الجهاديون ـ ما هي أبعاد الخلاف بين داعش والقاعدة؟
الجهاديون

يوليو 19, 2022 | دراسات

بعد احتفاء داعش باستقطاب مقاتلي القاعدة.. ما هي أبعاد الخلاف بين التنظيمين؟ – الجهاديون

مرصد الأزهر ـ احتفى تنظيم داعش الإرهابي على مدار الأيام القليلة الماضية بانضمام 11 عنصرًا من تنظيم القاعدة الإرهابي إليه. وتبارت منصاته الإعلامية على مواقع التواصل في نشر الخبر والتعليق عليه. ومن أهم ما يمكن ملاحظته في هذا الاحتفاء هو لغة الخطاب التي استخدمها تنظيم “داعش” الإرهابي في صياغة هذا الخبر، وقد ذكرت إحدى منصات التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي ما نصه: “بفضل الله وتوفيقه تاب واهتدى 11 عنصرًا من مليشيا تنظيم القاعدة في ولاية الساحل…”. كما ذكرت صحيفة التنظيم الأسبوعية في عددها (347) أن: “من جملة الأسباب التي ترك لأجلها هؤلاء المجاهدون ميليشيا القاعدة؛ عدم تطبيق الشريعة بحجة عدم التمكين…. موالاة القاعدة واختلاطها بالجبهات والمليشيات المرتدة… استحلالهم لدماء وأموال عوام المسلمين…”  وهذا ــ كما نرى ـــ خطاب استعلائي من تنظيم “داعش” الإرهابي ضد تنظيم القاعدة الإرهابي، يصف من خلاله أن كل من ينتمي إلى القاعدة مذنب وعاص وينبغي عليه التوبة وترك التنظيم. الجهاديون

كما يصف “داعش” القاعدة بـ “المليشيا والتنظيم”، وهي أوصاف لا يقبل تنظيم “داعش” إطلاقها على نفسه، وحتى في اقتباسه من الصحف العالمية التي تصفه بهذه الأوصاف يقوم التنظيم بحذفها ووضع بدلًا منها كلمة “الدولة الإسلامية”.  وهذا بلا شك يوضح مدى الخلاف الكبير بين التنظيمين، خلاف لا يمكن للقارئ العادي غير المتخصص وغير المتابع للأحداث أن يصدق أن كلا التنظيمين كانا تنظيمًا واحدًا قبل سنواتٍ قليلة، وأن قادة التنظيمين كانت تكيل المدح والإطراء، بل والدعاء بالتوفيق والسداد لبعضهما بعضًا. فما هو السبب وراء هذا الخلاف الرهيب، والذي جعل ـــ من جهة أخرى ــ أيمن الظواهري زعيم تنظيم “القاعدة” الإرهابي ينتقد تنظيم “داعش” الإرهابي ويصفه بأنه “إمارة استيلاء بلا شورى”، ويكيل الاتهامات والانتقادات لزعمائه؟ وهل هذا الخلاف خلاف ديني كما هو واضح من الاقتباسات التي ذكرناها عاليًا؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذا المقال، على النحو الآتي: الجهاديون

إن الخلافات بين التنظيمات الإرهابية بصفة عامة تحمل أحد بُعديْن، أولهما البُعد الديني، وثانيهما البُعد السياسي، أو كليهما معًا. ولكل من البعدين لغة الخطاب الخاصة به، بل والجمهور الذي يوجه له. فالأبعاد السياسية للخلاف عادة ما تُصدَّر لقادة التنظيم والدوائر الضيقة المقربة منهم، أما البعد الديني فعادة ما يُقّدم لعموم الناس، ويتصدر الجانب الإعلامي للتنظيم، بل والأهم من ذلك أن الخلاف السياسي نفسه عندما يشتد بين تنظيمين، ويصبح واضحًا ملحوظًا لا يمكن مداراته، يحاول كلا التنظيمين صبغة هذا الخلاف السياسي بالصبغة الدينية، وتصدير صورة للقارئ، بل ولأتباع كل فريق منهم أن فريقهم لم يختلف مع التنظيم الآخر لأهداف سياسية أو دنيوية، وإنما الخلاف مرجعه إلى أسباب دينية غالبًا ما تكون مثل ما اقتبسناه عاليًا “ترك الشورى، مساعدة المرتدين، عدم تطبيق الشريعة …”.  وهذا بلا شك منافٍ للحقيقة، فهذه التنظيمات قد تتغاضى فترات طويلة عن الخلافات المتعلقة بقضايا دينية، ولكنها لا تتغاضى عن الخلافات السياسية، وخصوصًا المتعلقة بالقيادة والزعامة.

وهذا يتضح من الخلافات التي دارت رحاها بين تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين، وبين تنظيم “داعش” الإرهابي وجبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وبين تنظيم “القاعدة” الإرهابي والهيئة، وبين الهيئة وكتائب حراس الدين…. رغم أنهم جميعًا كانوا تنظيمًا واحدًا. فبالرغم من أن تنظيم “داعش” الإرهابي ظل تابعًا للقاعدة منذ أيام “أبو مصعب الزرقاوي” مؤسس “داعش”، وحتى عام 2013م، فإنه قد ظهرت خلافات فقهية، ونشبت معارك بين التنظيمين، توازت معهما حرب إعلامية بمجرد انشقاق داعش عن القاعدة. ووصل الشقاق والانفصال بين التنظيمين الإرهابيين إلى ذروته في أبريل 2013م بإعلان “أبو بكر البغدادي” قيام دولته المزعومة، رافضًا دعوة القاعدة بالتراجع، ومُتهمًا القاعدة وزعيمها بالعمالة لأجهزة مخابرات دولية، والسعي للقضاء على حلم خلافتهم المزعومة. وفي تسجيل صوتي عام 2015م، رفض “أيمن الظواهري” الاعتراف بتنظيم “داعش” الإرهابي، ودعاهم إلى عدم النكس بالبيعة على حد تعبيره، ووصفها بأنها إمارة استيلاء بلا شورى. ورد عليه تنظيم داعش الإرهابي بتسجيل آخر وصف تنظيم “القاعدة” بأنه لم يَعُد قاعدة الجهاد، وأنه ينال المدح من الأعداء والأراذل على حد زعمهم. الجهاديون

ثم ظهرت بعد ذلك تسريبات لوثائق ومكاتبات تؤكد خلافات “القاعدة” وقادته مع “داعش” منذ أيام “أبو مصعب الزرقاوي”. صاحب هذه التسريبات خطاب إعلامي فاضح من القاعدة للممارسات الداعشية. وتؤكد هذه الوثائق تحذيرات القاعدة لداعش من ممارسة القتل العنيف، وقتل الصحفيين وعمال الإغاثة …. واصفة كل هذا بالمخالفات الشرعية.  هذا يعني أن تنظيم القاعدة قد صبر 10 سنواتٍ على هذه المخالفات الشرعية ولم يبرزها لقواعده؛ لأن داعش كان أحد فروعه، وهذا يؤكد أن تنظيم داعش الإرهابي لو كان قد ظل محتفظًا بتبعيته للقاعدة ما تعرض لهذه الحرب الإعلامية منها، أو لو أن التنظيم أعلن دولته المزعومة بقيادة “الظواهري” وليس “البغدادي” لتغيير الأمر كثيرًا، وظل الخلاف بينهما خلاف البيت الواحد كما وصفه “أبو محمد الجولاني” زعيم تنظيم “جبهة النصرة” المعروف حاليًا بـ”هيئة تحرير الشام”.

الشاهد هنا هو أن تنظيم “القاعدة” قد غض الطرف عن مخالفات وصفها بالمخالفات الدينية والشرعية، مارسها تنظيم “داعش” الإرهابي منذ 2003م، وحتى 2013م، ولم يبرزها طوال عقد من الزمن لقواعده، حافظ فيه “داعش” على تبعيته للقاعدة. لكن إبرازها بعد انشقاق “داعش” لم يكن لهدف ديني، وإنما كان لهدفٍ سياسي وهو فضح “داعش” وصده عن استقطاب أفراد “القاعدة” والمليشيات التابعة له.  وهذا الأمر نستنتج منه أن كلا التنظيمين لا يعيران بالًا للتعاليم الدينية، وأن الدين عندهم مجرد وسيلة للاستقطاب وخداع عقول الشباب، فداعش بشهادة القاعدة ارتكب مخالفات شرعية كثيرة شوهت صورة الإسلام ووصلت إلى حد قتل الأبرياء، وأن تنظيم القاعدة لم يَثُر على تنظيم “داعش” الإرهابي بسبب ارتكابه هذه الكبائر التي حرمها الله، وإنما ثار بسبب انشقاق “داعش” عنه، وكأن الانتماء إلى تنظيم “القاعدة” الإرهابي يبيحُ للمنتمين ارتكاب كل هذه الجرائم. وهذا أمر ينبغي التركيز عليه وإبرازه لشبابنا حتى يعرفوا مدى براجماتية هذه التنظيمات المتطرفة، ومدى استهتارهم بالدين وتعاليمه.  الجهاديون

رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=8956

تابعنا على تويتر

مقالات ذات صلة

اليمين المتطرف في ألمانيا ـ استغلال  فنون الدفاع عن النفس لتعزيز الإيديولوجية

اليمين المتطرف في ألمانيا ـ استغلال فنون الدفاع عن النفس لتعزيز الإيديولوجية

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا يصل أكثر من 200 ضابط شرطة إلى اجتماع يضم حوالي 130 رجلاً وامرأة في منطقة هاشنبورج الصغيرة في منطقة فيسترفالد. يتعلق الأمر بحدث فنون قتالية - ذو خلفية يمينية متطرفة. خلال مداهمة ليلية كبرى في منطقة فيستروالد، فضت الشرطة اجتماعًا...

اليمين المتطرف ـ فرار المتطرفين من تيليجرام إلى سيمبلكس

اليمين المتطرف ـ فرار المتطرفين من تيليجرام إلى سيمبلكس

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا فر بعض المتطرفين من اليمين المتطرف من تيليجرام إلى ملاذ جديد: سيمبلكس، خدمة الرسائل التي حصلت للتو على أكثر من مليون دولار في التمويل بمساعدة جاك دورسي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة تويتر، والمعروفة الآن باسم إكس. بدأت الهجرة...

ألمانيا ـ اتخاذ إجراءات صارمة في حالة الإدلاء بتصريحات معادية للسامية

ألمانيا ـ اتخاذ إجراءات صارمة في حالة الإدلاء بتصريحات معادية للسامية

 المرصد الأوروبي لمحاربة التطرف ـ هولندا من المقرر تنظيم مسيرات في وقت لاحق من سبتمبر 2024 لإحياء ذكرى هجمات السابع من أكتوبر 2023. سوف تتصاعد المشاعر وستواجه الشرطة مهمة صعبة. أعلنت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر (SPD) عن اتخاذ إجراءات صارمة في حالة الإدلاء...

Share This