المقاتلون الأجانب ـ تحذيرات أممية من استمرار بقاء الأطفال في مخيمات الاحتجاز
المقاتلون الأجانب

يوليو 2, 2022 | دراسات

لماذا تبطئ فرنسا عملية إعادة أبناء الجهاديين

خبراء الأمم المتحدة يحذّرون من استمرار بقاء الأطفال في خيام مكتظّة وسط درجات حرارة قصوى ودون مزاولة الدراسة.

العرب اللندنيةـ’ باريس – ما زال حوالي مئتي طفل من أبناء جهاديين فرنسيين، محتجزين في عزلة وفي ظل ظروف صحية مزرية داخل الصحراء السورية؛ إذ تبقى فرنسا -خلافا للدول المجاورة لها- متمنعة عن إعادتهم.ولئن كانت فرنسا قد عمدت -منذ 2016- إلى إعادة 126 طفلا التحق أهاليهم بصفوف تنظيم الدولة الإسلامية في الأراضي التي احتلها في سوريا والعراق، فإن مئتي قاصر وثمانين امرأة (وهم يمثلون القسم الأكبر من عائلات الجهاديين الفرنسيين) ما زالوا معتقلين في مخيمات تسيطر عليها الإدارة الكردية في شمال شرق سوريا.وحذت بلجيكا حذو ألمانيا وقررت في نهاية يونيو إعادة جميع أبناء جهادييها الذين لم يبق منهم سوى خمسة في سوريا. في المقابل تتمسك فرنسا بسياسة تقضي بإعادتهم بأعداد ضئيلة وبصورة متباعدة، وهو ما يعرّضها لانتقادات.

فقد اتهمت لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة فرنسا بـ”انتهاك حقوق الأطفال الفرنسيين المحتجزين في سوريا عبر الامتناع عن إعادتهم إلى الوطن”، منددة بظروف الاحتجاز “المروعة… التي تعرّض حياتهم للخطر منذ سنوات”، في تقرير نشرته في فبراير الماضي.وحذر خبراء الأمم المتحدة من أن هؤلاء الأطفال الذين يعيشون في خيام مكتظّة وسط درجات حرارة قصوى ودون مزاولة الدراسة “محرومون من المقومات الأساسية ولاسيما المياه والطعام والرعاية الصحية، ويواجهون خطر الموت الوشيك”.70 في المئة من الفرنسيين عام 2019 عبروا عن معارضتهم لعودة أبناء الجهاديين، وفق استطلاع للرأي وعلق رئيس مقاطعة سين سان دوني في الضاحية الباريسية ستيفان تروسيل قائلا “حين يتصدر هذا الموضوع أحداث الساعة، أعرف أي هواجس يمكن أن يثيرها”.

وتابع المسؤول -الذي يتولى من خلال برنامج المساعدة الاجتماعية للطفولة رعاية ثلثي الأطفال الفرنسيين العائدين من مناطق الحرب، وأساسا من منطقتيْ العراق وسوريا- أن “مشاهد أطفال خضعوا لغسل دماغ من قبل تنظيم الدولة الإسلامية وبأيديهم قطع سلاح، تبقى مطبوعة في الأذهان”.لكنه شدد على أن “الأطفال ليسوا مذنبين؛ هم قبل أي شيء ضحايا جنوح أهاليهم القاتل، وما يحتاجون إليه في المقام الأول هو إعادة بناء أنفسهم إن أردنا لهم أن يتمكنوا من الاندماج في المجتمع”.غير أن هذا الموقف مخالف للرأي السائد، إذ أعرب حوالي 70 في المئة من الفرنسيين عام 2019 عن معارضتهم لعودة أبناء الجهاديين، وفق استطلاع للرأي أجراه مكتب أودوكسا دنتسو للاستشارات لحساب إذاعة فرانس إنفو وصحيفة “لو فيغارو”.

وتبقي فرنسا عدد الذين تسترجعهم من هؤلاء العائدين -سواء منهم القصّر أو البالغون- بالحد الأدنى، ولم يصل إلى منطقة سين سان دوني عام 2021 سوى ثمانية أطفال. وتبقى المسألة بالغة الحساسية بالنسبة إلى الحكومة.لكن مع تخطي الاستحقاقات الانتخابية تأمل “جمعية العائلات الموحدة” -التي تضم عائلات فرنسيين التحقوا بمنطقة العراق وسوريا- في أن يقوم الرئيس إيمانويل ماكرون بـ”بادرة” خلال ولايته الثانية.ولم تشأ وزارة الخارجية التعليق على المسألة، ويعود آخر تصريح في هذا الشأن إلى أبريل الماضي، حين أكد الرئيس عبر فرانس إنفو أن الأيتام لن يبقوا في المخيمات، دون أن يحدد أي جدول زمني لعودتهم.

وقالت ماري دوزيه، محامية عدد من النساء والأطفال الفرنسيين المحتجزين في سوريا، “يجب عدم تركهم في الأتون، الكل ينهار نفسيّا”.وأوضح البروفسور تييري بوبيه، رئيس قسم الأمراض النفسية لدى الأطفال في مستشفى أفيسين في بوبينيي بضاحية باريس، “أنهم يختبرون في المخيمات العنف والخذلان والعزلة”.وشدد أخصائي الطب النفسي للأطفال، الذي تقوم طواقمه بتقييم كل طفل عائد، على أن “مدة تعرضهم للمخاطر هي من العوامل التي تحدد درجة خطورة الصدمة. التخلي عنهم يعني إساءة معاملتهم وارتهان مستقبلهم”.ووصفت نائبة رئيس محكمة الأطفال في بوبينيي موريال إيغلين الأطفال لدى عودتهم قائلة إن “بعضهم كانوا في وضع نفسي سيء جدا؛ يعانون من نوبات قلق كثيرة ونوم مضطرب وتساقط الشعر، في حين أن الأكبر سنا كانوا على العكس مبهورين بما يرونه من حولهم”.

وأوضح جهاز المساعدة الاجتماعية للطفولة في منطقة إيفلين الباريسية أن استقبال هؤلاء القصّر كان “مغامرة” أحاطت بها عدة محاذير عند بداياتها. وقالت رئيسة الجهاز في سين سان دوني لوسي دوبوف إن “بعض عائلات الاستقبال أو المربين كانوا يتخوفون من إدراج أسمائهم وعناوينهم على الرسائل الموجهة إلى المحكمة” خشية أن يربطهم ذلك بملفات الإرهاب.لكن بعد هذه الخطوات الأولى المتعثرة نجحت أجهزة حماية الطفولة في ترتيب نظام تكفّل يعنى بكلّ حالة على حدة، وذلك بالتنسيق مع أجهزة الحماية القضائية للطفولة وخبراء علم النفس. وأكدت مديرة جهاز المساعدة الاجتماعية للطفولة في إيفلين ساندرا لافانتورو أن الكل يعمل بشكل جماعي بهدف أن “يعود الأطفال أطفالا”.

ولا يترك عناصر رعاية الطفولة أي مسألة للصدفة؛ بدءا من إدخال الأطفال إلى المدارس التي كانوا محرومين منها، مرورا بزيارات أقربائهم أو أمهاتهم في السجن، ووصولا إلى مراقبة رسائل واتساب والرسائل الإلكترونية التي تردهم من سوريا، كما يدققون في كل جوانب ماضي العائلة الموسعة.وأوضحت لافانتورو أن “أكثر من 65 في المئة من الأهل في السجن. ندرس مسألة ما إذا كانت الزيارة إيجابيّة للطفل (أم سلبية). هناك حالات قليلة جدا يتم فيها تعليق الحق في الزيارة. وحين يحصل ذلك يكون بسبب أن تلقين عقيدة التطرف لا يزال جاريا من خلال خطاب بالغ التجييش، أو حين يخضع أطفال لضغوط بشأن تصريحات قد تكون صدرت ويمكن أن تلحق ضررا بالأهالي الذين سوف يحاكمون بتهمة ارتكاب عمل إرهابيّ”.

وتابعت أن السلطات القضائية تحاول كذلك الحصول على “تأييد الأهل والعائلة الموسعة للبرنامج التربوي، وهو أمر أساسي لنمو شخصية الطفل”، مؤكدة أنها تسعى “للتثبت من أن الأطفال سوف ينمون في ظل رواية حقيقية لقصتهم دون أسرار تُضاف إلى كل صدماتهم”.ورأت المحامية جوزين بيتون التي تمثل عددا من الأطفال أنه “ليس سهلا أن يكون للطفل والدان في السجن، وبالتالي يجب أن نشرح للأطفال حيثيّات سلوك أهاليهم”، وهي تحضر جلسات محاكمة الأهالي “لجمع فتات قصصهم” حتى “تنقلها إلى الأطفال المعنيين سواء في الوقت الراهن أو لاحقا”.

رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=8862

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ تحذيرات من مشهد إسلاموي متطرف

مكافحة الإرهاب في ألمانيا ـ تحذيرات من مشهد إسلاموي متطرف

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا قتلت الشرطة الألمانية في ميونيخ نمساوياً مسلحاً في الخامس من سبتمبر 2024، في ذكرى الهجوم الأولمبي عام 1972، يشتبه النمساوي في أنه من خلفية إسلاموية متطرفة. ويحذر الخبراء من مشهد إسلاموي متطرف في النمسا. قتلت الشرطة رجلا مسلحا...

مكافحة الإرهاب ـ تشديد سياسات الأمن واللجوء في أوروبا

مكافحة الإرهاب ـ تشديد سياسات الأمن واللجوء في أوروبا

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا شهدت القارة الأوروبية أكبر عدد من اللاجئين القادمين من أوكرانيا وسوريا وأفغانستان، بينما يظل السوريون والأفغان من أبرز طالبي اللجوء في دول مثل ألمانيا. أظهرت بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد اللاجئين وطالبي...

محاربة التطرف ـ تنامي الإسلاموفوبيا في جميع أنحاء أوروبا

محاربة التطرف ـ تنامي الإسلاموفوبيا في جميع أنحاء أوروبا

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا تتزايد ظاهرة الإسلاموفوبيا في جميع أنحاء أوروبا وقد اشتدت بسبب الصراع الدائر في الشرق الأوسط، تأتي موجة إضافية مكثفة من التضليل المعادي للإسلام - أو الانتشار المتعمد للمعلومات الكاذبة - وسط موجة متصاعدة من الإسلاموفوبيا في جميع...

Share This