المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا
من الهول إلى الجدعة.. “وصمة العار” تلاحق عائلات “الدواعش”
الحرة – سلط تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية، الخميس، على التحديات والصعوبات التي يواجهها العراقيون من أفراد عائلات تنظيم داعش في مخيم الهول بسوريا خلال رحلة العودة لمناطقهم الأصلية حيث لا تزال “وصمة العار” تلاحقهم نتيجة انتماء أحد أبنائهم للتنظيم المتطرف.تقول الصحيفة إنها حصلت على وصول نادر وحصري لمخيم الجدعة-1 الشهر الماضي وأجرت مقابلات مع أربع عائلات، تم السماح لها بالمغادرة مؤخرا لإفساح المجال للوافدين الجدد. وتضيف الصحيفة أن الحكومة العراقية تخطط لتسريع عملية إعادة رعاياها، الذين تربطهم صلات مؤكدة أو مشتبه بها بتنظيم داعش، من مخيم الهول الواقع شمال شرقي سوريا.
وتشير إلى أن الأسبوع الماضي شهد نقل حوالي 650 مدنيا معظمهم من النساء والأطفال من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة-1 قرب الموصل، حيث سيقضون عدة أشهر قبل السماح لهم بالمغادرة. على الرغم من أنهم لم يرتكبوا جرائم، إلا أن العديد منهم لديهم أقارب انضموا إلى داعش وتعرضوا لسنوات للفكر المتطرف، وفقا للصحيفة.تقول الصحيفة إن العائلات الأربع التي سمح لها بالمغادرة أعربت عن ارتياحها لترك سوريا، لكنها مع ذلك تعيش حاليا ظروفا صعبة وتخشى من عمليات الانتقام.
وتؤكد أن مقابلات مع عائدين وعمال إغاثة وموظفين أممين، تحدثوا جميعهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم، بالإضافة لمسؤولين حكوميين عراقيين، تثير تساؤلات حول ما إذا كانت عمليات الإعادة إلى الوطن تفي بمبادئ الأمم المتحدة الخاصة بالعودة الآمنة والطوعية وكذلك تكشف عن إخفاق في عمليات إعادة دمج العائدين. جميع العائلات الأربع التي قابلتها الصحيفة غادرت المخيم دون الحصول على وثائق ضرورية مثل بطاقات الهوية أو عقود الزواج، مما قد يعيق حركتها ويصعّب حصولها على الخدمات.وتبين الصحيفة أن “أي من العائلات الأربع لا تمتلك مكانا للعيش أو وسيلة لدفع الإيجار، فيما تشعر ثلاث منها بعدم الأمان في العودة إلى مناطقها الأصلية، لكن اثنتين منها أُجبرتا على القيام بذلك”.
تقول سهى (اسم مستعار) إن عشيرتها لا تسمح لعائلتها بالعودة إلى الديار”.وتبين الصحيفة أن هذا الأمر يعد “شكلا من أشكال العقاب الجماعي الذي تفرضه عادة العشائر، حيث قامت بنفي الأسرة بأكملها لأن صهر سهى انضم إلى تنظيم داعش”.بالمقابل ترفض وزارة الهجرة والمهجرين العراقية هذه المزاعم ووصفتها بـ”الأكاذيب”. وقال المتحدث باسم الوزارة علي عباس للصحيفة: “حتى الآن لم يقتل أحد على يد العشائر.. معظمهم العائدين يكذبون لأنهم يريدون البقاء في المخيم لأطول فترة ممكنة للاستفادة من الغذاء والدعم المالي المقدم هناك”.
وكجزء من برنامج القبول المجتمعي المستمر الذي ترعاه الأمم المتحدة، اجتمع قادة محليون في فندق ببغداد الأسبوع الماضي، بعضهم مؤيد للعودة والبعض الآخر طالب بتعويض الضحايا أولا. قال أحد شيوخ العشائر للصحيفة: “كيف يمكنني السماح لابن أحد أعضاء داعش بالعودة إذا لم يتم تعويض جاره عن تدمير التنظيم لمنزله”.وحتى لو وافق شيوخ العشائر، فإن العائلات في مخيم الهول لا تثق دائما في سلطتها وفقا للصحيفة التي نقلت عن سيدة تدعى نور، وهي أم لأربعة أطفال في مقابلة في مخيم الجدعة-1، القول: “قد لا تكون هناك مشكلة مع كبار شيوخ العشائر، لكن الناس ما زالوا يريدون الانتقام”.
تقول الصحيفة إن سهام، شقيقة زوج نور، عادت مع أطفالها إلى منزلها منذ أشهر لكنهم ظلوا مختبئين منذ ذلك الحين، على الرغم من تطمينات زعماء العشائر.تقول سهام في مقابلة عبر الهاتف إن “الناس لا يريدوننا”، مضيفا أنها طلبت من ابنها البالغ من العمر 18 عاما ترك المنطقة لإنه قد يقتل.بالنسبة لنور، تقول الصحيفة إنها فضلت استئجار منزل في بلدة مجاورة بدلا من العودة لمدينتها بعد مغادرتها مخيم الجدعة، لكن السلطات مع ذلك أجبرتها العائلة على العودة على أي حال. وتضيف أن نور قلقة حاليا على مصير أبنائها المراهقين لإنهم غير قادرين على الخروج للشارع وفاتتهم سنوات من التعليم.
وتتابع أن “وصمة العار المرتبطة بمخيم الهول ستجعل من الصعب العثور على عمل.. مستقبلهم انتهى”.ورفضت بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في العراق والمنظمة الدولية للهجرة طلباتها لإجراء مقابلات في هذا الشأن، وفقا للصحيفة.ويضم مخيّم الهول المتداعي والمكتظ الذي تديره قوات سوريا الديموقراطية، أكثر من خمسين ألف شخص بينهم أفراد عائلات جهاديين، من عراقيين وأجانب من نحو 60 دولة. ومنذ مايو 2021، أعاد العراق مئات من العائلات من سوريا إلى مركز الجدعة. ومذّاك غادر جزء منها إلى مناطق سكنه الأصلية.
وغالبا ما تثير عودة العائلات القادمة من الهول إلى مناطقها الجدل، بسبب شبهة انتماء أفراد منها إلى تنظيم الدولة الاسلامية، في بلد لا يزال بعد خمس سنوات من دحر التنظيم يعاني ندوب هذه الحرب. رسميا، تؤكد السلطات العراقية عزمها على إنهاء ملف النزوح وإغلاقها جميع مخيمات النازحين ونيتها إغلاق مخيم الجدعة نهائيا. وقد حقق الملف تقدما طفيفا مذاك. وغالبا ما يواجه العائدون رفضا من مجتمعاتهم المحلية ما يجعل إعادة دمجهم مهمة معقدة وطويلة.
رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=10399