فرنسا … التطرف يصل مؤسسات الدولة
الشرق الأوسط – قال ممثل الادعاء الفرنسي المعني بمكافحة الإرهاب إن التحقيق رصد مؤشرات على «تطرف كامن» لدى منفذ هجوم بسكين قتل 4 من زملائه في مقر للشرطة في باريس. ونفذ موظف في قسم تكنولوجيا المعلومات في مقر الشرطة هجوماً يوم الخميس، قتل فيه 3 من ضباط الشرطة وموظفة إدارية، وأصاب شخصاً واحداً آخر على الأقل، قبل أن ترديه الشرطة قتيلاً.
وأشار فرنسوا ريكار، ممثل الادعاء الفرنسي المعني بمكافحة الإرهاب و التطرف ، أول من أمس، إلى أن مكتبه تسلم التحقيق، لأن هناك مؤشرات على أن الجريمة كانت متعمدة، إضافة لطبيعة الإصابات التي لحقت بأحد الضحايا على الأقل، وأضاف أن المهاجم كانت لديه رغبة في الموت.وأكد ريكار في مؤتمر صحافي أن «سياق التطرف الكامن»، والرسائل ذات الطبيعة الدينية البحتة التي أرسلها المهاجم لزوجته قبيل الجريمة، شكلت عوامل إضافية.
وتابع أن التحقيق كشف أيضاً عن اتصالات بين المهاجم وعدد من الأفراد الذين يرجح أنهم ينتمون لحركة أصولية متشددة، حيث اعتنق المهاجم، البالغ من العمر 45 عاماً، الإسلام قبل نحو 10 سنوات، وكان يعمل في مقر الشرطة الذي نفذ فيه الهجوم منذ أعوام. ولم يعلن المسؤولون إلا عن الاسم الأول للمهاجم، وهو ميكائيل هاربون. ولفت ريكار إلى أن المهاجم ولد في جزيرة مارتينيك الفرنسية. ولم يفصح مسؤولون عما إذا كان هناك دافع متعلق بالإرهاب وراء الهجوم، لكن إحالة القضية لممثلي الادعاء المعنيين بمكافحة الإرهاب تشير عادة إلى أن صلة الأمر بالإرهاب صارت محور التحقيقات.
وأوضح مدعي النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب و التطرف أن التحقيقات الأولية كشفت عن سعي منفذ الهجوم إلى عدم التواصل مع النساء و«تبديل عاداته لناحية ملابسه منذ بضعة أشهر». وأضاف أن ميكائيل هاربون الذي يعمل منذ 2003 في دائرة المعلومات في مركز شرطة باريس تخلى في الواقع «عن أي زي غربي، واستبدله بزي تقليدي للتوجه إلى المسجد». وعزز رصد خطه الهاتفي فرضية التخطيط لعمل عنيف، خصوصاً أنه تبادل صباح الهجوم «33 رسالة نصية» مع زوجته التي مددت الشرطة توقيفها رهن التحقيق.
وأكد ريكار أنه «خلال هذا الحديث، استخدم المهاجم كلمات ذات بعد ديني، أنهاها بعبارة (الله أكبر)»، موضحاً أنه حض زوجته على اتباع الإسلام، وقراءة القرآن، ناقلاً عن أشخاص يعرفون المهاجم أنه أدلى بـ«عبارات مماثلة» في الليلة التي سبقت الهجوم.
ومنذ الهجوم، يحمل اليمين واليمين المتطرف الحكومة مسؤولية التقصير، ويطالبان بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية لـ«كشف مواطن الخلل». وقال زعيم كتلة حزب الجمهوريين اليميني في مجلس النواب، كريستيان جاكوب، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «القضية خطيرة جداً»، داعياً إلى التعامل معها «بجدية بالغة، لأنها تعني الأمن وفاعلية أجهزة استخباراتنا».وبدورهم، طالب كثيرون من نواب الحزب باستقالة وزير الداخلية كريستوف كاستانير. ورأى النائب إريك سيوتي أنه «لم يعد مؤهلاً لمواصلة مهمته».
وبعيد الهجوم، صرح كاستانير أن المهاجم «لم تظهر لديه أي صعوبات مرتبطة بالسلوك» أو «أي إشارة تنذر بشيء ما».ومن جانبه، أكد رئيس الوزراء، أدوار فيليب، في مقابلة مساء أول من أمس، أن لديه «كامل الثقة بوزير الداخلية كاستانير»، لكنه أعلن إطلاق مهمتين لتقييم أداء عناصر مكافحة الإرهاب.وأعلن الإليزيه أن مراسم لتكريم الضحايا ستقام صباح غد (الثلاثاء)، في حضور الرئيس إيمانويل ماكرون.
وتشكل هذه المأساة تحدياً جديداً للشرطة الفرنسية التي تواجه منذ أشهر صعوبات جمة، خصوصاً الانتقادات لكيفية إدارتها الشأن الأمني في العاصمة، في ظل أزمة «السترات الصفراء». وعلق مصدر في الشرطة: «من الصعوبة بمكان أن نفسر كيف نجح (المهاجم) في الإفلات من رادارات جهاز مكافحة الإرهاب داخل الشرطة».
ومن جهته، قال رئيس الوزراء، إدوار فيليب، لصحيفة «لو جورنال دي ديمونش» الأسبوعية إنه أمر المفتشين بمراجعة الإجراءات المتبعة حالياً في إدارة المخابرات داخل مقر الشرطة، ووحدة مخابرات مكافحة الإرهاب، بشأن اكتشاف مؤشرات الميل نحو التشدد بين الموظفين المدنيين. كما دافع فيليب عن وزير داخليته كريستوف كاستانير الذي تعرض لهجوم من حزبين معارضين، حيث دعا حزبا التجمع الوطني اليميني المتطرف والجمهوريين المنتمي لتيار يمين الوسط، أول من أمس، البرلمان لاستجواب الوزير.
وكان كاستانير قد ذكر، أول من أمس، أن منفذ الهجوم «لم تظهر عليه أي علامات تنبئ بالخطر قبل إقدامه على هجومه الجنوني المميت». ونقلت الصحيفة عن رئيس الوزراء قوله: «أثق في كريستوف كاستانير الذي قدم ما لديه من معلومات في الوقت الذي تحدث فيه».وفي غضون ذلك، قال قائد شرطة باريس، ديدييه لالمان: «ما يزيد من فظاعة هذه المأساة أن موظفاً لدينا ارتكبها»، مؤكداً أن الظروف الأمنية داخل مركز الشرطة «مثالية تماماً».
رابط مختصر … https://eocr.eu/?p=1039