أسباب تجميع صفوف “داعش” و”القاعدة” من جديد
العرب اللندنية- بروس هوفمان يؤكد أن دمج الصفوف سيؤدي إلى ولادة قوة إرهابية ذات نفوذ هائل، يمكن أن تقنع الجماعات الإسلامية – داعش – المتنافسة في المنطقة، مثل هيئة تحرير الشام بالانضمام إلى حركة شاملة يقودها الظواهري.
منذ صعود التطرف الجهادي قبل 4 عقود، تبيّن أن من سماته الأكثر ديمومة هي قدرته على إعادة تأسيس وإحياء الحركات التي بدا أنها قد هزمت. ويعكس هذا الواقع حال تنظيمي القاعدة وداعش اليوم، حيث تشير الدراسات ومتابعات الخبراء أن كلا التنظيمين لديهما مقاربة طويلة الأمد بخصوص مشروعهما “الجهادي”.
وتنهل هذه المقاربة من نفس المصدر. وقد يظهر تقارب بينهما من وقت لآخر إلا أن السمة البارزة تبقى التنافس الذي سيؤدي إلى المزيد من تشظي المشهد الجهادي بما يمكن أن يغير من تفاصيل الحرب على الإرهاب وقواعدها.
أسباب لتجميع الصفوف من جديد: يرى بروس هوفمان، الباحث في مركز الدراسات الأمنية، أن أسبابا عديدة قد تجمع بين تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة مرة أخرى، على الرغم من “طلاقهما العلني” في سنة 2014. وإذا سارت فروع تنظيم الدولة الإسلامية في أفريقيا وجنوب آسيا في هذا الطريق، فسيواجه الغرب تهديدا عالميا أكبر من الذي شهده على مدار السنوات الأخيرة المنقضية.
تشير بعض العوامل إلى أن هذا الاحتمال وارد: يشترك الكيانان في أيديولوجيات متشابهة، وكان تفكّكهما ناتجا عن صدام بين قياداتهما، ولم يكن بسبب الاختلافات في المعتقدات الأساسية التي ينشط التنظيمان وفقا لها.
الدعوة إلى الجهاد العالمي: يلتزم كل من تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة بالمبادئ التي وضعها عبدالله عزام، ويرى الأب الروحي للجهاد الأفغاني أن من واجب المسلمين أن يتولّوا الدفاع عن “إخوانهم” أينما كانوا مهدّدين. من عزام إلى أسامة بن لادن، ومن زعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري، إلى زعيم تنظيم داعش السابق أبوبكر البغدادي، اعتمد قادة التنظيمات الإرهابية رواية تزعم شن “الكفار” لحرب شرسة ضد الإسلام.
وتعدّ الدول الليبرالية الديمقراطية الغربية تجسيدا لأعداء الإسلام الذين يشملون “المرتدّين” الإقليميين الفاسدين والقمعيين المدعومين من الغرب في بلدان مثل الأردن، والشيعة وغيرهم من الأقليات المسلمة الأخرى. في هذا الصراع، تشدّد قيادات الكيانات الإرهابية على الحاجة إلى الجهاد على نطاق عالمي أوسع لهزيمة العدو الأكبر.
التنافس المتلاشي: مثّل التنافس الشرس بين البغدادي والظواهري أكبر عقبة لم تسمح بالمصالحة بين التنظيمين. وانحلّت هذه العقدة بموت البغدادي. وتوقع المتابعون أن يدفع الفراغ بقيادة تنظيم الدولة الإسلامية بعد رحيل البغدادي إلى حالة من الفوضى، ممّا سيوفّر فرصة مثالية أمام القاعدة التي تسعى للمّ شمل مقاتليها بطرق تتراوح من توظيف الدبلوماسية إلى اللجوء إلى العنف.
سيؤدي دمج الصفوف إلى ولادة قوة إرهابية ذات نفوذ هائل. ويمكن أن تثبت القوة المشتركة للجماعات كفاءتها في إقناع الجماعات الإسلامية المتنافسة في المنطقة، مثل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، بالانضمام إلى حركة شاملة يقودها الظواهري.
تحسّنت العلاقات بين هيئة تحرير الشام والقاعدة والفصائل المتشددة الأخرى مثل تنظيم حراس الدين (وهو فرع تابع لتنظيم القاعدة في سوريا) في الأشهر الأخيرة. وحث القائد العسكري أبوعبدالكريم المصري على استئناف الهجمات الإرهابية الدولية ضد الغرب، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية.
البحث عن الجيل القادم من الجهاديين: يضرّ القضاء على قائد أي جماعة إرهابية بقدرتها على التجنيد. وحاول البغدادي أن يحمي مستقبل تنظيمه عندما قرر تفجير سترة ناسفة كان يرتديها عندما شن الأميركيون غارة على مكان تواجده. لكن، بقي موته ضربة قوية لصورة تنظيم الدولة الإسلامية وقدرته على إظهار قوته ومرونته، حتى بعد تعيين خليفة له. قد يفيد ذلك تنظيم القاعدة الذي روّج لنفسه كبديل أكثر استراتيجية ونضجا لتنظيم الدولة الإسلامية.
يحتاج تنظيم القاعدة إلى اكتساب مهارات كتلك التي تمتع بها تنظيم الدولة الإسلامية في وسائل التواصل الاجتماعي وفي قدرته على شن هجمات في أماكن بعيدة مثل أوروبا الغربية وجنوب آسيا. فهل يصبح التنظيم الجهادي الأم أكثر استعدادا لخوض مرحلة جديدة باستراتجية مغايرة؟
رابط مختصر … https://eocr.eu/?p=2031