مخاوف من تنامي النزعات الراديكالية في النمسا
زعيم حزب الحرية اليميني المتشدّد يشيد بحركة الهوية المتطرفة.
العرب اللندنية ـ تزايد القلق في النمسا وأوروبا عموما من تنامي أعداد الشباب المنضمّين إلى حركات يمينية متطرفة عابرة للحدود تعمل على وقف حركة الهجرة وتستعدي اللاجئين والأجانب من غير الديانة المسيحية، ما يضع السلم الأهلية الأوروبية على المحك.فيينا – تعكس إشادة الزعيم الجديد لحزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف هربرت كيكل بـ”حركة الهوية”، وهي حركة متطرفة تعمل عبر الحدود على تجنيد الشباب الأوروبي المناوئ للمهاجرين والإسلام، المخاوف من تنامي النزعات الراديكالية في النمسا ما يهدد السلم الاجتماعي والتعايش المشترك داخل النمسا والفضاء الأوروبي.
وقال كيكل الخميس إن “حركة الهوية ونظيراتها السياسية تستحق الدعم”، مضيفا “إنها حقا منظمة غير حكومية، وتستحق هذا الوصف، لأنها لا تحصل على أي أموال من الدولة”.ووصف كيكل حملة الحركة ضد اتفاقية الأمم المتحدة للهجرة، التي تم تبنيها في عام 2018، بأنها “مثال على المشروع السياسي المثير للاهتمام الذي يستحق الدعم”.وكانت اللجنة التنفيذية لحزب الحرية صوتت بالإجماع لصالح تولي كيكل رئاسة الحزب خلفا لزعيمه الحالي نوربرت هوفر. ومن المقرر أن يتم التصديق على القرار رسميا في المؤتمر الاتحادي للحزب في 19 يونيو.وعبر أوروبا، ومن أيرلندا إلى سلوفينيا، تقوم مجموعات من الشباب بالحشد والتعبئة ضد استقبال بلادهم للمهاجرين. وتثير حركة الهوية التي يقودها شباب مولعون بالتكنولوجيا، انتباه الكثيرين لجهودها الرامية إلى “وقف” و”عكس” تدفق المهاجرين من النصف الجنوبي للكرة الأرضية.
وخلفت أزمة المهاجرين واللاجئين بشكل عام حالة من القلق الرهيب لدى الطبقة العاملة والمتوسطة في أوروبا على مستقبل دولة الرفاه وفرص التوظيف والرعاية الصحية. واستغل اليمين المتطرف حالة القلق المتنامية تلك في الترويج لخطابه المعادي للأجانب عبر رفع شعار “المواطن أولا”، وإلقاء اللوم على النخب الحاكمة والاتحاد الأوروبي بالتسبب في تردي الأوضاع الاقتصادية للأوروبيين جراء تلك الأزمة. ولقي هذا الخطاب استحسانا وتعاطفا كبيرا وانعكس على ارتفاع أسهم اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.وتبعا لذلك، أصبحت أوروبا في السنوات الأخيرة تحت طائلة توسع وانتشار الجماعات اليمينية المتطرفة، التي تمثل تهديدا للقيم الديمقراطية الأوروبية وعائقا أمام المؤسسات السياسية من أجل ممارسة نشاطها في ترقية قيم التعايش والاحترام المتبادل بين المواطنين الأوروبيين والمهاجرين واللاجئين.
ومن بين هذه الجماعات المتطرفة حركة الهوية التي تمتد عبر العديد من الدول الأوروبية كألمانيا والنمسا وبريطانيا وفرنسا، التي قررت مؤخرا حلّ الحركة وحضرها من النشاط نهائيا على الأراضي الفرنسية.وتعتمد حركة الهوية في تأثيرها الأيديولوجي والاجتماعي والسياسي على تدريب أعضائها في تكتيكات الخداع والتلاعب ونشر الإحباط.وأصبحت الحركة بفضل نشاطها الإعلامي والإلكتروني تنتشر بشكل كبير وتصل إلى جمهور عالمي. حيث ذكر أحد الأعضاء البارزين في الحركة أنهم يريدون إنشاء فروع في جميع أنحاء العالم.
وتأسست هذه الحركة المتطرفة في سبتمبر 2012 وتوصف بأنها قومية بيضاء وفاشية جديدة ومعادية للإسلام، وقد تمّ الإعلان عن تأسيسها عبر شريط فيديو بعنوان “إعلان الحرب”، وفيه سلسلة من صور النشطاء الشباب تشرح أسباب مشاركتهم في الحركة اليمينية التي ترى بأنها “مجتمع مقاتل” يهدف إلى “الجمع بين الفتيان والفتيات في جميع أنحاء أوروبا”.وتدعو الحركة المتطرّفة، الشباب الأوروبي إلى “مواجهة أولئك الذين يريدون إلقاء اللوم على حياتنا وأفكارنا، مواجهة توحيد الشعوب والثقافات، مواجهة موجة الهجرة الجماعية، مواجهة مدرسة تخفي تاريخ شعبنا عنا لتمنعنا من محبتهم، مواجهة العيش معا المزعوم الذي يتحول إلى كابوس..”.
ومن أهم أولوياتها ترحيل اللاجئين خاصة المسلمين منهم ووقف موجات الهجرة نحو أوروبا، حفاظا “على الثقافة الأوروبية المسيحية”.أزمة المهاجرين واللاجئين خلفت حالة من القلق الرهيب لدى الطبقة العاملة والمتوسطة في أوروبا على مستقبل دولة الرفاه وفرص التوظيف والرعاية الصحية.واختارت حركة الهوية حركة “لامدا” كرمز لقتالهم ضدّ “أعدائهم”، وهو أحد حروف الأبجدية اللاتينية، الذي كان يضعه بعض المحاربين اليونانيين فوق دروعهم في أثناء حربهم ضد الفرس.ولا يخفي أنصار الحركة، نزعتهم المتطرفة وإعجابهم بالنازية وتبنيهم للعنف، إذ أن تقريرا للاستخبارات البلجيكية كشف أن اليمين المتطرف في أوروبا الغربية بدأ بتغيير نمط أنشطته، وأن قيادات بعض مجموعاته المتطرفة بدأت بأمر عناصرها بالتدريب على الرماية وحيازة أسلحة بطرق قانونية أو غير قانونية.
ووصف التقرير الشكل الجديد لليمين المتطرف بـ”اليمين المتطرف ذي الياقة البيضاء”، وقدّم حركة الهوية كنموذج لليمين المتطرف، ولفت إلى أن هذه المجموعة تحاول لفت الأنظار إليها عبر الإعلام، وتدافع عن “الهوية المسيحية لأوروبا”.ورغم الجهود المبذولة من مختلف أجهزة صناعة القرار في أوروبا لمواجهة هذه الأيديولوجيا اليمينية المتطرفة، إلا أن هذه الأخيرة لا تزال تشهد ظهورا متسارعا، دون الحديث عن الخلايا اليمينية المتطرفة النائمة والتي قد تكون بعيدة عن رقابة أجهزة الأمن والاستخبارات.ويجادل محللون بأنه إذا استمرت أوروبا بتبني المنظومة القانونية الحالية لاسيما في جانب الحريات الممنوحة للأشخاص ذوي أيديولوجيات معينة، فإن الجماعات اليمينية المتطرفة ستجد مستقبلا أرضا خصبة لممارسة العنف والتلاعب بقيم التعايش والاحترام المتبادل داخل أوروبا، وستتمكن من التدمير التدريجي للأمن المجتمعي الأوروبي.
رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=6508