خطر متعدد الأشكال في فرنسا وأوروبا بعد 5 سنوات من هجوم “شارلي إيبدو”-مكافحة الإرهاب
الشرق الأوسط – تطرح محاكمة منفّذي الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» عام 2015 والتي تنطلق الأسبوع المقبل في باريس، مسألة استمرار خطر المجموعات الأصولية المتطرفة ماثلاً بأشكال عدّة في فرنسا وأوروبا، ولو أن القدرات العملانية لهذه المجموعات تبدو في الوقت الراهن وكأنها تراجعت.
فبعد خمس سنوات من الهجوم على الصحيفة الأسبوعية الساخرة، والتي كانت باكورة سلسلة هجمات أدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا في فرنسا، لا تزال أجهزة الشرطة والاستخبارات في حال تأهب لقطع الطريق أمام أي محاولات لإحياء هذه المجموعات، نظراً إلى ما يتمتع به تنظيما «داعش» و«القاعدة» من قدرات على إعادة تنظيم نفسيهما. فلهاتين الشبكتين عدد كبير من «الفروع» المحلية الناشطة جداً. لكنّ مسؤولين وخبراء يرون أن لا إمكانية كبيرة لتنفيذ عمليات في فرنسا مُعدة تخطيطاً وتمويلاً في الخارج، على غرار هجمات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 الدامية في باريس. مكافحة الإرهاب
وتتحدث أجهزة الاستخبارات الفرنسية عن «محدودية» قدرات هذه المجموعات على التحرك في أوروبا وعلى إقامة صلات مع مؤيديها. وقال الخبير في شؤون الإرهاب في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية الدولية سيث جونز، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الولايات المتحدة ودولاً أخرى نجحت قبل انتهاء سيطرة تنظيم «داعش» على مناطق في العراق وسوريا، «في القضاء على شبكة عملياته الخارجية، بقتل عدد كبير من مسؤوليه العملانيين أو اعتقالهم».
أما «القاعدة»، فلم يعد موجوداً تقريباً كتنظيم مركزي عالمي، لكن المجموعات المحلية التي تنسب نفسها إليه ناشطة بقدر المجموعات المرتبطة بـ«داعش»، من اليمن إلى الساحل الأفريقي، مروراً بسوريا وليبيا.وأدت جائحة «كوفيد – 19» إلى إلهاء قوات الأمن وصرف انتباهها، لكنّها عقّدت في الوقت نفسه مهمة التنظيمات الجهادية التي بقيت ناشطة جداً محلياً ولكنها التزمت الحذر على نطاق أبعد.
ولاحظ تقرير للأمم المتحدة في منتصف يوليو (تموز) الفائت أن «الخطر الإرهابي على المدى القصير زاد في مناطق النزاعات وانحسر في مناطق السلام».ومع ذلك، لا يدّعي أيٌّ كان أن الخطر زال عن أوروبا. فعلى سبيل التذكير، أحبطت السلطات الألمانية في أبريل (نيسان) الماضي، خططاً لاعتداءات تستهدف منشآت عسكرية أميركية وأوقفت خمسة طاجكستانيين يُشتبه بأنهم تحركوا باسم تنظيم «داعش».
وتراقب السلطات في كل دول العالم المنتمين إلى هذه المجموعات، وكذلك الخارجين من السجن بعد تنفيذهم أحكامهم، والأفراد الذين التحقوا حديثاً بالتوجهات المتطرفة. ويضاف إلى هؤلاء المقاتلون الذين بقوا في سوريا والمعتقلون في السجون الكردية والفارون.وأشارت النيابة العامة لمكافحة الإرهاب في باريس إلى أن «الخطر الإرهابي تجسد هذه السنة في شخصيات منعزلة، لم ترصدها أجهزة الاستخبارات بسبب آليات حركتها ومحدودية اتصالاتها شبه المعدومة مع الشبكات الجهادية المعروفة».مكافحة الإرهاب
وحسب إحصاء رسمي، شهدت فرنسا 17 اعتداءً صغيراً منذ عام 2015 بينها ثلاثة في عام 2020 لم تتبنّها المجموعات نفسها، بل جاءت من أفراد تصرفوا بشكل منعزل، يعانون مشكلات نفسية. ومن الصعب عملياً استباق مثل هذه الاعتداءات.
لكن النيابة العامة لاحظت أيضاً «تفكيك مجموعات منظمة أكثر، إضافة إلى شبكات مختصة بتزوير الوثائق وبالتمويل، وهما عنصران يُعدّان دائماً التمهيد اللازم لتشكيل مجموعات عملانية». وفي مايو (أيار) الماضي، أعلنت السلطات القبرصية ترحيل 17 مهاجراً يُشتبه في كونهم شاركوا في أعمال إرهابية أو انتموا إلى تنظيمي «داعش» أو «القاعدة». ويلخص هذا المثل «استخدام طرق الهجرة غير الشرعية للوصول إلى أوروبا»، على ما أفادت الأمم المتحدة.
ولا يستبعد مدير مركز تحليل الإرهاب جان شارل بريزار، عملاً مخططاً له من «الدولة الإسلامية»، مشيراً إلى «إحباط خطط اعتداءات أخيراً في أوروبا». لكنه رأى أن الحلقة المقبلة ستكون حلقة «الخارجين». ولاحظ المركز، ومقره باريس، أن 60% من السجناء المحكوم عليهم في فرنسا لأعمال في البوسنة والعراق وأفغانستان عاودوا المشاركة في عمليات عنفية بعد انتهاء فترة حبسهم. وتضم لوائح المشتبه باعتناقهم التوجهات المتطرفة في فرنسا تسعة آلاف اسم، لكن الأجهزة المختصة تضع أولويات.
وتبقى فرضية تنفيذ هجمات ضد فرنسا في الخارج. وحسب مصدر أمني مطلع على الملف، تشكل منطقة غرب أفريقيا إحدى مناطق الخطر الرئيسية منذ مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب عبد المالك دروكدال، خلال عملية عسكرية فرنسية في شمال مالي في يونيو (حزيران) الماضي. وقد تشكل السفارات والشركات والمواطنون الفرنسيون أهدافاً لعمليات انتقامية.
وأكد سيث جونز، نهاية الشهر الماضي: «أرى أن تنفيذ تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب) هجوماً انتقامياً ضد القوات الفرنسية أو أهداف فرنسية أخرى في أفريقيا، في غرب القارة أو شمالها، مرجّح أكثر من حصول ذلك في فرنسا نفسها. من الأسهل للتنظيم العمل في أفريقيا. وبعدها، قُتل ستة فرنسيين عاملين في الحقل الإنساني في 9 أغسطس (آب) مع سائقهم ومرشدهم النيجريين في جنوب شرقي نيامي، في هجوم نفّذه مسلحون على دراجة نارية ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه».
رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=4087