أنقرة توسع نشاطها الاستخباراتي ضد مناوئي أردوغان
العرب اللندنية – شكل استعراض المخابرات التركية نجاحها في استعادة أحد قادة منظمة حزب العمال الكردستاني (بي.كا.كا) من السويد نقطة مفصلية تفضح مدى المخاوف التي تعتري الرئيس رجب طيب أردوغان من زعزعة نظام حكمه. وتسعى أذرع الاستخبارات التركية المستترة بالعمل الدبلوماسي في أوروبا جاهدة للإيقاع بشخصيات كردية لمعاقبتها وفق ما تقول إنهم يمارسون أعمالا ضد الدولة، إلا أنها تواجه صعوبات على ما يبدو في إثبات مزاعمها.
ويرى مراقبون أن الأمر لا يخلو من أن تكون وراءه شبهات ابتزاز تستعد أنقرة للقيام بها مع أوروبا، بمعنى أنها تريد إظهار أنها مستعدة للكف عن تعقب المعارضين على الأراضي الأوروبية في مقابل التوصل إلى تسوية عاجلة في ملف المهاجرين واللاجئين. وقال جهاز الاستخبارات، الذي يعتبر إحدى أدوات أردوغان للقيام باختراقات لدول أوروبية، إنه تمكن بالتنسيق مع السويد من جلب رسول أوزدمير الملقب بـ”زيبو”، وهو قيادي في منظمة “بي.كا.كا”، التي تصنفها أنقرة كيانا إرهابيا. وأشارت مصادر أمنية في تصريحات صحافية إلى أن أوزدمير يعد مسؤولا بحركة الشباب الثوري الوطني، الذراع الشبابية لـ”بي.كا.كا”، في قضاء جيزرة بولاية شرناق جنوب شرقي تركيا.
وأوضحت أن هذا القيادي انضم إلى المنظمة في عام 2014 وكان يعمل على تأمين مسلحين لفصائل كردية مسلحة، تعتبر ذراع “بي.كا.كا” في سوريا، وشارك في اشتباكات ضد القوات التركية بين عامي 2015 و2016. ووفقا لنفس المصادر، فإن أوزدمير هرب من تركيا بطرق غير قانونية للعلاج بعد تعرضه لإصابات في ساقه وذراعه خلال عمليات القوات الأمنية، وصدر قرار بالقبض عليه بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية، والسجن 15 عاما.ولم يصدر تعليق من دوائر صنع القرار الأوروبي على عملية التسليم لاسيما وأن السويد ليست عضوا في التكتل، غير أنها تثير مسألة حساسة تتعلق بأمن الاتحاد الذي تطمح أنقرة إلى الانضمام إليه مهما كلفها الثمن.
ومنذ انتخاب أردوغان، الذي يقدم نفسه حاميا للإرث العثماني الإسلامي، رئيسا لتركيا قبل ست سنوات، وسعت أنقرة من حملات التجسس على المعارضين في أوروبا. وتصاعدت تلك العمليات عشية استفتاء تعديل الدستور المثير للجدل قبل ثلاث سنوات، الأمر الذي أثار حفيظة العواصم الأوروبية من تمادي أنقرة في اختراقاتها الأمنية لحلفائها في المنطقة. وتصاعد التوتر بين ألمانيا وتركيا، البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) قبل الاستفتاء الذي وسع صلاحيات أردوغان، ولا يزال ذلك قائما بسبب ملفات حارقة، في مقدمتها قضية اللاجئين القادمين من تركيا إلى أوروبا.
وتحدثت العديد من التقارير في السنوات الأخيرة عن إصدار السلطات التركية تعليمات لدبلوماسييها في جميع السفارات في أوروبا بالتجسس على تحركات رعاياها هناك لمعرفة المعارضين منهم لسياسات أردوغان وحزبه الحاكم. وكان المكتب الاتحادي لحماية الدستورِ في ألمانيا (جهاز مكافحة التجسس) قد أصدر تقريرا نشرته مجلة شبيغل المحلية قبل فترة حمل إشارات لقيام الدبلوماسيين الأتراك بجمعِ معلومات في أوساط الجاليات التركية في كل من ألمانيا والنمسا وسويسرا وهولندا وبلجيكا وبلدان غربية أخرى.
وفي إنذار يتعلق باستهداف مواطنيها، حذرت النمسا في ذلك الوقت رعاياها وخاصة من أصول تركية من خطر تعرضهم للإيقاف عند وصولهم إلى تركيا، في إطار استهداف السلطات في أنقرة لمن تعتبرهم معارضين لأردوغان. أذرع الاستخبارات التركية المستترة بالعمل الدبلوماسي في أوروبا تسعى للإيقاع بشخصيات كردية لممارستها أعمالا ضد الدولة. وتقول دول أوروبية إن عددا من مواطنيها تعرضوا للاعتقال والتوقيف المؤقت والترحيل، دون أن تطلعهم أنقرة على دوافع ملموسة لذلك.
وكان مسؤولون أمنيون غربيون قد عبروا أواخر يناير 2020 عن اعتقادهم أن هجمات واسعة عبر الإنترنت استهدفت حكومات ومؤسسات أخرى في أوروبا من تنفيذ متسللين يعملون لصالح أنقرة، فضلا عن التجسس على جمعيات مدنية تركية بالداخل، ما يعكس توجه أردوغان إلى التضييق على خصومه السياسيين.ووفقا لمراجعة على سجلات الإنترنت فقد اخترق متسللون 30 مؤسسة على الأقل منها وزارات وسفارات وأجهزة أمنية، إضافة إلى شركات ومنظمات.
وأظهرت السجلات أن من بين ضحايا تلك الهجمات خدمات البريد الإلكتروني لقبرص والحكومة اليونانية. كما استهدفت الهجمات المخابرات الألبانية ومنظمات مدنية داخل تركيا.
رابط مختصر …https://eocr.eu/?p=2398