المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا
حزب “البديل” الشعبوي في صعود – ماذا يعني ذلك لألمانيا؟
DW– بعد فوز حزب “البديل” اليميني الشعبوي برئاسة أول بلدية في ألمانيا، حذر خبراء من حدوث “هزات سياسية” في ضوء الطموحات الكبيرة للحزب الذي تخضع بعض الكيانات التابعة له لمراقبة الاستخبارات الألمانية بسبب التطرف.تسببت ما أسفرت عنه الانتخابات مؤخرا في دائرة زونيبرغ الصغيرة بولاية تورينغن شرقي ألمانيا في حدوث “زلزال سياسي” وزخم وردود فعل كبيرة على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
وعلى وقع النتائج، فاز حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي بأول منصب قيادي على مستوى البلديات الألمانية متفوقا على مرشح الحزب المسيحي الديمقراطي فيما اعُتبر الفوز بالمفاجئ حتى وإن كانت دائرة زونيبرغ صغيرة إذ لا يزيد عدد سكانها عن 57 ألفا.ولا يملك رئيس دائرة زونيبرغ نفوذا كبيرا، لكن قادة حزب “البديل” يأملون أن يؤدي النصر إلى نجاح سياسي أكبر وسط حالة ابتهاج بين قادته وأعضائه.وقد أفاد أحدث استطلاع للرأي أن “البديل” يحظى بفرص حقيقية قد تمهد الطريق أمام أن يصبح الحزب اليميني الشعبوي أقوى كيان سياسي في ثلاث ولايات بشرق البلاد خلال الانتخابات المحلية العام المقبل.
الناخبون غير منزعجين من فضائح “البديل”
وقد حقق “البديل” هذا الفوز الذي وُصف بالتاريخي على الرغم من الفضائح العديدة التي طالت عددا من قادته وسياسيه مثل سوء إدارة التبرعات الحزبية ووجود صلات مؤكدة مع متطرفين يمينيين متشددين والتورط في خطاب كراهية عنصري.ويبدو أن ناخبي تورينغن لم يردعهم حقيقة مفادها أن شخصيات حزبية داخل “البديل” قد أقدمت على إبداء إشارات إيجابية للفاشية والنظام النازي بما يمثل ذلك من انتهاك لدستور البلاد.لكن يبدو أن “البديل” اليميني الشعبوي يجذب الناخبين بسبب موقفين سياسيين اثنين ألا وهما معارضة الهجرة وخطط حماية المناخ إذ ظلت لسنوات إثارة مشاعر معادية للأجانب والمسلمين محور الحملات السياسية للحزب.
وفي مقابلة مع صحيفة “تاتز Taz” الألمانية، قال المحلل السياسي يوهانس هيلغي إن “الرواية الأساسية لحزب البديل كانت تقوم لفترة طويلة على الزعم القائل بأن هناك تهديدا للثقافة الألمانية قادما من الخارج من خلال المهاجرين. بيد أن هذا السرد أصبح الآن يقوم على أساس الزعم بأن هذا التهديد مصدره أيضا الداخل من خلال تحول المجتمع إلى الحياد المناخي وهو مشروع مركزي لائتلاف يسار الوسط في برلين وحزب الخضر.”
“البديل”…وجه المعارضة الحقيقي الوحيد
يشار إلى أن الحكومة الائتلافية (يسار الوسط) في برلين والتي تضم الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الخضر وحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، تعصف بها خلافات داخلية بشأن سياسات الطاقة والضرائب والموازنة.ومن أجل تمرير القوانين في أوقات الأزمات الدولية، حصل الائتلاف الحاكم على بعض الدعم من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي شقيق الحزب الديمقراطي المسيحي وهما يشكلان معا كتلة المحافظين في البرلمان الألماني وأيضا على دعم من حزب اليسار ذو التوجه الاشتراكي.
لكن في المقابل، أصبح حزب “البديل” الكيان السياسي الوحيد الذي رفض كافة سياسات الحكومة وهو ما مكنه من تقديم نفسه باعتباره يمثل المعارضة الحقيقية الوحيدة.ويُضاف إلى ذلك عدم اضطرار أعضاء حزب “البديل” إلى تولي مناصب قيادية وتحمل أي مسؤولية بما قد يشمل إدارة أي حكومة محلية فيما يرجع ذلك جزئيا إلى أن كافة الأحزاب السياسية تستبعد الانخراط في أي تحالفات مع الحزب اليميني الشعبوي.يتزامن هذا مع قلق متنام يسود الألمان بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة والتضخم.
وفي ذلك، يقول المحلل السياسي هيلغي إن الحكومة الاتحادية في برلين فشلت في تهدئة المخاوف وهو الأمر الذي استغله حزب “البديل” إذ تحول الخلافات طويلة الأمد بشأن برنامج التخلص التدريجي من التسخين القائم على الوقود الأحفوري إلى “برنامج لتحفيز اليمنيين الشعبويين”، على حد وصفه.لكن الكثيرين يلقون باللوم في نجاح حزب “البديل” على كتلة المحافظين في البرلمان الألماني إذ قال بعض المحللين إن فريدريش ميرتس، زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي، كرر بعض خطابات اليمين المتطرف من خلال تبني موقف شعبوي ضد اللاجئين وحقوق مجتمع الميم وحماية المناخ.
ويرى كثيرون أن هذا الأمر يعد محاولة سمجة لاستعادة الناخبين المؤيدين لحزب البديل، لكن الأمر ينذر بنتائج عكسية إذ يفضل الناخبون بشكل عام التصويت لصالح الكيان السياسي الحقيقي وليس الكيانات المقلدة.
شبح ترامب يلوح في الأفق
ويقول مراقبون إن ألمانيا تشهد في الوقت الراهن تطورا يحمل في طياته مقاربة مع الوضع السياسي الأمريكي إذ رغم أن ترامب مارس أكاذيب وتورط في فضائح، إلا أنه مازال يمثل قوة سياسية حتى وإن كانت محددة.وعلى غرار ترامب، يصور حزب “البديل” اليميني الشعبوي نفسه بأنه يمثل البديل الوحيد للمؤسسة السياسية ويمثل صوت الشعب المكبوت من قبل الحكومة الاتحادية ووسائل الإعلام الرئيسية.وتتفق الاستخبارات المحلية والمجلس المركزي لليهود وجمعيات إسلامية على أن “البديل” يمثل تهديدا للديمقراطية وسط تحذيرات من وجود روابط بين الحزب اليميني الشعبوي ومنظمات مناهضة للدستور فضلا عن مخاوف من تزايد قوة جناح الحزب القومي المتطرف.
وعقب النجاح الانتخابي في تورينغن، حصل حزب “البديل” على دعم غير مشروط من معسكر النازيين الجدد إذ هنأ الناشط اليميني المتطرف البارز مايكل بروك على حسابه على تطبيق “تليغرام” الحزب بعد فوزه.لكن تهئنة بروك حملت تحذيرا إلى روبرت زيسلمان، مرشح حزب “البديل” الذي فاز بمنصب رئيس مجلس بلدية زونيبرغ، قائلا: “لا يمكن قبول أي تساهل زائف في عملية التنظيف الحتمية للإدارة”.
رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=10486