خلافات داخل الحكومة الألمانية تعرقل تمويل خطط مناهضة التطرف -ألمانيا
العرب اللندنية ـ تصطدم مطالب الأحزاب السياسية الألمانية باتخاذ سياسات وإجراءات أوسع ضد اليمين المتطرف ومكافحة معاداة السامية خاصة في أعقاب عدد من الاغتيالات شملت بعض السياسيين الألمان برفض الإدارات الفيدرالية التوقيع على خط التمويل الضروري لتنفيذ هذه الخطط.
برلين – تسببت خلافات داخل الحكومة الألمانية في عرقلة تمويل الخطط المناهضة للتطرف ومعاداة السامية والعنصرية في وقت تحذر فيه أجهزة الاستخبارات من تفاقم مخاطر التطرف العنيف. وامتنعت إدارات فيدرالية ألمانية عن التوقيع على التقرير الختامي للجنة الوزارية التى تقودها المستشارة أنجيلا ميركل، وذلك على خلفية عدم صرف الأموال من الميزانية المخصصة لعام 2021، وهي الأموال التي لا يمكن بدء المشروعات بدونها.
وكانت اللجنة الوزارية لمكافحة التطرف اليمينى والعنصرية صادقت فى نوفمبر الماضي على وثيقة مكونة من 89 بندا لمباشرة مشروعات ملموسة لمكافحة العنصرية والتطرف، وهو ما جاء فى أعقاب هجمات دامية لليمين المتطرف بمدينة هاناو عام 2020، إضافة إلى هجوم معاد للسامية في 2019. وبحسب التقارير الألمانية تم تخصيص 150 مليون يورو بالفعل فى ميزانية عام 2021 لمشروعات مكافحة العنصرية، إلا أن الوزراء المعنيين لم يتمكنوا بعد من الوصول إلى هذه الأموال بسبب رفض الإدارات المسؤولة. ألمانيا
وتتزامن هذه التطورات مع صدور التقرير السنوي لهيئة حماية الدستور (المخابرات الداخلية الألمانية) لعام 2019 الذي قدمه وزير الداخلية هورست زيهوفر في 9 يوليو2020، وتحدث فيه عن ارتفاع حاد في حوادث معاداة السامية والتطرف اليميني والعنصرية، ووصف التطرف اليميني بأنه أكبر تهديد للأمن في ألمانيا.
وتواجه ألمانيا تزايدا لافتا في عدد جرائم اليمين المتطرف، ما يؤشر على توسع نطاق فكر عنصري يهدد التعايش المشترك. وسجلت البلاد ارتفاعًا كبيرًا في عدد المتطرفين اليمينيين في العام الماضي، وأفادت تقارير استخباراتية أن عددهم في البلاد بلغ 32.080 فردا العام الماضي ويمثل هذا زيادة تقارب 8000 فرد مقارنة برقم 24.100 المسجل في العام قبل الماضي. 150 مليون يورو في موازنة 2021 لا يستطيع المعنيون بمكافحة التطرف الوصول إليها
وأشارت التقارير إلى أن حوالي 7000 عضو من قسم الشباب المنضوي تحت حزب البديل من أجل ألمانيا، ثالث القوى البرلمانية، فضلا عن أعضاء آخرين في فصيل متطرف آخر يعرف باسم “الجناح” كانوا جميعهم تحت مراقبة أعين المخابرات الداخلية الألمانية بسبب ميلوهم المتطرفة المنضوية تحت الأحزاب اليمينية المتطرفة. ألمانيا
ويتبني النازيون الجدد وهم يمينيون متطرفون يعتبرون أنفسهم امتدادًا للنظام النازي الذي حكم ألمانيا بين 1933 و1945، شعارات الأيديولوجيا النازية مثل الصليب المعقوف ويعتنقون أفكارًا معادية للمهاجرين والأشخاص غير المنحدرين من أصل ألماني. ولعل قلق السياسيين الألمان من ازدياد هذه الظاهرة يعود إلى فظائع النظام النازي. فقد لقي أكثر من 6 ملايين يهودي حتفهم من قبل النازيين في عمليات منظمة، معظمهم قتلوا في معسكرات الاعتقال.
وفي خضم ذلك قال وزير الدولة للشؤون البرلمانية شتيفان ماير إنه “تم اتخاذ العديد من الإجراءات ضد التطرف اليميني والعنصرية ومعاداة السامية كما لم تفعل الحكومة من قبل”. وأكد ماير أنه وعلى مستوى السلطات الأمنية والاتحادية، هناك تحسين مستمر لوضع المكتب الاتحادي لحماية الدستور ومكتب الشرطة الفيدرالية والشرطة الاتحادية لمكافحة التطرف اليميني. ألمانيا
ووصف الوزير أعمال العنف المعادية للسامية بأنها “رابط مهم” في المشهد اليميني المتطرف، واعتبر أن استخدام نظريات المؤامرة يشكل عاراً على ألمانيا. ويوجد ملمح آخر للتهديد الأمني في ألمانيا يتعلق بتشديد المراقبة على حمل الأسلحة. وقالت صحيفة بيلد الألمانية واسعة الانتشار إنه يوجد حوالي 5.4 مليون قطعة سلاح في البلاد.
وتقلق وزارة الداخلية خاصة من تنامي بحث اليمين المتطرف عن أسلحة من جميع الأنواع. وحجزت الشرطة 1091 قطعة سلاح في 2018 مقابل 676 في العام السابق في إطار تحقيقات حول مخالفات وجرائم منسوبة لليمين المتطرف. ونادى أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ بتعزيز التشريعات حول الأسلحة، وهو ما يعد تحديا في بلد مولع برياضة الرماية.
وتتهم ألمانيا الاستخبارات الروسية بإنشاء معسكرات تدريب واستقدام يمينين متطرفين من ألمانيا إليها، ومن ضمن المشاركين في هذه المجموعات عناصر جناح الشباب في الحزب الديمقراطي الوطني الذي يعد أكثر تطرفًا من حزب البديل لأجل ألمانيا، وكذلك عناصر من حزب متطرف يدعى الطريق الثالث.
وتشمل المعسكرات تدريبات قتالية وتعلّم حمل السلاح والتعامل معه ومع الذخائر وكيفية تنفيذ الهجمات الإرهابية، وبعد انتهاء التدريبات ينضم البعض إلى معسكرات القتال الروسية في أوكرانيا لتغذية الصراع بالمنطقة. وإلى جانب التطرف اليميني الذي يعد الأخطر في ألمانيا، صرح رئيس الاستخبارات الداخلية بألمانيا بأنه يرى تطرفا متزايدا لدى “يساريين متشددين موجهين نحو العنف”.
وقال توماس هالدنفانغ الأحد “إننا نرصد تطورا لهجمات يسارية متطرفة تتسم بأنها موجهة تماما ناحية أهداف معينة وتستهدف بشكل متزايد أشخاصا بشكل فردي (…) يتعين علينا مراقبة إذا ما كان هذا التطرف الراديكالي يتطور لتشكيل هياكل إرهابية أم لا”.
وأضاف هالدنفانغ أن الأمر لم يعد يتعلق كما كان من قبل بهجمات عفوية تصدر انطلاقا من أحداث مظاهرات، وقال “إنما يزداد تشكيل مجموعات صغيرة ترتكب أعمال عنف خطيرة بشكل مخطط له”. وأشار رئيس الاستخبارات الداخلية بألمانيا إلى أن العنف كما تتمّ رؤيته حاليًا موجه “بلا قيود ضد سلطة الدولة وكذلك أيضًا ضد معارضين سياسيين”.
رابط مختصر.. https://eocr.eu/?p=5748