي راح ضحيتها 18 شخصا عام 2002، جرى زيادة السن القانوني لحيازة الأسلحة فيما جرى تنفيذ عمليات تفتيش عشوائية على مالكي الأسلحة للتأكد من أنهم يخزنون أسلحتهم وفقا للقوانين المنظمة وذلك في أعقاب جريمة إطلاق نار جماعية في بلدة وينيندين عام 2009.
وفي أعقاب الهجمات الإرهابية في باريس عام 2015، قام الاتحاد الأوروبي بتعديل ضوابط حيازة الأسلحة النارية والتي تم دمجها في القانون الألماني عام 2020. ويعد هذا أخر تعديل تقوم به السلطات الألمانية وبموجبه اضطرت السلطات المختصة إلى إجراء مراجعات مع وكالة المخابرات المحلية للتأكد من أن الشخص الذي يرغب في امتلاك سلاح ليس لديه سجل متطرف. كما ينص هذا القانون على ضرورة قيام السلطات المختصة بالتحقيق من أن حاملي الاسلحة المسجلين لديهم “حاجة” مشروعة لحيازة سلاح وذلك كل خمس سنوات بمعنى تتحقق الشرطة من أن الشخص مالك السلاح لا يزال عضوا في نادي للرماية أو لديه رخصة صيد. لكن تقارير أشارت إلى انضمام عناصر من النازيين الجدد إلى أندية خاصة بممارسة رياضة الرماية فيما كانت ألمانيا على وقع صدمة الكشف على أن جماعة “موطني الرايخ” اليمينية المتطرفة.
كذلك فقد كان منفذ جريمة هاناو، وأيضا اليميني المتطرف “ستيفان إيه” الذي قتل السياسي البارز والمؤيد للمهاجرين والتر لوبكه عام 2019، عضوان في أندية رماية. في المقابل، يرى مالكو الأسلحة في ألمانيا عدم وجود حاجة إلى تشديد قوانين حيازة الأسلحة.
رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=8766