حركة “الهوية” تثير ذعر الاستخبارات الأوروبية
مهاجر نيوز – قلق متزايد من تنامي أعداد الشباب المنضمين إلى حركات يمينية عبر أوروبا تعمل على وقف حركة الهجرة من نصف الكرة الجنوبي إلى القارة العجوز. هل تدفع مواقفهم الحكومات الأووربية لاعتماد سياسة أكثر تشدداً حيال اللاجئين والمهاجرين؟
عبر أوروبا، ومن ايرلندا إلى سلوفينيا، تقوم مجموعات من الشباب بالحشد والتعبئة ضد استقبال بلادهم للمهاجرين. وتثير حركة “الهوية” اليمينية، والتي يقودها شباب مولعون بالتكنولوجيا، انتباه الكثيرين لجهودها الرامية إلى “وقف” و “عكس” تدفق المهاجرين من النصف الجنوبي للكرة الأرضية.في ستراتهم الزرقاء البراقة، تبرز مجموعة الشباب والشابات أمام المناظر الطبيعية الخلابة لجبال الألب. سبب سفرهم إلى هنا مكتوب على المروحيتين اللتين أحضرتهم: “الدفاع عن أوروبا”.
سافر مائة شخص يطلقون على أنفسهم “جيل الهوية” (Generation Identity – GI) إلى مقاطعة كول دي لوشيل بالقرب من مدينة بريانكون الفرنسية بجبال الألب، بهدف “إعاقة تقدم المهاجرين غير الشرعيين”. يحمل أفراد الحركة أعمدة خشبية وشبكات بلاستيكية برتقالية اللون ويقيمون الحواجز والأسيجة على الحدود حيث يقوم المئات من الأشخاص شهرياً بمحاولات للانتقال سيرا على الأقدام من إيطاليا إلى فرنسا.
أحد نشطاء الحركة قال لمراسل DW: “لقد حاولنا إظهار أنه إذا ما أردنا، فبوسعنا إيقاف حركة المهاجرين لأن الحكومة لا تريد أن تفعل ذلك في الحقيقة. إذا كان بإمكان 100 فتى وفتاة من أوروبا بناء الحواجز، فلماذا لا تستطيع الحكومة فعل ذلك؟”.
هؤلاء النشطاء هم أعضاء في الحركة اليمينية الجديدة للشباب في أوروبا والتي يبدو أنها تكتسب شعبية متزايدة بمرور الوقت. تجمع الحركة اليمينية الجديدة شباباً من مختلف الأطياف اليمينية وتحت شعارات مختلفة، بعضهم من تيارات غير ليبرالية وهوياتية، آخرون من اليمين المتطرف ومن اليمين الجديد إلى اليمين البديل، في تصاعد ملحوظ بأوروبا بعد أن حقق اليمين الجديد نجومية كبيرة في الولايات المتحدة خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. – حركة “الهوية” –
ويوصف هذا الشباب بأنه “يميني عاشق للموسيقى alt-right hipsters”، نظراً لمظهرهم وصغر سنهم والوشوم المرسومة على أجسادهم. ويرفض كثيرون مثل “جيل الهوية” في النمسا بقيادة مارتن سيلنر، أن يوصفوا بأنهم نازيون جدد أو عنصريون أو كارهون للأجانب. يقول مارتن إن مجموعة “جيل الهوية” لا تعتمد العنف في عملها، وإنها مثل باقي الجماعات الشبابية اليمينية الأخرى لا تتعامل مع الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة. وما يوحد هذه المجموعات الشبابية هو الاعتقاد بأن أوروبا تواجه عملية “استبدال هائلة” من خلال المهاجرين المسلمين والأفارقة، ويريدون القيام بشيء حيال ذلك.
هناك الكثير من الجماعات اليمينية الجديدة (والقديمة) في جميع أنحاء أوروبا، بعضها محظور نشاطه، مثل مجموعة “طاقم الذئاب البيضاء الإرهابي”، الألمانية المحظورة التي يُتهم أعضاؤها بالمسؤولية عن تنفيذ وتخطيط هجمات ضد اللاجئين. لكن المجموعات اليمينية الشبابية الجديدة ليست واحدة من هذه المجموعات وليست مدرجة على قوائم المجموعات ذات السلوك العنيف، فهي تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب بذكاء مع بعض الأعمال الغوغائية، لكن نشاطها في المُجمل ضمن الحدود القانونية. – حركة “الهوية” –
أحد أوائل هذه الأنشطة الغوغائية لمجموعة “جيل الهوية ” كان في عام 2012 عندما احتل أفراد من المجموعة مسجداً في بواتييه بفرنسا، وهي مدينة لديها تاريخ طويل في مقاومة الإسلام.تسلقت مجموعة من نشطاء “جيل الهوية الألماني Generation Identity Germany (IBD) بوابة براندنبورغ الشهيرة في العاصمة برلين، وعلقت عليها لافتة ضخمة كتب عليها “حدود آمنة – مستقبل آمن”. في العام نفسه، سافر نمسايون إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث حاولوا منع قوارب الإنقاذ من مساعدة المهاجرين في الوصول إلى شواطئ أوروبا.
ذئب بثوب حمل؟
مع حملاتهم الإعلامية القوية على شبكات التواصل الاجتماعي، يبدو اليمين الجديد مختلفا ولكنه يبقى مثيرا للقلق، بحسب الدكتورة بريتا شلينبيرغ، المهتمة بمسألة التطرف اليميني في أوروبا. تشعر شلينبيرغ بالقلق إزاء ما تقول إنه “مزيج خطير من التطرف اليميني الفكري والنشاط القوي على الأرض”. وتضيف لمهاجر نيوز “نحن نرى أشخاصاً مرتبطين أكثر بالعنف، بما في ذلك العمل العنيف الرمزي. إنهم يهددون المنظمات غير الحكومية ومن ناحية أخرى فهم مرتبطون جيدا ببعضهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي”.
أدى استخدام اليمين الأوروبي المتطرف للوسائط الرقمية إلى حدوث “تأثير غرفة الصدى” والمقصود بذلك هو أن تتكرر وجهات نظر الأعضاء بشكل يؤدي إلى تضخمها وانتشارها، ما يؤدي إلى تعزيز انتشار الرسائل المناهضة للهجرة، وتزيد في الوقت نفسه من تأثير مجموعات مثل “جيل الهوية”.
ويُعتقد أن عدد الأعضاء الرسميين في مجموعة “جيل الهوية” صغير نسبياً. تقول شلينبيرغ لمهاجر نيوز، في المدن الأوروبية التي تتسم بالتنوع العرقي، يميل عدد أقل من الشباب للانضمام إلى الجماعات اليمينية، لكن في المناطق الريفية وحيث نمت الحركة، تتزايد أعداد المنضمين إلى المجموعة حيث يكون هؤلاء معرضون بقدر أكبر للاحتكاك بالمهاجرين، وتتابع أن “سكان الريف يرون المدن الكبيرة مثل برلين وكولونيا مدن سيئة، مليئة بالمهاجرين”. وتضيف “إن من لا يرون التعدد والتنوع الاجتماعي، يشعرون بالتهديد بشكل أكبر”.
حتى لو لم ينضم أغلب الشباب في أوروبا – وخاصة سكان المدن – إلى اليمين المتطرف، فقد تمكنت مجموعة “جيل الهوية” من النمو بالطريقة نفسها التي التي حقق بها اليمين السياسي مكاسب في عدة دول أوروبية، بما في ذلك فرنسا وألمانيا والمجر والدنمارك وإيطاليا.
ولا يُعتبر ذلك من المصادفات، فهناك أدلة قوية على وجود روابط بين الأحزاب اليمينية المتطرفة، مثل البديل من أجل ألمانيا (AfD) أقوى حزب معارض في البلاد، وجماعات الشباب اليمينية ووسائل الإعلام اليمينية. تقول شلينبيرغ إن هذه الروابط تؤدي إلى انتشار أخبار مزيفة، فعلى أقل تقدير يمكن لجماعات مثل “جيل الهوية” تقديم الدعم للأحزاب اليمينية، عندما نشرت مجموعة “دافعوا عن أوروبا” الحواجز أمام المهاجرين في مقاطعة كول دي لوشيل، قال نائب رئيس حزب الجبهة الوطنية الفرنسية لقناة BFM الإخبارية “لقد نجحوا في جعل الحكومة تفهم بأن هناك حدودا، وأن هذه الحدود تحتاج إلى السيطرة”.
إذن هل تستطيع الجماعات اليمينية مثل “جيل الهوية” النجاح في دفع الحكومات لاتخاذ موقف أكثر تشددا وأقوى ضد عمليات الهجرة؟ تجيب شلينبيرغ بأنهم يستطيعون ذلك، وتضيف “هنا في ولاية بافاريا الألمانية، يقال إنه لا ينبغي أن يكون أي حزب يميني أكثر يمينية من حزب يمين الوسط، الاتحاد الاجتماعي المسيحي CSU المشاركة في الائتلاف الحكومي بألمانيا … أثناء الحملة الانتخابية كانوا يقولون إنهم يجب أن يستعيدوا الناخبين من أقصى اليمين في حزب البديل من أجل ألمانيا AfD”.
وتختم شلينبيرغ حديثه بالقول “طبعا لا يمكنهم استعادة هؤلاء الناخبين إلى صفوفهم ما لم يثيروا قضايا مثل قضية الهجرة والتي ترتبط في الوقت الحالي ارتباطا كبيرا بهذا الحزب”
ربط مختصر … https://eocr.eu/?p=1496