تنظيم داعش، غير قادر على تجاوز خسائره في الشرق الاوسط
داعش في الشرق الاوسط

أبريل 18, 2020 | دراسات

زعامة القرشي نقطة ضعف جديدة تمهد لإنهاء داعش

صحيفة العرب اللندنية ـ التنظيم المتطرف يعجز عن إحياء دعاية الحشد والتجنيد في الشرق الأوسط.

يحاول تنظيم الدولة الإسلامية المتخبط في أزمة تنظيمية بعد مقتل زعيمه الأول أبوبكر البغدادي، استغلال ظرفية تفشي وباء كورونا لإعادة ترتيب صفوفه في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا في سوريا والعراق. وبالفعل سرّع التنظيم الإرهابي مؤخرا من حدة تحركاته خاصة في العراق عبر هجمات مقاتليه في ما يعرف بـ”مثلث الموت” أي بين محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى، لكن رغم كل هذه المؤشرات توجد في المقابل دلائل أخرى تؤكّد أن داعش لن يكون قادرا على تجاوز خسائره للظهور في شكل القوي في ظل كل ما يقال عن عدم أهلية زعيمه الجديد أبوإبراهيم الهاشمي القرشي.

بغداد دفعت الخسائر الكبرى التي تلقاها داعش في أهم معاقله بمنطقة الشرق الأوسط خاصة بعد مقتل زعيمه أبوبكر البغدادي إلى تغيير التنظيم المتطرف لاستراتيجيات تحركاته ونشاطاته محاولا استغلال انكباب الحكومات على مقاومة وباء كورونا.

ويتحرك التنظيم في الأشهر الأخيرة بكثافة في المنطقة بين محافظات كركوك وصلاح الدين (شمال) وديالى (شرق)، المعروفة باسم “مثلث الموت”.ويعمل داعش في إطار جزء من استراتيجياته على إعادة بناء مجموعاته القتالية في شرق نهر الفرات وغربه في سوريا، وفي المناطق الصحراوية والجبلية في غرب وشمال غرب العراق.وقد تجلت هذه المخططات الجديدة بعدما أكدت مصادر أمنية عراقية الخميس أن مسلحي تنظيم داعش الإرهابي استهدفوا حقلا نفطيا في محافظة كركوك شمالي البلاد، وذلك بعدما تم الإعلان منذ بداية الأسبوع عن مقتل أحد الجنود العراقيين و23 مسلحا من داعش خلال اشتباكات عنيفة في كركوك.

وأعلن العراق منذ عام 2017 تحقيق النصر على داعش باستعادة كامل أراضيه التي كانت تقدر بنحو ثلث مساحة البلاد اجتاحها صيف 2014، لكن التنظيم لا يزال يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة، ويشن هجمات بين فترات متباينة.ويشير الكثير من المراقبين إلى أن السلطات العراقية التي تسيطر على أجندتها السياسية تدخلات قادة إيران، لم تعر بالشكل الكافي تحذيرات سابقة من أن داعش لم ينته بمجرّد قتل زعيمه أبوبكر البغدادي.وحذر مسؤولون في وكالة المخابرات الأميركية من أن مقتل أبوبكر البغدادي في غارة أميركية يوم 26 أكتوبر الماضي، لم يقوّض قدرات وتهديدات التنظيم، الذي حافظ على تماسك بنيته التنظيمية ومنظومة القيادة والسيطرة فيه، بالإضافة إلى أن العديد من فروعه لا تزال تمارس نشاطاتها العسكرية والأمنية في دول عدة.

تركز الآن جل التقارير المخابراتية الأميركية وغيرها على القائد الجديد للتنظيم أبوإبراهيم الهاشمي القرشي الذي تسلم القيادة بعد مقتل البغدادي. وتُعوّل الجهات المحارِبة لداعش وفي مقدمتها التحالف الدولي على كل ما يقال من أخبار عن عدم أهلية القرشي لقيادة التنظيم في مرحلة ما بعد البغدادي.

ضعف القيادة

ظهرت الكثير من الدلائل التي تشير إلى استمرار الانشقاقات التي طالت الصف الأول من قيادة التنظيم، الذي شهد خلافات منهجية بين تيارين متشددين فشل البغدادي في التوفيق بينهما قبل مقتله.ولا يزال التنظيم يتمتع بحرية حركة نسبية عبر “مجموعات متنقلة” تواصل شنّ هجمات منخفضة المستوى في المناطق الهشة أمنيا بالعراق وسوريا، قياسا إلى هجماته المميتة قبل السيطرة على مدينة الموصل شمالي العراق عام 2014، ثم التمدد إلى مناطق واسعة في الجارتين العراق وسوريا.

وتوجد الكثير من الشكوك الأميركية حول قدرة القرشي على استمرار نشاطات مقاتلي التنظيم بزخم مؤثر يُلفت انتباه العالم إلى وجودهم وعدم هزيمتهم، والحفاظ على تماسك ووحدة بنية التنظيم والحيلولة دون تفككه.وتؤكد بعض الأرقام الصادرة عن مسؤولين أميركيين في مكافحة الإرهاب أن التنظيم المتطرف يحتفظ بما لا يقل عن 14 ألف مقاتل في العراق وسوريا، بعد فقدانه منطقة الباغوز بريف دير الزور قرب الحدود السورية مع العراق في مارس 2019.

استمرار الانشقاقات داخل التنظيم يؤكد عدم أهلية أبوإبراهيم الهاشمي القرشي لقيادة داعش في مرحلة ما بعد البغدادي بينما تشير أرقام أخرى إلى ما يزيد عن 18 ألف مقاتل، بعد أشهر قليلة من خسارة التنظيم لتلك المنطقة، وهي آخر مناطق سيطرته في العراق وسوريا، بعد أحداث الموصل 2014.

وتحاول القوات الأمنية العراقية فرض السيطرة الأمنية على جانبي الحدود العراقية السورية، لحرمان التنظيم من التسلل بالاتجاهين ومنع تواصل مجموعاته القتالية بين العراق وسوريا، في مناطق الجزيرة شمال نهر الفرات وصحراء البادية جنوب النهر، وصولا إلى المثلث العراقي الأردني السوري.ومن خلال متابعة العمليات التي تشنها المجموعات المقاتلة المتنقلة، يبدو التنظيم حسب الخبراء لا يزال يمتلك ما يكفي من الإمكانيات القتالية لتهديد الأمن والاستقرار.

وتشمل مناطق عمليات التنظيم في العراق، محافظات صلاح الدين وديالى والأنبار وكركوك ونينوى ومنطقة حزام بغداد الشمالي، إضافة إلى محافظات حمص ودير الزور والحسكة والرقة السورية. ويركز داعش نشاطاته على المناطق الريفية النائية على الحدود العراقية السورية غرب وشمال غرب العراق والمناطق المُتنازع عليها بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم شمال العراق، في محافظتي كركوك ونينوى.ورغم الخسائر الكبيرة في صفوف مقاتليه وقياداته المتقدمة، إلا أن التنظيم يحتفظ بقدرات بشرية تشكل تهديدا جديا بشنّ هجمات أو نصب كمائن للقوات الأمنية العراقية وفصائل الحشد الشعبي وقوات النظام السوري، والتسلل إلى المراكز الحضرية، من دون التفكير بالسيطرة عليها.

وخسر داعش أعدادا كبيرة من قياداته ومقاتليه طيلة أربع سنوات من حرب التحالف الدولي على التنظيم، وعمليات القصف المكثفة والمعارك التي خاضها مقاتلو التنظيم ضد القوات الأمنية العراقية أو في سوريا.ويسعى داعش إلى حشد الآلاف من المقاتلين ضمن منظومة قيادة متماسكة قادرة على السيطرة المركزية على المقاتلين، سواء في توجيه الأوامر أو جمع المعلومات أو شنّ الهجمات على أهداف منتقاة.

دعاية غير فعالة

تشير تقارير للقيادة المركزية الأميركية إلى أن دعاية داعش في حشد الأتباع والمؤيدين وتجنيد المقاتلين أصبحت أقل فاعلية قياسا إلى ما كانت عليه قبل أحداث الموصل أو خلال عامي 2015 و2016.وبعد أحداث الموصل 2014 نجح التنظيم، في الأشهر الأولى، في تجنيد أعداد كبيرة جدا من سكان المناطق التي خضعت لسيطرته، لكنّ الأسلوب المتشدد الذي انتهجه في إدارة السكان أدى إلى تراجع واضح في أعداد المنضمين إليه، وهجرة معاكسة من مناطقه إلى مناطق أخرى، عبر مهربين، رغم القيود الأمنية.وتتطلع وزارة الدفاع الأميركية إلى تعاون حلف “الناتو” لتقديم المزيد من المساعدة لتدريب القوات الأمنية العراقية ومواجهة أنشطة داعش في المنطقة وفي العراق، بعد التوترات التي تشهدها علاقة القوات الأميركية مع الحكومة العراقية، التي استجابت لضغوط القوات المحلية الحليفة لإيران بالطلب من القوات الأجنبية، أي الأميركية، الخروج من العراق.

وتتصاعد المخاوف من عودة داعش في ظل المستجدات التي طرأت على السياسات الأميركية في تخفيف الوجود العسكري في عموم منطقة الشرق الأوسط، والتركيز على التهديدات الأخرى التي تمثلها الصين، وتكثيف التواجد العسكري الأميركي في دول أوروبا الشرقية، لتبديد مخاوفها من روسيا، بعد ضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014.وتُشير تقارير أميركية إلى وجود نحو 5200 جندي أميركي في العراق لقتال ما تبقى من عناصر داعش وتدريب القوات الأمنية وإعادة تأهيل قدراتها القتالية، التي تضررت جراء الحرب على التنظيم، بعد أحداث الموصل.

في مقابل ذلك، لا تبدو القوات الأمنية العراقية مؤهلة لمواجهة داعش وهزيمته بشكل نهائي في غياب الدعم والإسناد الجوي من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، إضافة إلى حاجة القوات العراقية إلى مزيد من التدريب على أيدي مدربي التحالف.ويرى متخصصون في الجماعات الإرهابية أن داعش لا يزال يشكل تهديدا للأمن والاستقرار في الدول التي تتواجد فيها عناصره، وخاصة العراق وسوريا، حيث يُنفذ عمليات شبه يومية وأنه من  المتوقع أن تظل النشاطات الأمنية والعسكرية للمجموعات المتنقلة التابعة لداعش في إطار جغرافي محدود.

ومن غير المرجح أن يلجأ التنظيم للسيطرة على أراض أو مدن في العراق أو سوريا، نظرا لتراجع قدراته القتالية وإمكانياته المالية، بالإضافة إلى العامل البشري، حيث لم تعد عملياته لتجنيد مقاتلين بالسهولة التي كانت عليها قبل سنوات.

رابط مختصر  https://eocr.eu/?p=2332

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

اليمين المتطرف في ألمانيا ـ استغلال  فنون الدفاع عن النفس لتعزيز الإيديولوجية

اليمين المتطرف في ألمانيا ـ استغلال فنون الدفاع عن النفس لتعزيز الإيديولوجية

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا يصل أكثر من 200 ضابط شرطة إلى اجتماع يضم حوالي 130 رجلاً وامرأة في منطقة هاشنبورج الصغيرة في منطقة فيسترفالد. يتعلق الأمر بحدث فنون قتالية - ذو خلفية يمينية متطرفة. خلال مداهمة ليلية كبرى في منطقة فيستروالد، فضت الشرطة اجتماعًا...

اليمين المتطرف ـ فرار المتطرفين من تيليجرام إلى سيمبلكس

اليمين المتطرف ـ فرار المتطرفين من تيليجرام إلى سيمبلكس

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا فر بعض المتطرفين من اليمين المتطرف من تيليجرام إلى ملاذ جديد: سيمبلكس، خدمة الرسائل التي حصلت للتو على أكثر من مليون دولار في التمويل بمساعدة جاك دورسي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة تويتر، والمعروفة الآن باسم إكس. بدأت الهجرة...

ألمانيا ـ اتخاذ إجراءات صارمة في حالة الإدلاء بتصريحات معادية للسامية

ألمانيا ـ اتخاذ إجراءات صارمة في حالة الإدلاء بتصريحات معادية للسامية

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا من المقرر تنظيم مسيرات في وقت لاحق من سبتمبر 2024 لإحياء ذكرى هجمات السابع من أكتوبر 2023. سوف تتصاعد المشاعر وستواجه الشرطة مهمة صعبة. أعلنت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر (SPD) عن اتخاذ إجراءات صارمة في حالة الإدلاء...

Share This