الشرق الأوسط – أثار رواج مبيعات «دمى داعش» على الإنترنت في ألمانيا جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والسياسية التربوية الألمانية، بسبب استهدافها أطفال المسلمين بآيديولوجيا التطرف . وهي دمى يطلق عليها منتجوها اسم «جند الإسلام»، ويفترض أنها تلقن الأطفال منذ نعومة أظفارهم مبادئ العنف والحقد على الأديان الأخرى.
وأكد متحدث رسمي باسم وزارة الداخلية في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، تقريراً لـ«محطة راديو وتلفزيون الغرب» (ف د ر) تحدث عن دمى يروجها المتشددون على الإنترنت في مدينة كولون؛ تكرس مبادئ التطرف لدى الأطفال. وقال المتحدث إن دائرة حماية الدستور رصدت هذه الظاهرة، وأنها تراقبها عن كثب.وأضاف أن مدينة كولون هي مصدر هذه الدمى ومروجيها على الإنترنت، وأن دائرة حماية الدستور تعرف منتجيها ومروجيها، وأنها طلبت «تأويلاً» من المنتجين عن سر هذه التجارة، إلا أنها لم تتلق أي رد. ولا تستطيع الدائرة في الوقت الحالي اتخاذ أي إجراء قانوني ضد منتجي هذه الدمى، بحسب رأي المتحدث.
وتصور هذه الدمى في ملبسها ومظهرها مقاتلي «داعش» و«عرائسهم» من المتطوعات وغيرهن، إلا أنها بلا وجوه. وإذ تظهر إناث العرائس منقبات بالكامل، يظهر الذكور بزي كاكي يذكر بالبزات القتالية. ونشرت أكثر من صحيفة ألمانية صور هذه الدمى المنشورة على صفحات الإنترنت.ونقل «راديو وتلفزيون الغرب» عن الإنترنت أن مروجي عرائس «جند الله» كتبوا أيضاً في دعايتهم الترويجية على «فيسبوك»: «نريد لأشبالنا ولبؤاتنا أن يتعلموا الحشمة من خلال اللعب بالدمى». وهي طريقة اعتبرتها المحطة «طريقة تربي الأطفال على التشدد».
وترى دائرة حماية الدستور الألمانية في العائلات الإسلامية المتشددة في ألمانيا خطراً داهماً على الأمن العام، وتتعامل مع أطفالهم كمصدر خطر «لا يستهان به».جاء ذلك في دراسة تحليلية لدائرة حماية الدستور حول مخاطر التطرف الإسلامي في ألمانيا. ويذهب معدو الدراسة إلى أن خطر تطرف الأطفال لا يصدر عن العائلات التي التحقت بتنظيم داعش في سوريا والعراق فحسب، وإنما من العائلات المتشددة التي تعيش في ألمانيا أيضاً.
وتقدر الدراسة هذا الخطر على أنه صادر عن بضع مئات من العائلات الإسلامية التي تعيش في ألمانيا، وتربي عدة مئات من الأطفال. ويصف التقرير خطر تطرف أطفال العائلات المتشددة على أنه «مثير للقلق».تجري في هذه العائلات تربية الأطفال «منذ الولادة»، بحسب تقرير الدائرة الأمنية، على الآيديولوجيا المتطرفة التي تبرر العنف ضد أصحاب المعتقدات الأخرى المخالفة لعقيدتها.
وحذر بروكارد فراير، رئيس دائرة حماية الدستور الألمانية (مديرية الأمن العامة)، من مخاطر تنشئة أطفال 100 عائلة إسلامية متشددة تعيش في الولاية على آيديولوجيا التطرف والإرهاب. وذكر أن هذه المخاوف تمتد إلى أطفال العائلات المسلمة المعتدلة بفعل «دمى داعش» المتطرفة التي تستهدف الأطفال جميعاً على الإنترنت.هناك أكثر من 75 مركزاً للإرشاد في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا ضد التطرف، ويشكل القاصرون معظم زوار هذه المراكز. كما أن عمل هذه المراكز يعتمد إلى حد بعيد على تعاون ذوي الأطفال الذين يخشون من تطرف أبنائهم.
واعتبر فراير «الحكايات» التي يروجها المتشددون على الإنترنت للأطفال أخطر من الدمى، لأنها مجانية ولا يتطلب الأمر شراءها. وقال إن هذه القصص تروج لتعدد الزوجات وتصور مقاتلي «داعش» كشهداء، وتظهر المتهمين المعتقلين في ألمانيا بتهمة الإرهاب، بمظهر البراءة.وحذر فراير من التقليل من شأن تربية الأطفال على مبادئ التطرف، لأن الإرهابيين يعتبرون هؤلاء الأطفال الجيل المقبل منهم. وقدر عدد الإسلاميين المتشددين في الولاية بنحو 3000، وهو ما يشكل نسبة كبيرة من 11 ألف متشدد على المستوى الاتحادي.
من ناحيته، تحدث الناشر والسياسي علي توبراك، من الحزب الديمقراطي المسيحي، عن تأثير متزايد لمبادئ التطرف في ألمانيا. وقال توبراك إنه يريد لابنته الصغيرة، ذات الثلاث سنوات، أن تكبر وأن تقرر بنفسها ماذا ترتدي، لا أن يربيها الآخرون على ذلك منذ طفولتها.
وقال الحكم السخني، الخبير الإسلامي في جامعة كولون، إن الدمى تذكره فعلاً بـ«داعش». وقال إن خطورة الأمر تكمن في أن هذه الدعاية تجعل الأطفال في سن مبكرة يقفون مشوشين على مفترق طرق بين الطريق السليمة والطريق الخطأ.وسبق لهيربت رويل، وزير داخلية ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، أن حذر من المخاطر الناجمة عن عودة «أطفال داعش» من مناطق القتال في سوريا والعراق إلى ألمانيا.
وقال الوزير إن هؤلاء الأطفال تطرفوا كثيراً في أحضان «داعش» في سوريا والعراق. وأشار إلى 75 ألمانياً عائداً من القتال في مناطق «داعش»، بينهم 8 نساء، يضاف إليهم 18 طفلاً من مختلف الفئات العمرية.وأضاف الوزير أنه يشاهد ثغرات في النظام الأمني في ألمانيا، لأنه لا يجد رداً على سؤال كيفية التصرف مع «أطفال داعش» من عمر يقل عن 14 سنة. ويمكن لدائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العامة) أن تحفظ بيانات تفصيلية جداً حول «الداعشيين» البالغين، ولكنها تعجز عن حفظ البيانات حول الأطفال والقاصرين
رابط مختصر … https://eocr.eu/?p=878