المرصد السوري لحقوق الانسان و ـ DW ـ قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، يوم 15 ابريل 2020، إن تركيا نقلت دفعة جديدة من مقاتلي الفصائل السورية الموالية لها إلى العاصمة الليبية طرابلس، في خضم أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأوضح المرصد أن عشرات المقاتلين السوريين وصلوا إلى ليبيا للمشاركة بالمعارك إلى جانب المليشيات المتطرفة المرتبطة بحكومة فائز السراج ضد الجيش الوطني الليبي. وبذلك، ارتفع عدد المجندين الذين وصلوا إلى الأراضي الليبية حتى الآن إلى نحو 5050 مرتزقا، في حين أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1950 مجندا.وأبرز المرصد، على موقعه الرسمي “تتواصل الاشتباكات العنيفة بين الجانبين على محاور عدة داخل الأراضي الليبية”.وفي هذا السياق، وثق المرصد السوري مقتل 8 مقاتلين سوريين من المرتزقة، لتصل حصيلة القتلى في صفوف الفصائل الموالية لتركيا جراء العمليات العسكرية في ليبيا إلى 190 مقاتلا.
من سوريا إلى ليبيا – “جهاديون” يقاتلون تحت وصاية تركيا
وفقا الى تقرير DW ، تتوافد بشكل متواتر دفعات جديدة من المقاتلين السوريين الذين ترعاهم تركيا وتغريهم بطرق عدة إلى ليبيا، كما كشفت تقارير خبرية وأمنية. وكشف محللون لـDW عربية أن خطرهم سيهدد دول المنطقة على المدى الطويل.
صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نهاية العام الماضي “أن الطريق المؤدي للسلام في ليبيا يمر عبر بلاده”. وفي تصريح آخر أدلى به لصحيفة “بوليتيكو” الأوروبية، نشرته بتاريخ 18 كانون الثاني/ يناير 2020، قال أردوغان “إن ترك ليبيا تحت رحمة بارون حرب سيكون خطأ تاريخيا”، وأضاف محذرا بأن “المنظمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة التي منيت بهزيمة عسكرية في سوريا والعراق، ستجد تربة خصبة (في ليبيا) وستقف على قدميها”.
لكنّ هذه التحذيرات صارت حقيقة وواقعا ملموسا على أرض الواقع، فقد كشفت العديد من التقارير وصول دفعات جديدة من المقاتلين السوريين المنتسبين إلى تنظيمات ترعاها تركيا إلى الأراضي الليبية قادمين من سوريا وأكد المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري أن مطارات تركيا لا تزال تضخ المرتزقة إلى مطارات مصراتة وطرابلس يوميا.
وقال المسماري “رصدنا وصول 1500 إرهابي إلى ميناء طرابلس قادمين من موانئ تركيا”، لافتا إلى أن هناك أسلحة تدخل إلى ميلشيا طرابلس بالرغم من قرار مجلس الأمن بحظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا.وأضاف المتحدث باسم الجيش الليبي “لم يصلنا أي استنكار من الأمم المتحدة أو حقوق الإنسان إزاء العدوان التركي على بلادنا”.وتقدم تركيا دعما عسكريا كبيرا للميليشيات المرتبطة بحكومة السراج، سواء بإرسال مستشارين عسكريين أو جنود أو أسلحة، أو حتى مرتزقة من سوريا.
تقارير وشهود عيان يرصدون الجهاديين القادمين من تركيا
نشرت صحيفة “غارديان” البريطانية مقالا ـ استنادا إلى مصادرها ـ يفيد أن حوالي ألفين من المقاتلين السوريين ينشطون حاليا داخل وحدات أبرزها وحدة أطلق عليها اسم زعيم المقاومة الليبية عمر المختار. أما مصادر أخرى فترى أن أعدادهم أكثر بكثير. وفي حديث لموقع DW عربية مع رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال إن “عدد المقاتلين وصل إلى أربعة آلاف مقاتل ينقسمون إلى جزئين؛ سوريون ومقاتلون مرتزقة من عشرة فصائل كانوا ضمن المقاتلين الجهاديين بسوريا”. ويتم نقل المقاتلين “على متن الطائرات الليبية من الحدود السورية التركية إلى الأراضي الليبية”، يردف رامي عبد الرحمن.بدوره يؤكد ميركو كايلبيرت الخبير الألماني في الشأن الليبي هذه المعلومات، وقال في حديث مع DW: “تم رصد طائرات تابعة للخطوط الجوية الليبية وطائرات ليبية خاصة حطت بليبيا والكثير من التقارير والأشخاص الذين تواصلت معهم في عين المكان يؤكدون أن الأمر يتعلق بمقاتلين سوريين”.
وحسب صحيفة “غارديان” فإن المقاتلين وقعوا عقودًا مدتها ستة أشهر مباشرة مع حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة، وليس مع الجيش التركي، مقابل 2000 دولار شهريًا. وفي نفس السياق أوضح رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن “تركيا تعد المقاتلين بالحصول على الجنسية التركية مقابل مشاركتهم في المعارك في ليبيا. ومن يلقى حتفه يصل عائلته مبلغ 500 دولار لمدة سنتين”. وتقول الخبيرة الألمانية في شؤون شمال افريقيا فيكتوريا ريتيغ بأنه “من المألوف أن تمنح دولة ما جنسيتها كمكافأة لأشخاص أجانب أسدوا لها خدمات معينة من أجل حمايتهم عبر منحهم حق العيش على اراضيها مستقبلا بشكل قانوني”.
في هذا السياق، أكد الناطق باسم “الجيش الوطني الليبي ” أحمد المسماري، أن أردوغان يستهدف إرسال 18 ألف عنصر. وأتهم المسماري رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ب”دفع مليون دولار لكل قائد فصيل كي يرسل عناصره السورية للقتال في ليبيا”. ونشرت عدة مواقع ليبية تغريدات وأشرطة توضح المسارات التي يدخل منها المقاتلون إلى الأراضي الليبية:
تركيا وحكومة الوفاق تنفيان !
من جانبها، قالت الأمم المتحدة في 25 كانون الثاني/ يناير 2020 إن بعض الدول التي تدعم الفصائل المتناحرة في ليبيا انتهكت حظر الأسلحة بعد مؤتمر برلين، دون أن تحدد هذه الدول. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتهم مباشرة نظيره التركي بعدم الوفاء بالوعود التي قطعها في مؤتمر دولي بشأن ليبيا بعد وصول سفن حربية تركية ومقاتلين سوريين إلى ليبيا. وقال ماكرون “شاهدنا في الأيام الأخيرة وصول سفن حربية تركية برفقة مرتزقة سوريين إلى الأراضي الليبية. هذا انتهاك واضح وخطير لما تم الاتفاق عليه في برلين. إنه إخلاف للوعد”.
غير أن تركيا تنفي إرسال المقاتلين السوريين إلى ليبيا. وحملت تركيا فرنسا مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في ليبيا. وقال المتحدّث باسم وزراة الخارجيّة التركيّة حامي أقصوي في بيان “لم يعد سرًّا بالنسبة إلى أحد أنّ هذه البلاد (فرنسا) تُقدّم دعمًا لا مشروط لقوّات (رجل شرق ليبيا القويّ المشير خليفة) حفتر، لتكون صاحبة الكلمة على موارد ليبيا الطبيعيّة”. وأضاف أقصوي أن دعم باريس ودول أخرى لحفتر الذي يشنّ هجومًا ضدّ “الحكومة الشرعيّة”، يُشكّل “أكبر تهديد لوحدة أراضي ليبيا وسيادتها”.
بدوره، نفى الناطق باسم وزارة خارجية حكومة الوفاق الليبية محمد القبلاوي، في تصريحات سابقة نقلتها “بوابة أفريقيا الإخبارية” بتاريخ 06 شباط / فبراير2020 “وجود مقاتلين سوريين في صفوف قوات الوفاق، وفسّر التعاون مع تركيا قائلا: “اتفاقنا مع الدولة التركية لإرسال خبراء، وهم يتواجدون في طرابلس بهدف تدريب عناصرنا”.
بيد أن الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر لا يتهم تركيا بإرسال المقاتلين السابقين في سوريا فحسب، بل ويتهمها بنقل الأسلحة إلى مقاتلي قوات الوفاق الوطني، كما جاء في إحدى تغريدات الجيش الوطني عبر حسابه بتويتر.
“أردوغان يقلد استراتيجية بوتين“
في السنوات القليلة الأخيرة دأبت تركيا على أن يكون لها حضور في مناطق الأزمات في الشرق الأوسط. وتبقى ليبيا أحدث مثال على ذلك. ويشرح ميركو كايلبيرت الخبير الألماني في الشأن الليبي التحرك التركي بالقول: تركيا تأثرت بالاستراتيجية الروسية وتريد التدخل في ليبيا كما فعلت في سوريا لأهداف اقتصادية وللضغط على أوروبا وأيضا ليكون لديها دور في المستقبل خلال فترة إعادة البناء”، ويضيف الخبير الألماني في حديث مع DW عربية بأن ” تركيا لديها مصالح اقتصادية في عدد من البلدان الإفريقية كمالي وكينيا وهي تحاول التأثير في تلك المناطق عن طريق الدين”.
المقاتلون مصدر تهديد لبلدان شمال افريقيا
كما كان الحال في العراق وسوريا فمن بين الأسئلة المطروحة؛ السؤال المتعلق بمستقبل المقاتلين. وترى الخبيرة الألمانية فيكتوريا ريتيغ في حوار مع DW أن حصولهم على الجنسية التركية يعني ضمنيا قدرتهم على التحرك في اتجاهات مختلفة: “يمكن للسوري الحامل لجواز سفر تركي الحصول على تأشيرة للولايات المتحدة الأمريكية أو منطقة شنغن، والتي ستكون صعبة أو مستحيلة حاليًا باستخدام جواز سفر سوري”. لكنه ليس من السهل التكهن بمستقبلهم بعد نهاية المعارك؛ تضيف الخبيرة الألمانية.
وفي نفس السياق ترى لاورا كابيس كيشريرد، الخبيرة الألمانية في شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا، أن “خطورة المقاتلين الإسلاميين في ليبيا ستكون مطروحة أمام البلدان المجاورة لليبيا، لكن ذلك سيكون على المدى البعيد”. وتضيف ذات الخبيرة أنه “كلما ازداد عدد المقاتلين الإسلاميين القادمين من سوريا إلى ليبيا، سيصير عليهم من الصعب العودة إلى سوريا أو تركيا، ما يعني أنّ نسبة كبيرة منهم ستظل في ليبيا لمدة أطول أو تفر إلى البلدان المجاورة لها”.
وفي ظل تمسك تركيا بنهجها في الأراضي الليبية وفشل المجتمع الدولي في ثنيها عن إرسال المقاتلين يرى مراقبون أن خروج الليبيين من النفق المظلم سيبقى بعيد المنال.
رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=2299